صفحة جزء
34 - باب فرش حروف سورة الأنعام


1 - وصحبة يصرف فتح ضم وراؤه بكسر وذكر لم يكن شاع وانجلا      2 - وفتنتهم بالرفع عن دين كامل
وبا ربنا بالنصب شرف وصلا



قرأ شعبة وحمزة والكسائي: من يصرف عنه يومئذ بفتح ضم الياء وكسر الراء، فتكون قراءة غيرهم بضم الياء وفتح الراء، وقرأ حمزة والكسائي (ثم لم تكن) بياء التذكير، فتكون قراءة غيرهم بتاء التأنيث. وقرأ حفص وابن كثير وابن عامر فتنتهم برفع التاء، فتكون قراءة غيرهم بنصبها، فيتحصل أن حمزة والكسائي يقرءان: (لم تكن فتنتهم) بياء التذكير ونصب التاء. وأن حفصا وابن كثير وابن عامر يقرءون بتاء التأنيث، ورفع التاء، وأن نافعا وأبا عمرو وشعبة يقرءون بتاء التأنيث ونصب التاء. ويؤخذ من هذا أن أحدا من السبعة لم يقرأ بالتذكير والرفع، وإن جاز هذا الوجه عربية. وقرأ حمزة والكسائي والله ربنا بنصب الباء، وقرأ غيرهما بخفضها. وقوله (وصلا) جمع واصل وهو الناقل أي شرف القرآن من وصله ونقله لغيره.


3 - نكذب نصب الرفع فاز عليمه     وفي ونكون انصبه في كسبه علا



قرأ حمزة وحفص: ولا نكذب بآيات ربنا بنصب رفع باء (نكذب) فتكون قراءة غيرهما برفعها. وقرأ حمزة وابن عامر وحفص بنصب رفع نون (ونكون) فتكون قراءة [ ص: 256 ] غيرهم برفعها. فيتحصل أن ابن عامر يقرأ ولا نكذب بالرفع، " ونكون " بالنصب، وأن حفصا وحمزة يقرءان بنصب الفعلين، وأن الباقين يقرءون برفعهما.


4 - وللدار حذف اللام الاخرى ابن عامر     والآخرة المرفوع بالخفض وكلا



قرأ ابن عامر: (ولدار الآخرة خير للذين يتقون). بحذف اللام الثانية من وللدار وخفض رفع التاء من (الآخرة)، وقرأ غيره بإثبات اللام الثانية ورفع التاء من (الآخرة)، والدال في قراءة ابن عامر مخففة، ويؤخذ تخفيفها من النص على أن اللام المحذوفة هي الأخرى، وهي لام التعريف فتكون الباقية هي الأولى، وهي لام الابتداء ولام الابتداء لا تدغم في الدال ولا في غيرها، وأما في قراءة غير ابن عامر، فالدال فيها مشددة، وأخذ تشديدها من لفظه، ومن بقاء لام التعريف التي إذا اجتمعت مع الدال أدغمت فيها.


5 - وعم علا لا يعقلون وتحتها خطابا     وقل في يوسف عم نيطلا
6 - وياسين من أصل ولا يكذبونك ال     خفيف أتى رحبا وطاب تأولا



قرأ نافع وابن عامر وحفص: أفلا تعقلون هنا الذي بعده قد نعلم ، و أفلا تعقلون ، والذين يمسكون بالكتاب في السورة التي تحت هذه السورة وهي الأعراف بتاء الخطاب، فتكون قراءة غيرهم بياء الغيب فيهما، وقرأ ابن عامر ونافع وعاصم أفلا تعقلون حتى إذا استيئس الرسل في يوسف بالخطاب، فتكون قراءة غيرهم بالغيب، وقرأ (أفلا يعقلون وما علمناه الشعر) في سورة يس ابن ذكوان ونافع بتاء الخطاب، فتكون قراءة غيرهما بياء الغيب، وقرأ نافع والكسائي فإنهم لا يكذبونك بسكون الكاف وتخفيف الذال، وأخذ سكون الكاف من لفظه، ومن ضرورة التخفيف، وقرأ الباقون بفتح الكاف وتشديد الذال، فتشديد الذال أخذ من الضد، وأما فتح الكاف فأخذ من الاجتماع، ومن ضرورة التشديد مع ملاحظة قواعد اللغة العربية، (والنيطل) الدلو، (والرحب) الواسع، و(تأولا) منصوب على التمييز أي تفسيرا.


7 - رأيت في الاستفهام لا عين راجع     وعن نافع سهل وكم مبدل جلا



[ ص: 257 ] رأى فعل ماض على زنة فعل، بفتح الفاء والعين واللام، فالراء فاء الفعل والهمزة عينه والألف لامه، وقد يسند هذا الفعل إلى تاء المخاطب نحو: رأيت. أو المخاطبين نحو: رأيتم. وقد أفاد الناظم أن الكسائي يقرأ بحذف عين هذا الفعل وهي الهمزة التي بعد الراء بشرط أن يكون هذا الفعل مقرونا بهمزة الاستفهام وتاء المخاطب نحو: أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى ، أرأيت الذي يكذب بالدين ، أرأيتم إن أتاكم ، أرأيتم إن كنت على بينة ، سواء تجرد من كاف الخطاب كهذه الأمثلة أم لحقته كاف الخطاب نحو: أرأيتك هذا الذي كرمت علي ، أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله .

وسواء تجرد من فاء العطف كهذه الأمثلة أم اقترن بها نحو: أفرأيت الذي تولى ، أفرأيت إن متعناهم سنين ، أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم ، أفرأيتم ما تمنون ، أفرأيتم ما تحرثون ، وقرأ نافع بتسهيل الهمزة الثانية التي هي عين الفعل بين بين. وروى كثير من النقلة وأهل الأداء عن ورش إبدالها ألفا مع المد المشبع للساكنين، فيكون لقالون في هذه الهمزة وجه واحد وهو التسهيل بين بين، ويكون لورش فيها وجهان: الأول كقالون، والثاني: إبدالها ألفا مع إشباع المد، فإذا لم يكن الفعل مقرونا بهمزة الاستفهام فلا خلاف بين القراء في إثبات الهمزة وتحقيقها نحو: وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا ، وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا .


8 - إذا فتحت شدد لشام وههنا     فتحنا وفي الأعراف واقتربت كلا



قرأ الشامي وهو ابن عامر بتشديد التاء في: حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج في الأنبياء، فتحنا عليهم أبواب كل شيء في هذه السورة، لفتحنا عليهم بركات في الأعراف، ففتحنا أبواب السماء بالقمر. فتكون قراءة الباقين بتخفيف التاء في المواضع الأربعة. واتفق القراء على تخفيف التاء في: حتى إذا فتحنا عليهم بابا في سورة المؤمنين، و(كلأ) فعل ماض بمعنى حفظ، وخففت همزته للضرورة.


9 - وبالغدوة الشامي بالضم ههنا     وعن ألف واو وفي الكهف وصلا



[ ص: 258 ] قرأ ابن عامر الشامي: (بالغداة والعشي) هنا، وفي الكهف بضم الغين وسكون الدال وبواو مفتوحة مكان الألف كما لفظ به، فتكون قراءة الباقين بفتح الغين والدال وألف بعدها، ويؤخذ فتح الغين من الضد وفتح الدال من ضرورة مجانسة الحركة التي قبل الألف، فيتعين أن تكون فتحة. ومعنى قوله: (وصلا) أن الشامي أتبع موضع الكهف بموضع الأنعام، فقرأه مثل قراءته.


