صفحة جزء
[ ص: 513 ] ولوارث : كغيره بزائد الثلث يوم التنفيذ


( و ) بطلت الوصية ( لوارث ) لخبر { إن الله أعطى كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث } ، وفي الموطإ السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أنه لا تجوز وصية لوارث إلا أن تجيزها ورثته ، وإن أجاز له بعضهم جاز له حق من أجاز وشمل إطلاق المصنف ثلاث صور : إيصاؤه لجميع ورثته بما يخالف حقوقهم ، وإيصاؤه لبعضهم فقط ، وإيصاؤه لجميعهم بما يوافق حقوقهم ، والبطلان ظاهر في الأولين دون الثالث إلا أن يقال : معنى بطلانه عدم الاعتداد به .

وشبه في البطلان فقال ( ك ) وصية ( لغيره ) أي الوارث ( بزائد الثلث ) وتعتبر الزيادة على الثلث ( يوم التنفيذ ) للوصية لا يوم الموت . ابن عرفة نصوص المدونة وغيرها واضحة بأن المعتبر في ثلث الميت ثلث ماله يوم تنفيذ الوصية لا يوم موته ، فيقول ابن الحاجب : ويعتبر كونه ثلث المال الموجود يوم موته ولو كان الإيصاء في الصحة خلافه . ابن الحاجب تصح للوارث ، وتوقف على إجازة الورثة كزائد الثلث لغيره ، وفي كونها بالإجازة تنفيذا أو ابتداء عطية منهم قولان . تت قول البساطي المذهب أن الوصية للوارث وبزائد الثلث صحيحتان متوافقتان على إجازة الورثة غير ظاهر ، لقول المصنف وإن أجيز فعطية .

طفي الصواب ما قال البساطي ، كما قال ابن الحاجب ونحوه لابن شاس ، فعلم من كلامهما أن القول بأنها عطية مفرع على صحتها ، والذي غر المصنف في مخالفتهما وتعبيره بالبطلان الذي لم يسبق به قوله في توضيحه : وعلى القول بأنها ابتداء عطية لا يحسن أن يقال تصح للوارث ا هـ . وتبعه تت وفيه نظر ; لأن القائل بأنها ابتداء عطية ليست عنده [ ص: 514 ] عطية حقيقة ; إذ لو كانت كذلك ما سموها إجازة لفعل الموصي . وقد عبر عياض بأنها كالعطية ولو كانت باطلة ما عبروا بالإجازة ، إذ الباطل لا يجوز ، وإنما القائل بالبطلان ابن عبد الحكم وجعلوه مقابلا للمذهب .

ابن عرفة عن ابن عبد الحكم ليس للوارث أن يجيز ما زاده الموصي على الثلث لأنه عقد فاسد للنهي عنه ا هـ . وتبعه البناني ، قلت قوله صلى الله عليه وسلم { لا وصية لوارث } وقول الإمام مالك " رضي الله عنه في موطئه السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أنه لا تجوز وصية لوارث صريحان في بطلانها . وقد قال المصنف سابقا وفسد منهي عنه إلا لدليل ولا دليل هنا على صحتها ، وكفى بهما أسوة للمصنف ، وقد نص ابن عبد الحكم على فساده للنهي عنه فالصواب ما قاله المصنف هنا ، وفي التوضيح والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية