صفحة جزء
ولزمت المكلف الحر الذكر [ ص: 435 ] بلا عذر ، المتوطن ، وإن بقرية نائية بكفرسخ من المنار : كأن أدرك المسافر النداء قبله ، أو صلى الظهر [ ص: 436 ] ثم قدم ، أو بلغ ، أو زال عذره لا بالإقامة إلا تبعا .


( ولزمت ) الجمعة ( المكلف ) بضم الميم وفتح الكاف واللام مثقلة أي البالغ العاقل فيه مسامحا إذ لا يعد من شروط الشيء إلا ما كان خاصا به ( الحر ) لا الرقيق ولو بشائبة حرية ، ولو أذن له سيده على المشهور ( الذكر ) لا المرأة لكن الشارع جعلها بدلا عن الظهر للعبد والمرأة ونحوهما ممن لا تجب عليه ، فإن صلاها أجزأته عن الظهر وحصل له الثواب للحضور ففعله الجمعة فيه الواجب وزيادة كإبراء المعسر من الدين والوضوء قبل الوقت المسقط له بعده وليست واجبة على التخيير . وقال القرافي إنها واجبة على العبد والمرأة والمسافر على التخيير إذ لو كانت مندوبة لهم لم تكف عن الواجب . ورد بأن الواجب المخير إنما يكون بين أمور متساوية بأن يقال الواجب إما هذا ، وإما هذا .

والشارع إنما أوجب على من لم يستوف شروط الجمعة الظهر ابتداء ، لكن لما كانت الجمعة مشتملة على شروط الظهر وزيادة كفت عن الظهر . وللقرافي أن لا يلتزم هذا الاصطلاح ويقول الواجب المخير ما يكفي واحد منه في براءة الذمة على أنه لا يلزم هذا [ ص: 435 ] التعب ; لأن العبد ينوي الفرضية بالجملة فلم ينب عن الواجب إلا واجب فالندب من حيث سعيه لحضورها فقط أفاده في ضوء الشموع ، وهو ميل لقول القرافي إنها في حقهم من الواجب المخير ، وإلا فكيف يتأتى نية الواجب بغيره وعلى فرضه فلا يقيد كصلاة صبي الظهر مثلا بنية الفرض ، ثم بلوغه في وقتها فتلزمه إعادتها حال كون الحر الذكر المكلف .

( بلا عذر ) من الأعذار الآتية المسقطة لها ( المتوطن ) ببلدها بل ( وإن ) كان توطنه ( بقرية نائية ) أي بعيد عن بلدها ( بكفرسخ ) أي ثلاثة أميال وثلث ( من المنار ) أي المحل المعتاد للأذان به للجمعة ، لكن المتوطن ببلدها تنعقد به والمتوطن خارجها بكفرسخ لا تنعقد به .

وشبه في اللزوم فقال ( كأن ) بفتح الهمز وسكون النون حرف مصدري دخلت عليه كاف التشبيه ( أدرك ) أي لحق ( المسافر ) من بلد الجمعة ، وهو من أهلها وفاعل أدرك ( النداء ) أي الأذان الثاني ، وصلة أدرك ( قبله ) أي مجاوزة كالفرسخ ، ومثل الأذان الزوال على ما لابن بشير وابن عرفة من تعليق الرجوع بالزوال سمع النداء أو لا . وعلقه الباجي وسند بالأذان ، وهو ظاهر المصنف فلا يلزم الرجوع إلا بسماع النداء أفاده البناني ويجب عليه الرجوع لبلدها إن علم أو ظن إدراك ركعة منها ، وإلا فلا . وأما إن لم يكن من أهلها ، وأقام بها أربعة أيام ثم سافر منها فأدركه النداء أو الزوال قبله فلا يلزمه الرجوع ، ومال إليه العدوي . وقال الناصر يلزمه ومثله في البناني ومن سافر من بلده قبل الزوال وجاوز كالفرسخ قبله ، وأدركه نداء بلد آخر فهل تلزمه الجمعة اعتبارا بشخصه ، وتصح إمامته لأهلها وبه قال محمد الصغير أو لا تجب عليه اعتبارا ببلده ، فلا تصح إمامته لأهل ذلك البلد واستظهره العدوي .

( أو صلى ) المسافر ( الظهر ) فذا أو في جماعة وحدها أو مجموعة مع العصر كذلك [ ص: 436 ] قبل قدومه ( ثم قدم ) وطنه أو محل زوجته المدخول بها أو محلا نوى إقامة أربعة أيام به ووجدهم لم يصلوا الجمعة فتجب عليه معهم ، فإن كان قد صلى العصر أيضا وهو مسافر ثم قدم فوجدهم لم يصلوا الجمعة وجب عليه صلاة الجمعة معهم ، ويعيد العصر ندبا كمن قدمها على الظهر ناسيا ، فإن لم يصل الجمعة معهم فهل يعيد الظهر أو لا . وظاهر قوله الآتي وغير المعذور إلخ الثاني لعذره بالسفر قاله العدوي .

( أو ) صلى الصبي الظهر ثم ( بلغ ) قبل صلاة الجمعة فتجب عليه معهم ، وكذا إن صلى الجمعة ثم بلغ ووجد جمعة أخرى فإن فاتته الجمعة أعادها ظهرا ; لأن فعله الأول ولو جمعة نفل فلا يكفي عن الفرض ( أو ) صلى معذور بعذر مسقط الجمعة الظهر ثم ( زال عذره ) قبل صلاة الجمعة فتجب عليه معهم ( لا ) تجب الجمعة على المكلف الحر الذكر ( بالإقامة ) ببلدها أو خارجها بكفرسخ القاطعة حكم السفر بلا توطن ( إلا تبعا ) لأهل البلد فلا يعد من الاثني عشر ، وإن صحت إمامته لهم ومثله متوطن خارجها بكفرسخ .

التالي السابق


الخدمات العلمية