[ ص: 119 ] باب 
ذكر 
الألف وموضع الهمزة منها 
اعلم أن الهمزة تقع من الألف المرسومة في الخط على ثلاثة أضرب : 
تقع قبلها ، وذلك إذا تقدمتها الهمزة ، ولفظ بالألف بعدها . وتقع فيها نفسها ، وذلك إذا كانت صورة لها . وتقع بعدها ، وذلك إذا تأخرت الهمزة ، ولفظ بالألف قبلها . 
* * * 
فأما وقوع الهمزة قبلها فعلى ضربين : مبتدأة وحشوا ، وتتحرك بالفتح لا غير . وتكون هي إما مبدلة من همزة ساكنة هي فاء من الفعل ، وإما مبدلة من ياء متحركة هي لام الفعل ، وإما زائدة للبناء ، وإما علامة للتثنية ، وإما معوضة من التنوين في حال الوقف . 
فأما المبدلة من الهمزة فنحو قوله : " ءامن الناس " ، و " ءامن الرسول " ، و " ءاتى المال " ، و " ءاتكم ما لم يؤت " ، و " ءاتيناه من الكنوز " ، و " ءامنهم " ، و " ءامنتم به " ، و " فئامن له " ،  
[ ص: 120 ] و " ءالهة " ، و " ءالهتك " ، و " ءالهتهم " ، و " ءادم " ، و " ءازر " ، وشبهه . 
وأما المبدلة من الياء فنحو قوله : " رءا كوكبا " ، و " رءا أيديهم " ، و " فرءاه حسنا " ، و " فلما رءاها " ، و " نئا بجانبه " ، و " رءا القمر " ، و " رءا الشمس " ، وشبهه مما لم تصور الهمزة فيه استغناء بها عن الصورة ، واكتفاء بها منها ، من حيث كانت حرفا من حروف المعجم . 
وأما الزائدة للبناء فنحو قوله : " ولا ءامين " ، و " إلا ءاتي الرحمن " ، و " كل ءاتوه " ، و " كلهم ءاتيه " ، و " كانت ءامنة " ، و " غير ءاسن " ، و " ءانفا " ، و 
سيئات ، و 
السيئات ، و " المنشئات " ، على  
[ ص: 121 ] قراءة من فتح الشين ، و " لئات " ، و " شنئان " ، و " مئارب " ، وشبهه . 
وأما التي للتثنية فنحو قوله : " أن تبوءا لقومكما " . ولا أعلم في كتاب الله غيره . 
وأما المعوضة من التنوين في حال الوقف فنحو قوله : 
خطئا ، و " ملجئا " ، و " متكئا " ، وشبهه مما حذفت فيه صورة الهمزة ؛ كراهة لاجتماع صورتين متفقتين . 
فإذا نقط هذا الضرب جعلت الهمزة فيه نقطة بالصفراء ، وحركتها عليها نقطة بالحمراء ، قبل الألف المصورة . إلا ما لحق الهمزة فيه تنوين فإن الحركة والتنوين يجعلان معا على الألف نفسها دون الهمزة ، لما قدمناه من العلة في ذلك . 
* * * 
وأما وقوع الهمزة في الألف نفسها فعلى ثلاثة أضرب : مبتدأة وحشوا وطرفا . وتتحرك في حال الابتداء بالحركات الثلاث ، من الفتح والكسر والضم . وتتحرك في الطرف بذلك أيضا ، وتكون ساكنة للبناء أو الجزم . وتتحرك في الحشو بالفتح لا غير ، وتكون ساكنة أيضا .  
[ ص: 122 ] فأما المبتدأة المفتوحة فنحو قوله : 
ما أمر الله ، و " أخذنا منهم " ، و 
أتينا بها ، و 
أتى أمر الله ، و " فأتهم الله " ، و 
أقيموا الصلاة ، و 
بما أراك الله ، وشبهه مما لا ألف بعدها . 
وأما المكسورة فنحو قوله : 
إيمانكم ، و 
إحدى ، و 
إحداهن ، و " إرصادا " ، و 
إصرهم ، و 
إمرا ، و 
إخراجهم ، و 
إخوانكم ، و 
إيلافهم ، وشبهه . 
وأما المضمومة فنحو قوله : 
بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك ، و " أتوا به " ، و 
أنبئكم ، و " يوم أبعث " ، و 
أوتوا العلم ، و 
أوتوه ، و " أوحي إلي " ، و " أوذوا " . 