10 - وإن بفتح عم نصرا وبعدكم     نمى تستبين صحبة ذكروا ولا
11 - سبيل برفع خذ ويقض بضم سا     كن مع ضم الكسر شدد وأهملا
12 - نعم دون إلباس وذكر مضجعا     توفته واستهوته حمزة منسلا



قرأ نافع، وابن عامر، وعاصم: (إنه من عمل منكم سوءا بجهالة). بفتح همزة (أنه) فتكون قراءة الباقين بكسرها. وقرأ ابن عامر وعاصم بفتح همزة (فإنه غفور رحيم) وهو المراد بقوله: (بعد) فتكون قراءة غيرهما بكسرها. فيتحصل: أن عاصما وابن عامر يقرءان بفتح الهمزة في الموضعين، وأن نافعا يقرأ بفتح الهمزة في الموضع الأول، وبكسرها في الموضع الثاني، وأن الباقين يقرءون بكسرها في الموضعين، وقرأ شعبة وحمزة والكسائي ولتستبين بياء التذكير، فتكون قراءة غيرهم بتاء التأنيث، وقرأ السبعة ما عدا نافعا سبيل المجرمين برفع اللام، فتكون قراءة نافع بنصبها.

والخلاصة: أن شعبة وحمزة والكسائي يقرءون (وليستبين سبيل المجرمين) بالتذكير والرفع، وأن ابن كثير وأبا عمرو وابن عامر وحفصا يقرءون بالتأنيث والرفع وأن نافعا يقرأ بتاء الخطاب في (ولتستبين) ونصب اللام في سبيل. وقرأ عاصم وابن كثير ونافع (يقض الحق) بضم سكون القاف وضم كسر الضاد مع تشديدها وإهمال نقطها، فتكون صادا فتصير (يقص الحق) من القصص فتكون قراءة الباقين بسكون القاف وكسر الضاد المعجمة المنقوطة وتخفيفها، كما نطق به، ويقفون بحذف الياء اتباعا للرسم. وقرأ حمزة: (توفته رسلنا)، (كالذي استهوته الشياطين) بالتذكير، أي بالإتيان بألف بعد الفاء في (توفته) وبعد الواو في (استهوته)، مكان تاء التأنيث فيهما مع إضجاع هذه الألف، أي إمالتها إمالة كبرى. [ ص: 259 ] وقرأ الباقون بتاء التأنيث في مكان الألف. وقوله: (منسلا) مأخوذ من انسلت القوم بمعنى تقدمتهم، وفيه إشادة بالإمام حمزة وتقدمه على أترابه في عصره، والله تعالى أعلم.


13 - معا خفية في ضمه كسر شعبة     وأنجيت للكوفي أنجى تحولا
14 - قل الله ينجيكم يثقل معهم     هشام وشام ينسينك ثقلا



قرأ شعبة لفظ " خفية " هنا في: تدعونه تضرعا وخفية وفي الأعراف في ادعوا ربكم تضرعا وخفية بكسر ضم الخاء في الموضعين، فتكون قراءة غيره بضمها فيهما. ومعنى قوله: (وأنجيت للكوفي أنجى) أن لفظ (أنجيت) في قوله تعالى لئن أنجيتنا تحول في قراءة الكوفيين إلى (أنجى)، فالكوفيون يقرءون (لئن أنجانا من هذه)

وغيرهم يقرأ (لئن أنجيتنا)، وقد لفظ الناظم بكلتا القراءتين. ثم أخبر أن هشاما يثقل مع الكوفيين الجيم من قوله تعالى: قل الله ينجيكم ، ومن ضرورة التثقيل فتح النون فتكون قراءة أهل سما وابن ذكوان بتخفيف الجيم، ومن ضرورته إسكان النون. وقيد ينجيكم بوقوعه بعد قل الله للاحتراز عن قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر ، فقد اتفق السبعة على قراءته بالتشديد. ثم بين أن ابن عامر شدد السين في: وإما ينسينك الشيطان ويلزمه فتح النون، فتكون قراءة الباقين بتخفيف السين، ويلزمه سكون النون، والنون التي تفتح في قراءة الشامي وتسكن في قراءة غيره هي النون الأولى.


15 - وحرفي رأى كلا أمل مزن صحبة     وفي همزه حسن وفي الراء يجتلا
16 - بخلف وخلف فيهما مع مضمر     مصيب وعن عثمان في الكل قللا
17 - وقبل السكون الرا أمل في صفا يد     بخلف وقل في الهمز خلف يقي صلا
18 - وقف فيه كالأولى ونحو رأت رأوا     رأيت بفتح الكل وقفا وموصلا



الفعل الماضي (رأى) من حيث الحرف الذي بعده قسمان، القسم الأول: أن يكون الحرف الذي بعده متحركا، القسم الثاني: أن يكون الحرف الذي بعده ساكنا وقد [ ص: 260 ] ذكر في البيتين الأول والثاني حكم القسم الأول، وفي الثالث والرابع حكم القسم الثاني، فأفاد في البيتين الأولين أن ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي يقرءون بإمالة الحرفين الأولين من هذا الفعل، وهما الراء والهمزة نحو: رأى كوكبا ، رأى قميصه ، رأى نارا ، وإذا رآك الذين كفروا ، رآها تهتز ، فرآه حسنا ، فلا فرق في الحرف المتحرك بين أن يكون ضميرا أو غير ضمير.

وقوله: (وفي همزه) حسن معناه أن أبا عمرو يقرأ بإمالة الهمزة فقط دون الراء. وقوله: (وفي الراء يجتلى بخلف) معناه: أنه اختلف عن السوسي في إمالة الراء، فروي عنه فيها الفتح والإمالة، ولكن المحققين على أن إمالة الراء للسوسي لم تصح من طريق الناظم، وأصله، فيجب الاقتصار له على إمالة الهمزة كالدوري عن أبي عمرو. وقوله: (وخلف فيهما مع مضمر مصيب)، أفاد أن ابن ذكوان اختلف عنه في إمالة الراء والهمزة إذا كان الحرف الذي بعد الفعل ضميرا، فروي عنه إمالتهما، وروي عنه فتحهما. فقول الناظم: (وخلف فيهما) إلخ، في قوة الاستثناء بالنسبة لابن ذكوان، فكأنه قال: يميل ابن ذكوان، وشعبة، وحمزة، والكسائي الراء والهمزة من الفعل رأى مطلقا في حال الوقف والوصل في جميع القرآن الكريم إذا كان الحرف الذي بعد الفعل متحركا، سواء كان ضميرا أم غير ضمير إلا أنه اختلف عن ابن ذكوان في إمالة الراء والهمزة إذا كان الحرف الذي بعد الفعل ضميرا، فروي عنه في الراء والهمزة وجهان: إمالتهما معا، وفتحهما معا، ومفهوم هذا: أنه إذا لم يكن الحرف الذي بعد الفعل ضميرا فلا خلاف عن ابن ذكوان في إمالة الراء والهمزة. وقوله: (وعن عثمان في الكل قللا) معناه: أنه روي عن ورش تقليل الراء والهمزة في كل المواضع، سواء كان الحرف الذي بعد الفعل ضميرا أم غير ضمير. ثم بين حكم القسم الثاني فقال: (وقبل السكون الرا أمل) إلخ، يعني: إذا وقع هذا الفعل (رأى) قبل حرف ساكن فأمل الراء في حال الوصل لحمزة، وشعبة، والسوسي بخلف عنه. وقوله: (وقل في الهمز خلف يقي صلا) معناه: أنه اختلف عن السوسي وشعبة في إمالة الهمزة حال الوصل، فروي عن كل منهما فتحها وإمالتها، ويؤخذ من هذا كله: أن حمزة يميل الراء فقط حال الوصل قولا واحدا، وليس له إمالة في الهمزة، وشعبة يميل الراء، وله في الهمزة الفتح والإمالة. والسوسي له الخلف في الراء والهمزة جميعا، فله في الراء الفتح والإمالة، وله في الهمز [ ص: 261 ] الفتح والإمالة.

هذا ما يؤخذ من النظم صراحة، ولكن الذي عليه المحققون من أهل الأداء، ولا يصح الأخذ بخلافه أن السوسي ليس له إمالة في هذا القسم لا في الراء ولا في الهمز، وأن شعبة ليس له إمالة إلا في الراء كحمزة ولا إمالة له في الهمز.

