دليل الحيران على مورد الظمآن

المارغني - إبراهيم بن أحمد المارغني

صفحة جزء
ثم قال:


إذ أصله حرفان نحو يا وما فظفرا خطا كما قد رسما

أشار هنا إلى تعليل ما قدمه من أن همز الأول من لام ألف ومده هو المعول عليه، وهذا التعليل الذي أشار إليه في هذا البيت ذكره الداني، وغيره حجة لاختيار مذهب الخليل المتقدم المتفرع عليه ما قدمه الناظم، قال الداني : عامة أهل النقط [ ص: 330 ] متقدمهم ومتأخرهم على اختيار مذهب الخليل، واحتجوا بأن هذا اللفظ كان في الأصل لاما ممطوطة بعدها ألف هكذا "لا"، كما هو الشأن في نحو "يا"، و: "ما" مما هو على حرفين، فاستقبحت العرب ذلك في لام ألف لاستواء طرفيه ومشابهته لخط الأعاجم، فغيروا صورته وحسنوها بأن ظفروا الحرفين، فأمالوا كل واحد منهما، فأدخلوه في الآخر وأخرجوه حتى لم يبق إلا شيء يسير منه بقية الدارة أسفله، فرجع بسبب ذلك الأول ثانيا، والثاني أولا كما هو الشأن في كل مظفور أن يصير يمينه يسارا، ويساره يمينا، قال: ولذلك كان كل من أتقن الكتابة يبتدئ في رسم الألف بالأيسر، ويرى أن الابتداء بالأيمن جهل؛ إذ هو كمن ابتدأ بالألف قبل الميم في نحو "ما قال"، وما ذهب إليه الأخفش من أن الطرف الثاني هو الألف رعيا للفظ غير صحيح. اه.

وبكلام الداني هذا يتضح ما ذكره الناظم في هذا البيت، وقد رد الداني مذهب الأخفش، وانتصر له بعض المحققين، ولكن العمل على مذهب الخليل، وعلى ما يتفرع عليه على مذهب الأخفش، وقول الناظم "نحو" يقرأ بالنصب على الحال من الهاء في "أصله"، وقوله: "ظفرا" ماض مبني للنائب، والألف نائب فاعله، والأولى في الفاء من "ظفرا" التخفيف، والظاهر أن قوله: "كما قد رسما" مستغنى عنه؛ إذ لم يفد به غير تشبيه الشيء بنفسه، والله أعلم،

التالي السابق


الخدمات العلمية