وسواء كان بعد المكسورة ياء ، وبعد المضمومة واو في اللفظ والخط ، أو لم يكن ، وسواء دخل عليها حرف زائد ، فصارت بذلك كالمتوسطة في الخط ، أو لم يدخل ، كقوله : 
فبأي ، و 
أفأمنتم ، و 
فإخوانكم ،  
[ ص: 123 ] و " لإخواننا " ، و 
فلأمه ، و 
سأنزل ، و 
سأنبئك ، وشبهه . 
وأما المتوسطة المفتوحة فنحو قوله : 
سألتم ، و 
سألتموه ، و 
بدأكم ، و 
ذرأكم ، و 
امرأته ، و 
امرأت عمران ، و 
أن نبرأها ، وشبهه . 
وأما الساكنة فنحو قوله : 
البأساء ، و 
كأسا ، و 
بأسنا ، و 
شأنهم ، و 
الضأن ، و 
رأي العين ، و 
كدأب ، و 
دأبا ، وشبهه . 
وأما المتطرفة المفتوحة فنحو قوله تعالى : 
أن لا ملجأ ، و 
امرأ سوء ، و 
كيف بدأ الخلق ، و 
مما ذرأ ، و 
إن الملأ ، و " من سبأ " على قراءة من لم يصرفه ، و 
أسوأ ، وشبهه .  
[ ص: 124 ] وأما المكسورة فنحو قوله : 
من نبإ موسى ، و 
بالملإ ، و 
من حمإ ، و 
من سبإ بنبإ ، و 
من ملجإ ، وشبهه . 
وأما المضمومة فنحو قوله : 
ويستهزأ بها ، و 
قال الملأ الذين ، و 
نتبوأ من الجنة ، و 
يتبوأ منها ، و 
لا يصيبهم ظمأ ، و 
ملأ من قومه ، وشبهه . 
ولا يكون ما قبل الهمزة في هذا الضرب الثالث إلا مفتوحا لا غير ، بأي حركة تحركت هي . 
وأما الساكنة فنحو قوله : 
اقرأ ، و 
إن يشأ ، و 
من يشأ ، وشبهه . 
فإذا نقط هذا الضرب جعلت الهمزة نقطة بالصفراء في الألف ، وجعلت حركتها نقطة بالحمراء فوقها إذا كانت مفتوحة ، وتحتها إذا كانت مكسورة ، وأمامها إذا كانت مضمومة . وجعل علامة السكون عليها جرة لطيفة أو دارة صغيرة ، إذا كانت ساكنة .  
[ ص: 125 ] ومن أهل النقط من يجعل المبتدأة خاصة نقطة بالصفراء فقط ، دون حركة معها . ويخالف بها في الألف . فتجعل المفتوحة في رأس الألف ، وتجعل المكسورة تحت الألف ، وتجعل المضمومة في وسط الألف . ويكتفى بذلك من تحريكها . وهو مذهب حسن قريب . 
* * * 
وأما وقوع الهمزة بعد الألف فعلى ضربين ، حشوا وطرفا لا غير . وتتحرك فيهما بالحركات الثلاث بالفتح والكسر والضم . وتكون الألف قبلها حرف مد ولين ، إما مبدلا من حرف أصلي ، وإما زائدا للبناء . 
فأما المتوسطة المفتوحة فنحو قوله : 
جاءكم ، و 
جاءته ، و 
ساءت ، و 
فاءت ، و 
أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم ، وشبهه . ولم تصور هذه الهمزة في حال انفتاحها وتوسطها ؛ كراهة الجمع بين ألفين في الرسم ، واكتفاء بالواحدة منهما ، كما تقدم . فإن انكسرت أو انضمت صورت المكسورة ياء والمضمومة واوا . وذلك من حيث تقرب في التسهيل من هذين الحرفين . 
وأما المكسورة فنحو قوله : 
كبائر ، و 
شعائر ، و 
طرائق ،  
[ ص: 126 ] و 
حدائق ، و 
خزائن ، و 
خائفين ، و " الصائمين " ، و 
الملائكة ، و 
لقائه ، و " من ءابائهم " ، و 
بآبائنا ، و " قثائها " ، و 
من أنبائها ، وشبهه . 
وأما المضمومة فنحو قوله : 
أولياؤهم ، و 
أولياؤه ، و " أبناؤكم " ، و " ابتغاؤكم " ، و 
دماؤها ، و 
جزاؤهم ، و 
جزاؤه ، و " أحباؤه " ، و 
آباؤنا ، وشبهه . 