والخلاصة: أن هذا القسم يميل الراء فيه شعبة وحمزة، ولا يميل أحد فيه همزه.

وقد وقع هذا الفعل قبل الساكن في ستة مواضع: رأى القمر ، رأى الشمس هنا، " رأى الذين " في النحل في موضعين: ورأى المجرمون النار في الكهف، ولما رأى المؤمنون الأحزاب في سورتها. وقوله: (وقف فيه كالأولى) (فيه) بمعنى: عليه، والمراد من (الأولى) الكلمة الأولى وهي رأى كوكبا يعني: إذا وقفت على (رأى) الواقع قبل ساكن كان حكمه حكم الواقع قبل متحرك فيميل الراء والهمزة فيه ابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي، ويميل الهمزة فقط أبو عمرو، ويقللهما ورش. وقوله: (ونحو رأت رأوا رأيت بفتح الكل وقفا وموصلا) معناه: إذا كان الساكن الذي بعد فعل (رأى) لازما له لا ينفك عنه، فقد اتفق القراء على فتح الراء والهمزة ولا إمالة فيه لأحد مطلقا لا وقفا ولا وصلا نحو: فلما رأته حسبته ، وإذا رأوك ، وإذا رأوهم ، فلما رآه ، وإذا رأيت الذين ، فلما رأينه ، إذا رأتهم .


19 - وخفف نونا قبل في الله من له     بخلف أتى والحذف لم يك أولا



خفف نون أتحاجوني الواقعة قبل لفظ في الله ابن ذكوان ونافع وهشام بخلف عنه، فينطق على هذه القراءة بنون واحدة مخففة مكسورة وبعدها الياء الساكنة، وشددها الباقون وهو الوجه الثاني لهشام، وأصل هذه الكلمة (أتحاجونني) بنونين الأولى نون الرفع أي الدالة على رفع الفعل، والثانية: نون الوقاية، وللعرب في هذا وأمثاله ثلاث لغات: الأولى: إبقاء النونين على حالهما، الثانية: إدغام النون الأولى في الثانية فينطق بنون واحدة مشددة، الثالثة: حذف إحدى النونين فينطق بنون واحدة مخففة، وقد قرئ بهذه اللغات الثلاث في قوله تعالى: قل أفغير الله تأمروني أعبد ، ولم يقرأ هنا إلا بالثانية والثالثة. وقوله: (والحذف لم يك أولا) معناه: أن المحذوف من النونين على قراءة نافع ومن معه هي الثانية دون الأولى، لأن الأولى أمارة على رفع الفعل، والأمارة أولى [ ص: 262 ] بالمراعاة من الوقاية على أن وقاية الفعل من الكسر حاصلة بالأولى أيضا، يضاف إلى هذا أن الثقل إنما حصل بالثانية، فكانت أولى بالحذف.


20 - وفي درجات النون مع يوسف ثوى     ووالليسع الحرفان حرك مثقلا
21 - وسكن شفاء واقتده حذف هائه     شفاء وبالتحريك بالكسر كفلا
22 - ومد بخلف ماج والكل واقف     بإسكانه يذكو عبيرا ومندلا



قرأ الكوفيون: نرفع درجات من نشاء ، هنا وفي يوسف بإثبات النون أي التنوين في تاء درجات، فتكون قراءة غيرهم بحذف التنوين في الموضعين. وقرأ حمزة والكسائي: " واليسع " في الحرفين أي الموضعين هنا، وفي (ص) والقرآن بتحريك اللام أي فتحها وبتثقيلها وتسكين الياء، فتكون قراءة غيرهما بإسكان اللام مخففة وفتح الياء. وقرأ حمزة والكسائي: فبهداهم اقتده بحذف هاء اقتده وصلا، وقرأ ابن عامر بتحريك الهاء بالكسر وصلا أيضا، وقرأ ابن ذكوان بخلف عنه بمد الهاء أي إشباع حركتها حتى يتولد منها فتكون قراءة هشام بتحريك الهاء بالكسر من غير إشباع ولا صلة، وهو الوجه الثاني لابن ذكوان. وفي قول الناظم: (ماج) إشارة إلى ضعف الخلاف واضطرابه عن ابن ذكوان إذ ليس له من طريق النظم إلا إشباع الهاء وإن كان الوجه الثاني وهو كسر الهاء مع قصرها صحيحا عنه أيضا. وقرأ غير حمزة والكسائي وابن عامر بإثبات الهاء ساكنة وصلا، ولما ذكر الناظم حكم الهاء وصلا لجميع القراء أتبعه ببيان حكمها وقفا فقال: (والكل واقف) إلخ.

