صفحة جزء
ولم يجبر العبد عليها ، والمأخوذ منها الجبر


( و ) إن دعا السيد رقيقه إلى كتابته فأباها ف ( لا يجبر ) بضم التحتية وفتح الموحدة ( العبد عليها ) أي الكتابة على المشهور . الجلاب ليس للسيد جبر العبد على الكتابة ، وقد قيل : إنه يجبره ( والمأخوذ منها ) أي المدونة ( الجبر ) للرقيق على الكتابة إن أباها أخذه [ ص: 439 ] أبو إسحاق من قولها من كاتب عبده على نفسه وعلى عبد للسيد غائب لزم العبد الغائب ، وإن كره لأن هذا يؤدي عنه ويتبعه إذا لم يكن ممن يعتق على الحر بملكه . ابن عرفة ابن رشد اختلف في جبر السيد عبده على الكتابة ، فروى إسماعيل القاضي له جبره وهو الآتي على قوله في المدونة ; لأنه إذا كان له أن يعتقه بتلا على مال عليه بعد عتقه دينا فأحرى الكتابة . قلت يرد بتحقق العتق في هذا ، والكتابة معروضة للعجز بعد أداء جلها ، ثم قال : وهو ظاهر سماع أشهب . واختلف قول ابن القاسم فيه فله من كاتب عبده على نفسه وعبد للسيد غائب إنها تلزمه ، وقال في العتق الثاني من قال لعبده : أنت حر على أن تدفع لي كذا ولم يسم الأجل إنه لا يكون حرا إن لم يقبل ذلك العبد ، واختار ابن بكير وإسماعيل القاضي الجبر . اللخمي لسيده جبره إن كانت بأزيد من خراجه بيسير . المتيطي اختلف هل للسيد جبر عبده على الكتابة ، فروى أصبغ عن ابن القاسم له جبره عليها .

وقال ابن الماجشون : لا يجوز للسيد أن يكاتب عبده إلا برضاه ، وحكاه أصبغ عن ابن القاسم غير واحد من الموثقين ، هذا مذهب المدونة وبه القضاء . هذا هو المشهور . العدوي وهو المعتمد والجبر ضعيف . قلت المأخوذ مما تقدم لابن عرفة ترجيح الجبر ، والله أعلم .

( تنبيهان )

الأول : أورد على الحصر في قوله : والمأخوذ منها الجبر أن ابن رشد أخذ منها عدمه أيضا . وأجيب بأن الحصر هو مقتضى كلام أبي إسحاق وهو ظاهرها . فلعل المصنف لم يقو عنده أخذ ابن رشد منها .

الثاني : أورد على أخذ أبي إسحاق بأن المسألة المأخوذ منها آل فيها الأمر إلى عتق على مال يتبعه به الحاضر ، فهي بمنزلة من أعتق على مال يكون دينا عليه ، وهذا لا يشترط فيه رضا العبد ، ويجاب عن هذا بمنع لزوم الأيلولة المذكورة لاحتمال عجز الحاضر وعجز الغائب أيضا بعد تأديته جل نجومها فيرقان ، بخلاف العتق على مال يكون دينا على العبد [ ص: 440 ] فإنه قد تحقق كما فرق به ابن عرفة بينهما وقد تقدم ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية