صفحة جزء
[ ص: 424 ] ( فصل )

شرط الجمعة : وقوع كلها بالخطبة وقت الظهر للغروب ، وهل إن أدرك ركعة [ ص: 425 ] من العصر ؟ وصحح ، أو لا : رويت عليهما :


( فصل )

في بيان شروط الجمعة وسننها ومندوباتها ومكروهاتها ومسقطاتها وما يناسبها ( شرط ) صحة صلاة ( الجمعة ) بضم الميم وحكي إسكانها وفتحها ، وكسرها ( وقوع ) ها ( كلها ) فكل توكيد لمحذوف ، فاندفع ما قيل إن كلا المضاف للضمير يلزم الابتداء أو التوكيد ولا يتأثر بعامل لفظي ، وحذف المؤكد بالفتح أجازه الخليل وسيبويه والصفار ، وإن منعه الأخفش و ابن جني و ابن مالك لمنافاة الحذف التوكيد .

وأما الجواب بأن العامل في المضاف إليه الإضافة فنخلص من ضعيف بضعيف أي جميعها ( بالخطبة ) بضم الخاء المعجمة أي معها والمراد جنسها المتحقق في خطبتين ، وصلة وقوع ( وقت الظهر ) من الزوال ( للغروب ، وهل ) محل صحتها إن وقعت مع خطبتيها وقت الظهر ( إن أدرك ) أي بقي بعد صلاة الجمعة قبل الغروب ما يدرك فيه ( ركعة [ ص: 425 ] من العصر ) فإن لم يبق له ما يسع ركعة من العصر فلا تصح الجمعة وتتعين صلاة الظهر .

( وصحح ) هذا القول ، وهي رواية عيسى عن ابن القاسم ، بضم الصاد ، وكسر الحاء المهملتين مثقلا أي صححه عياض ، وهو ضعيف قاله العدوي ، وعليه فقوله للغروب أي لقربه بناء على المشهور من أن الوقت إذا ضاق اختص بالأخيرة ( أو لا ) يشترط بقاء ركعة للعصر قبل الغروب ، وهي رواية مطرف وابن الماجشون عن الإمام مالك رضي الله عنهم ، وهو الراجح . فقوله لغروب على هذا أي حقيقة ، وهذا على عدم اختصاص الوقت إذا ضاق بالأخيرة وصدر به المصنف لكونه المعتمد .

ثم حكى الخلاف كما هو إصلاحه ، أو أنه استعمل قوله للغروب في حقيقته ومجازه بناء على جواز الجمع بينهما ، وهو مذهب الأصوليين . وعلى كل لا يقال جزمه به أولا ينافي حكاية الخلاف بعده والجمعة في الوقت المذكور كالظهر في المختار والضروري ، فليس جميعه مختارا لها في جواب الاستفهام قولان ( رويت ) بضم فكسر وسكون تاء التأنيث أي نقلت المدونة ( عليهما ) أي القولين المفهومين من سياق الكلام ، ففي رواية ابن عتاب لها ، وإذا أخر الإمام الصلاة حتى دخل وقت العصر فليصل الجمعة ما لم تغب الشمس ، وإن كان لا يدرك العصر إلا بعد الغروب . وفي رواية غيره ، وإذا أخر الإمام الصلاة حتى دخل وقت العصر فليصل الجمعة ما لم تغب الشمس ، وإن كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب . عياض هذا أصح ، وأشبه برواية ابن القاسم عن مالك رضي الله تعالى عنهما .

وظاهر ما تقدم أنها لا تصح بإدراك ركعة بسجدتيها قبل الغروب ، والمعول عليه صحتها أبو بكر التونسي فإن عقد ركعة بسجدتيها قبل الغروب فخرج وقتها أتمها جمعة ، وإن لم يعقد ذلك بنى ، وأتمها ظهرا ، وهذا إذا دخل معتقدا اتساع الوقت لركعتين أو لثلاث ، أما لو دخل على أنه لا يسع إلا ركعة بعد الخطبة فإنه لا يعتد بها ولا يتمها جمعة بعد الغروب ، هذا الذي ارتضاه مصطفى .

التالي السابق


الخدمات العلمية