المعنى: أن كل القراء وقف على اقتده بإثبات الهاء وإسكانها، فيكون قوله: (والكل واقف) بإسكانه إلخ، دليلا على أن الأحكام الأولى خاصة بحال الوصل. و(يذكو) من ذكت النار إذا اشتعلت. و(العبير) الزعفران. و(المندل) العود الهندي.


23 - وتبدونها تخفون مع تجعلونه     على غيبه حقا وينذر صندلا



قرأ ابن كثير وأبو عمرو: (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا)، بياء الغيب في الأفعال الثلاثة فتكون قراءة غيرهما بتاء الخطاب فيها. ثم عطف على الغيب فقال: [ ص: 263 ] (وينذر صندلا) يعني أن شعبة قرأ: (ولينذر أم القرى) بياء الغيب، فتكون قراءة غيره بتاء الخطاب وحذف لام (ولتنذر) ضرورة. و(الصندل) نوع من العود ذو رائحة طيبة.


24 - وبينكم ارفع في صفا نفر وجا     عل اقصر وفتح الكسر والرفع ثملا
25 - وعنهم بنصب الليل واكسر بمستقر     ر والقاف حقا خرقوا ثقله انجلا



قرأ حمزة وشعبة وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر: لقد تقطع بينكم برفع النون، فتكون قراءة غيرهم بنصبها. وقرأ الكوفيون: (وجعل الليل) بقصر وجعل، أي بحذف الألف بعد الجيم وفتح كسر العين وفتح رفع اللام في جعل ونصب لام الليل فتكون قراءة غيرهم بمد جعل أي: بإثبات ألف بعد الجيم وبكسر العين ورفع اللام وخفض لام الليل. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو واحدة فمستقر بكسر القاف فتكون قراءة غيرهما بفتحها، وقرأ نافع: وخرقوا له بتثقيل الراء وغيره بتخفيفها. و(ثملا) مبني للمفعول: أصلح.


26 - وضمان مع ياسن في ثمر شفا     ودارست حق مده ولقد حلا
27 - وحرك وسكن كافيا واكسرانها     حمى صوبه بالخلف در وأوبلا



قرأ حمزة والكسائي: انظروا إلى ثمره ، كلوا من ثمره هنا، ليأكلوا من ثمره في (يس) بضم الثاء والميم فتكون قراءة غيرهما بفتح الثاء والميم في المواضع الثلاثة. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (وليقولوا دارست) بالمد أي بإثبات ألف بعد الدال، فتكون قراءة غيرهما بالقصر، أي بحذف الألف بعد الدال، وقرأ ابن عامر بتحريك السين بالفتح وتسكين التاء فتكون قراءة غيره بسكون السين وفتح التاء. والحاصل: أن نافعا والكوفيين يقرءون بحذف الألف بعد الدال مع إسكان السين وفتح التاء، وأن ابن كثير وأبا عمرو يقرءان بألف بعد الدال مع إسكان السين وفتح التاء، وأن ابن عامر يقرأ بلا ألف مع فتح السين وسكون التاء، وقرأ أبو عمرو وابن كثير وشعبة بخلف عنه بكسر همزة (إنها) في قوله تعالى: وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ، وقرأ الباقون بفتح الهمزة وهو الوجه الثاني لشعبة. (والصوب): نزول المطر. و(در) تتابع نزوله، و(أوبل) صار ذا وبل.

