صفحة جزء
وندب جعلها في قفة ، وعزر الإمام لمعصية الله أو لحق آدمي حبسا ، ولوما ، وبالإقامة ، ونزع العمامة ، وضرب بسوط ، أو بغيره


( و ) إذا حدت المرأة ( ندب ) بضم فكسر ( جعلها ) أي المرأة حال حدها ( في قفة ) بضم القاف وفتح الفاء مثقلا ، ولما بلغ مالكا رضي الله تعالى عنه أن بعض الأمراء فعله أعجبه . زاد اللخمي ويجعل تحتها تراب مبلول بماء للستر ( وعزر ) بفتحات مثقلا ، أي أدب وعاقب ( الإمام ) أي الحاكم خليفة كان أو نائبه ( لمعصية الله ) تعالى معصية لا حد فيها ولا حق لآدمي فيها ، بدليل ما بعده كتعمد الفطر برمضان لغير عذر والتفريط في الطهارة وترك شيء مما يتعلق الصلاة ( أو لحق آدمي ) كشتمه أو ضربه ولا يخلو عن حق الله تعالى ، إذ من حق الله تعالى على مكلف تركه أذاه لغيره وإيصال الحق لمستحقه ، لكن لما كان هذا القسم إنما ينظر فيه باعتبار حق الآدمي جعل قسيما للأول ، فمن فعل شيئا من ذلك فيعزره الإمام بحسب اجتهاده ( حبسا ولوما ) بفتح فسكون ، أي توبيخا بالكلام .

( وبالإقامة ) من المجلس ، أي أمره بالوقوف على قدميه والناس جلوس ( ونزع العمامة ) من رأسه ( وضرب بسوط أو غيره ) كعصا ودرة وإن جاء فاعل معصية الله تعالى تائبا سقط تعزيره كما تقدم في قوله وأدب المفطر عمدا إلا أن يجيء تائبا ، والتأديب لمعصية الله تعالى واجب مطلقا ، ولحق الآدمي واجب إن قام به . وشرط التعزير لمعصية [ ص: 356 ] الله تعالى الاتفاق على تحريمها ، فإن كانت محرمة عند الذي رفعت إليه وغير محرمة عند غيره فلا يعزره إذا قوي دليل حلها و إلا فيعزره ، وصفته كالجلد ، لكن يكون بالدرة والعصا أيضا . ابن عرفة وموجب المعصية غير الموجبة حدا عقوبة فاعلها إن رفع للإمام ، وفي قذفها . وأما النكال والتعزير فيجوز فيه العفو والشفاعة وإن بلغ الإمام ، وقد قال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه فيمن وجب عليه التعزير والنكال وانتهى أمره للإمام إن كان من أهل العفاف والمروءة ، وإنما هي طائرة منه تجافى منه السلطان وإن عرف بالأذى ضرب النكال . الشيخ عن محمد إنما ينبغي أن يشفع ويستر من تكون منه الزلة ، وأما المعلن فأهل لأن يوجع ويزجر .

قيل للإمام مالك رضي الله تعالى عنه من له جار سوء يظهر ما لا ينبغي في الإسلام هل يدل عليه ، قال يقدم إليه وينهاه ، فإن لم ينته فليدل عليه ، وله عن ابن حبيب مشى عمر رضي الله تعالى عنه ليلا فرأى نارا في بيت فأتى إليها فإذا بقوم يشربون وفيهم شيخ ، فاقتحم عليهم وقال لهم يا أعداء الله أمكنني الله منكم ، فقال الشيخ يا أمير المؤمنين ما نحن بأعظم منك ذنبا تجسست ، وقد قال الله تعالى { ولا تجسسوا } واقتحمت ، وقد قال الله تعالى { وأتوا البيوت من أبوابها } ، ودخلت بلا إذن وقد قال الله تعالى { لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم } وخاطبتنا بما قلت ، وقد قال الله تعالى { ولا تنابزوا بالألقاب } فاحتشم عمر رضي الله تعالى عنه وقال ذروا هذه بهذه وتركهم . وسمع أشهب من قال لرجل يا كلب فذلك يختلف إما أن يقال لذي الفضل والهيئة والشرف في الإسلام أو يقال لدنيء . ابن رشد فإن كان من ذوي الهيئة عوقب القائل عقوبة خفيفة يهان بها ولا يبلغ به السجن ، وإن كان من غير ذوي الهيئة عوقب القائل أشد عقوبة الأول ، ويبلغ به فيها السجن وإن كان القائل من ذوي الهيئة والمقول له من غير [ ص: 357 ] ذوي الهيئة عوقب بالتوبيخ ، ولا يبلغ به الإهانة والسجن ، وإن كان القائل من غير ذوي الهيئة ، والمقول له من ذوي الهيئة عوقب بالضرب ، ثم قال ابن عرفة ابن شاس الأستاذ أبو بكر في أخبار الخلفاء أنهم كانوا يعاقبون الرجل على قدره وقدر جنايته منهم من يضرب ، ومنهم من يحبس ، ومنهم من يقام واقفا على قدميه في تلك المحافل ، ومنهم من تنزع عمامته ، ومنهم من يحل إزاره . قلت ومما جرى به عمل القضاة من أنواع التعزير ضرب القفا مجردا عن ساتر بالأكف .

التالي السابق


الخدمات العلمية