صفحة جزء
عهد من عهود عمر - رضي الله عنه -

بسم الله الرحمن الرحيم

من عبد الله عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ، إلى عبد الله بن قيس : سلام عليك .

أما بعد ؛ فإن القضاء فريضة محكمة ، وسنة متبعة ؛ فافهم إذا أدلي إليك ؛ فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له .

آس بين الناس في وجهك وعدلك ومجلسك ، حتى لا يطمع شريف في حيفك ، ولا ييأس ضعيف من عدلك .

[ ص: 141 ] البينة على من ادعى ، واليمين على من أنكر . والصلح جائز بين المسلمين ، إلا صلحا أحل حراما ، أو حرم حلالا .

ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس - فراجعت فيه عقلك ، وهديت لرشدك - أن ترجع إلى الحق ؛ فإن الحق قديم ، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل .

الفهم الفهم ، فيما تلجلج في صدرك ؛ مما ليس في كتاب ولا سنة ، ثم اعرف الأشباه والأمثال ، وقس الأمور عند ذلك ، واعمد إلى أشبهها ؛ بالحق .

واجعل لمن ادعى حقا غائبا أو بينة - أمدا ينتهي إليه ؛ فإن أحضر بينة ، أخذت له بحقه ؛ وإلا استحللت عليه القضية ؛ فإنه أنفى للشك ، وأجلى للعمى .

المسلمون عدول بعضهم على بعض ، إلا مجلودا في حد ، أو مجربا عليه شهادة زور ، أو ظنينا في ولاء أو نسب ؛ فإن الله تولى منكم السرائر ، ودرأ بالأيمان والبينات .

وإياك والغلق والضجر ، والتأذي بالخصوم ، والتنكر عند الخصومات [ ص: 142 ] فإن الحق في مواطن الحق يعظم الله به الأجر ، ويحسن به الذخر ؛ فمن صحت نيته ، وأقبل على نفسه ، كفاه الله ما بينه وبين الناس ؛ ومن تخلق للناس بما يعلم الله أنه ليس من نفسه ، شانه الله ؛ فما ظنك بثواب الله - عز وجل - في عاجل رزقه ، وخزائن رحمته ؛ والسلام .

ولعمر - رضي الله عنه - خطب مشهورة مذكورة في التاريخ ، لم ننقلها اختصارا .

* *

التالي السابق


الخدمات العلمية