صفحة جزء
أو قرنان ، أو يا ابن منزلة الركبان ، [ ص: 283 ] أو ذات الراية ، أو فعلت بها في عكنها ; لا إن نسب جنسا لغيره ولو أبيض لأسود ، [ ص: 284 ] إن لم يكن من العرب ، أو قال مولى لغيره : أنا خير


( أو ) قال لرجل ( يا قرنان ) بفتح القاف وسكون الراء فنونان بينهما ألف علم جنس لزوج الزانية لقرنه غيره معه عليها فيحد للمرأة ويؤدب للرجل من القران وهو الجمع ، وكذلك قرن وقران ومعرص وطحان . القرافي المدار على الدلالات العرفية .

( أو يا ابن منزلة ) بضم فسكون أو فتح مثقل الزاي ( الركبان ) فيحد في الذخيرة لأن المرأة كانت في الجاهلية إذا طلبت الفاحشة أنزلت الركبان عندها ، وضابط هذا الاشتهارات العرفية والقرائن الحالية ، فمتى فقد أحلف وإن وجد أحدهما يحد ، وإن انتقل العرف وبطل بطل الحد ، ويختلف ذلك بحسب الأعصار والأمصار ، وبهذا يظهر أن ذات الراية ومنزلة الركبان لا يوجبان حدا الآن ، وأنه لو اشتهر في القذف ما لم يوجب الحد لأوجبه . [ ص: 283 ]

( أو ) قال ( يا ابن ذات الراية ) فيحد في الذخيرة ، لأن المرأة كانت في الجاهلية إذا طلبت الفاحشة جعلت على بابها راية ( أو ) قال ( فعلت ) بضم التاء ( بها ) أي المرأة ( في عكنها ) بضم العين المهملة وفتح الكاف جمع عكنة بضم فسكون ، أي طيات بطنها من سمنها فيحد عند ابن القاسم ، وقال أشهب لا يحد ( لا ) يحد ( إن نسب ) المكلف ( جنسا ) أي صنفا من الإنسان غير العرب بقرينة ما تقدم ، وكان المنسوب أبيض لمثله كقوله للرومي يا شامي أو عكسه ، أو لمثله كقوله للبربري يا حبشي أو عكسه ، بل ( ولو ) نسب ( أبيض لأسود ) كقوله للرومي يا زنجي أو عكسه بأن قال للحبشي يا رومي .

فيها إن قال لفارسي يا رومي أو يا حبشي أو لرومي يا حبشي أو نحو هذا فلا يحد . ابن القاسم اختلف عن مالك في هذا وأنا أرى أن لا حد عليه إلا أن يقول يا ابن الأسود وليس في آبائه أسود فعليه الحد ، فأما إن نسبه إلى حبشي فقال له يا ابن الحبشي وهو بربري ، فالحبشي والرومي في هذا سواء إذا كان بربريا . ابن يونس سواء يا حبشي أو يا ابن الحبشي أو يا رومي أو يا ابن الرومي فلا يحد ، وكذا عنه في كتاب محمد . وفيها من قال لعربي يا حبشي أو يا فارسي أو يا رومي فعليه الحد ، وكذلك لو قال لمصري يا يماني أو لقيسي يا كلبي فعليه الحد لأن العرب تنسب إلى آبائها ، وهذا نفي لها عن آبائها .

ابن رشد العرب تحفظ أنسابها فمن نسب واحدا منهم إلى غير جنسه ، بل إلى غير قبيلته يحد ، بخلاف من نسب غيرهم لغير جنسه أو غير قبيلته فلا يحد لأنه لا يتحقق أنه قطعه عن نسبه ، إذ لعله كذلك في نفس الأمر ا هـ . ومعناه أن العرب يعتنون بمعرفة أنسابهم جعل الله تعالى ذلك فيهم فتجد الواحد منهم يعد من آبائه العشرة أو أكثر ، وليس في ذلك كبير فائدة مزرية على غيرهم إذ هو علم لا ينفع ، وجهالته لا تضر كما في الرسالة وغيرها . زروق إنما يكون كذلك إذا لم يكن تعميقا وإلا فعلمه يضر وجهالته تنفع . [ ص: 284 ] الحافظ ابن حجر الظاهر حمل ما ورد من ذمه على التعميق فيه وإلا فعلم ما يعرف به الرحم ليوصل ، والمحارم لتجتنب في النكاح محمود مأمور به ، والعرب لا يقتصرون على هذا القدر ، فرتب هذا الحكم على تعمقهم في ذلك فليس معنى كلام ابن رشد أن غير العرب لا يتحاشون عن الزنا فإنه طعن في فرق المسلمين من فرس وروم وبربر وغيرهم ، والواقع يكذبه ، فإنه لا يرضى بالزنا من المسلمين إلا فساقهم ، ولا فرق في هذا بين العرب وغيرهم أفاده البناني .

( إن لم يكن ) الجنس المنسوب لغيره ( من العرب ) كما تقدم فإن كان من العرب فعلى القائل الحد كما تقدم ( أو قال مولى ) بفتح الميم واللام بينهما واو ساكنة ، أي عتيق ( لغيره ) أي حر أصلي ( أنا خير منك ) فلا يحد لأن وجوه الخيرية كثيرة من الدين والخلق والخلق . ابن عرفة في زاهي ابن شعبان لو قال مولى لعربي أنا خير منك حد وقاله الزهري ، وكذا لو كانا ابني عم قاله أحدهما للآخر ، وفي هاتين المسألتين اختلاف ، وبهذا أقول قال في التوضيح الأقرب خلافه لأن الخيرية تكون في الدين أو الخلق أو المجموع أو غير ذلك إلا أن يدل البساط على إرادة النسب .

التالي السابق


الخدمات العلمية