[ ص: 264 ]

28 - وخاطب فيها يؤمنون كما فشا     وصحبة كفء في الشريعة وصلا



قرأ ابن عامر وحمزة: (إذا جاءت لا يؤمنون) بتاء الخطاب وغيرهما بياء الغيب.

وقرأ ابن عامر وشعبة وحمزة والكسائي: (فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون) في الشريعة وهي الجاثية بتاء الخطاب، وقرأ غيرهم بياء الغيب.


29 - وكسر وفتح ضم في قبلا حمى     ظهيرا وللكوفي في الكهف وصلا



قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكوفيون: وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ، بضم كسر القاف وضم فتح الباء، فتكون قراءة نافع وابن عامر بكسر القاف وفتح الباء.

وقرأ الكوفيون: أو يأتيهم العذاب قبلا في الكهف. بضم كسر القاف وضم فتح الباء، فتكون قراءة أهل سما وابن عامر بكسر القاف وفتح الباء.


30 - وقل كلمات دون ما ألف ثوى     وفي يونس والطول حاميه ظللا



قرأ الكوفيون: (وتمت كلمت ربك) هنا بغير ألف بعد الميم، وقرأ غيرهم بثبوت الألف. وقرأ أبو عمرو وابن كثير والكوفيون: (كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا)، (إن الذين حقت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون) كلاهما في سورة يونس، (وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا) في غافر. من غير ألف بعد الميم في المواضع الثلاثة، وقرأ نافع وابن عامر بإثبات الألف في المواضع الثلاثة.


31 - وشدد حفص منزل وابن عامر     وحرم فتح الضم والكسر إذ علا
32 - وفصل إذ ثنى يضلون ضم مع     يضلوا الذي في يونس ثابتا ولا



قرأ حفص وابن عامر أنه منزل من ربك بتشديد الزاي ويلزمه فتح النون، وقرأ غيرهما بتخفيف الزاي ويلزمه سكون النون. وقرأ نافع وحفص: حرم عليكم بفتح ضم الحاء وفتح كسر الراء، فتكون قراءة غيرهما بضم الحاء وكسر الراء. وقرأ نافع والكوفيون: وقد فصل بفتح ضم الفاء وفتح كسر الصاد، فتكون قراءة غيرهم بضم الفاء وكسر الصاد. فيتحصل مما ذكر: أن نافعا وحفصا يقرءان بفتح الفاء والصاد في [ ص: 265 ] (فصل) وفتح الحاء والراء في (حرم)، وأن شعبة وحمزة والكسائي يقرءون بفتح الفاء والصاد في (فصل) وضم الحاء وكسر الراء في (حرم)، وقرأ الباقون وهم: ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر بضم الفاء وكسر الصاد في (فصل)، وبضم الحاء وكسر الراء في (حرم)، ويؤخذ من هذا: أنه لم يقرأ قارئ بضم الفاء وكسر الصاد في (فصل) وبفتح الحاء والراء في (حرم)، وقرأ الكوفيون: وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم هنا، ربنا ليضلوا عن سبيلك في يونس بضم الياء في الموضعين. وقرأ غيرهم بفتح الياء فيهما.


33 - رسالات فرد وافتحوا دون علة     وضيقا مع الفرقان حرك مثقلا
34 - بكسر سوى المكي ورا حرجا هنا     على كسرها إلف صفا وتوسلا



قرأ ابن كثير وحفص: رسالته ، في قوله تعالى الله أعلم حيث يجعل رسالته بالإفراد أي: بلا ألف بعد اللام مع فتح التاء وقرأ غيرهما بالجمع أي: بألف بعد اللام مع كسر التاء، وقرأ السبعة إلا ابن كثير المكي " ضيقا " هنا في قوله تعالى: يجعل صدره ضيقا ، مكانا ضيقا بالفرقان بتحريك الياء بالكسر مع تشديدها. وقرأ ابن كثير بإسكان الياء مخففة في الموضعين، وقرأ نافع وشعبة " حرجا " بكسر الراء، وقرأ غيرهما بفتحها.


