صفحة جزء
عهد لأبي بكر الصديق إلى عمر - رضي الله عنهما -

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، آخر عهده بالدنيا ، وأول عهده بالآخرة ، ساعة يؤمن فيها الكافر ، ويتقي فيها الفاجر .

[ ص: 138 ] إني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب ، فإن بر وعدل ؛ فذاك ظني به ، ورأيي فيه ؛ وإن جار وبدل فلا علم لي بالغيب ، والخير أردت لكم ؛ ولكل امرئ ما اكتسب من الإثم ؛ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .

* * *

وفي حديث عبد الرحمن بن عوف - رحمة الله عليه - ؛ قال :

دخلت على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - في علته التي مات فيها ، فقلت : أراك بارئا يا خليفة رسول الله ، فقال : أما إني - على ذلك - لشديد الوجع ؛ ولما لقيت منكم - يا معشر المهاجرين - أشد علي من وجعي .

إني وليت أموركم خيركم في نفسي ، فكلكم ورم أنفه أن يكون له الأمر من دونه .

والله لتتخذن نضائد الديباج ، وستور الحرير ، ولتألمن النوم على الصوف الأذربي ، كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان ؛ والذي نفسي بيده لأن يقدم أحدكم فتضرب رقبته في غير حد ، خير له من أن يخوض غمرات الدنيا .

يا هادي الطريق جرت ؛ إنما هو - والله - الفجر أو البجر .

[ ص: 139 ] قال : فقلت : خفض عليك يا خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فإن هذا يهيضك إلى ما بك ؛ فوالله ما زلت صالحا مصلحا ، لا تأسى على شيء فاتك من أمر الدنيا ؛ ولقد تخليت بالأمر وحدك ، فما رأيت إلا خيرا .

وله خطب ومقامات مشهورة اقتصرنا منها على ما نقلنا ، منها قصة السقيفة .

* *

التالي السابق


الخدمات العلمية