وأما المتطرفة المفتوحة فنحو قوله : 
شاء الله ، و 
جاء الحق ، و 
ساء مثلا ، و 
عن أشياء ، و 
رئاء الناس ، و 
دعاء الرسول ، و 
أنبياء الله ، و " ءالاء الله " ، و 
الجلاء ،  
[ ص: 127 ] و 
جعله دكاء ، على قراءة من مد وهمز . وكذلك 
ماء ، و 
غثاء ، و 
جفاء ، و 
نداء ، و 
دعاء ، وشبهه . 
وأما المكسورة فنحو قوله : 
من أنباء الرسل ، و 
بلقاء الله ، و 
هؤلاء ، و " هأنتم أولاء " ، و 
على سواء ، وشبهه . 
وأما المضمومة فنحو قوله : 
فما جزاء ، و 
عليهم السماء ، و 
الأنباء ، و 
الأخلاء ، و 
منه الماء ، و 
رحماء ، و 
أشداء ، و " يا زكرياء " على قراءة من مد وهمز ، و 
سواء محياهم ، و 
بلاء من ربكم ، وشبهه . 
ولم تصور الهمزة المفتوحة ألفا ، والمكسورة ياء ، والمضمومة واوا في حال تطرفها ؛ لضعفها هناك - أعني في الطرف - من حيث كان موضع التغيير بالحذف  
[ ص: 128 ] وغيره . وكان تسهيلها فيه بالبدل ، ثم بحذف المبدل منها ؛ لسكونه وسكون ما قبله . على أن المكسورة قد رسمت ياء ، والمضمومة قد رسمت واوا في مواضع مخصوصة ، على نحو حركتهما . وسيأتي ذكر ذلك فيما بعد ، إن شاء الله . 
فإذا نقط هذا الضرب جعلت الهمزة نقطة بالصفراء بعد الألف في السطر ، إن لم يكن لها صورة ، وحركتها نقطة بالحمراء من فوقها إن كانت مفتوحة ، ومن تحتها إن كانت مكسورة ، وأمامها إن كانت مضمومة . وإن صورت ياء جعلت النقطة بالصفراء في الياء نفسها ، وحركتها تحتها . وإن صورت واوا جعلت النقطة بالصفراء في الواو نفسها ، وحركتها أمامها . وإن لحق المتطرفة تنوين جعل نقطتين . 
* * * 
وعامة نقاط 
العراق  يخالفون أهل 
المدينة  وغيرهم في الهمزة المبتدأة المفتوحة التي بعدها ألف في اللفظ ، نحو : " ءامن " ، و " ءادم " ، و " ءازر " ، وبابه . فيجعلونها بعد الألف . ولا وجه لذلك ؛ لأنها ملفوظ بها قبل الألف ؛ لتقدمها عليها . فكيف تجعل بعدها ، وبفتحها يوصل إلى النطق بها ؟ 
وكذلك يخالفون الجماعة في جعلهم ضمة الهمزة التي تقع طرفا بعد الألف ، نحو : 
السفهاء ، و 
منه الماء ، وبابه ، تحت الهمزة ، كما تجعل  
[ ص: 129 ] كسرة المكسور سواء . وذلك أيضا مما لا وجه له ؛ لكونه ، مع خروجه عن فعل من ابتدأ النقط من السلف ، لحنا محققا . 
* * * 
وقد صورت الهمزة المفتوحة التي تقع قبل الألف المنقلبة عن الياء ، وقبل الألف التي للتأنيث ، ألفا على الأصل في ثلاث كلم لا غير : وهو قوله في ( والنجم ) : 
ما رأى ، و 
لقد رأى ، وقوله في ( الروم ) : 
السوأى  . 
فإذا نقطن جعلت الهمزة نقطة بالصفراء ، وحركتها نقطة بالحمراء ، في الألف نفسها ؛ لأنها صورة لها . وتجعل في ما عداهن قبل الألف ؛ لأنها لم تصور في ذلك ؛ لما ذكرناه من كونها حرفا من حروف المعجم . وتلك الألف المرسومة بعدها هي المنقلبة عن الياء التي هي لام الفعل . وقد يجوز أن تكون صورة الهمزة ، وأن تكون المنقلبة هي الساقطة من الرسم ؛ لوقوعها طرفا . والأول أوجه عندي ؛ لما بينته قبل . وبالله التوفيق .