35 - ويصعد خف ساكن دم ومده     صحيح وخف العين داوم صندلا



قرأ ابن كثير: كأنما يصعد بتخفيف الصاد وإسكانها، فتكون قراءة غيره بتشديد الصاد وفتحها، وقرأ شعبة بمد الصاد أي: ألف بعدها، فتكون قراءة الباقين بغير ألف، وقرأ ابن كثير وشعبة بتخفيف العين، فتكون قراءة غيرهما بتشديدها.

والخلاصة: أن ابن كثير يقرأ بسكون الصاد وتخفيف العين. وشعبة يقرأ بتشديد الصاد مفتوحة وألف بعدها وتخفيف العين، والباقون يقرءون بتشديد الصاد والعين من غير ألف بينهما. واتفق القراء على قراءة: إليه يصعد الكلم الطيب بفاطر بسكون الصاد وتخفيف العين من غير ألف.


36 - ونحشر مع ثان بيونس وهو في     سبا مع نقول اليا في الاربع عملا



[ ص: 266 ] قوله تعالى هنا: (ويوم نحشرهم جميعا يا معشر الجن)، وفي يونس (ويوم نحشرهم كأن لم يلبثوا)، وفي سبإ (ويوم نحشرهم جميعا ثم يقول). قرأ حفص هذه الأفعال الأربعة بالياء فتكون قراءة غيره بالنون في الأربعة. وقيد موضع يونس بأنه الثاني، للاحتراز عن الموضع الأول فيها وهو: (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم). فقد اتفق القراء على قراءته بالنون كما اتفقوا على قراءته بالنون في الموضع الأول في هذه السورة وهو: (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون).

و(عملا) بالبناء للمجهول أي أعمل الياء في الأفعال المذكورة.


37 - وخاطب شام يعملون ومن تكو     ن فيها وتحت النمل ذكره شلشلا



قرأ ابن عامر: (وما ربك بغافل عما تعملون)، الذي بعده وربك الغني ذو الرحمة بتاء الخطاب، فتكون قراءة غيره بياء الغيب. وقرأ حمزة والكسائي: (ومن تكون له عاقبة الدار) هنا، وفي القصص بياء التذكير، فتكون قراءة غيرهما بتاء التأنيث.


38 - مكانات مد النون في الكل شعبة     بزعمهم الحرفان بالضم رتلا



قرأ شعبة لفظ: (مكانتكم) في جميع القرآن بمد النون أي إثبات ألف بعدها نحو قل يا قوم اعملوا على مكانتكم ، ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم ، فتكون قراءة غيره بالقصر أي بحذف الألف. وقرأ الكسائي لفظ بزعمهم في الحرفين أي الموضعين: فقالوا هذا لله بزعمهم ، لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم ، بضم الزاي، فتكون قراءة غيره بفتحها.


39 - وزين في ضم وكسر ورفع قت     ل أولادهم بالنصب شاميهم تلا
40 - ويخفض عنه الرفع في شركاؤهم     وفي مصحف الشامين بالياء مثلا
41 - ومفعوله بين المضافين فاصل     ولم يلف غير الظرف في الشعر فيصلا
42 - كلله در اليوم من لامها فلا     تلم من مليمي النحو إلا مجهلا


[ ص: 267 ] 43 - ومع رسمه زج القلوص أبي مزا     دة الأخفش النحوي أنشد مجملا



تلا ابن عامر: وكذلك زين بضم الزاي وكسر الياء ورفع لام (قتل)، ونصب دال (أولادهم)، وخفض رفع همزة (شركاؤهم)، فتكون قراءة الباقين بفتح الزاي والياء ونصب لام (قتل) وخفض دال (أولادهم)، ورفع همزة (شركاؤهم)، ثم أفاد الناظم أن (شركائهم) مرسوم بالياء في المصحف الذي بعثه الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى الشام، وتوجيه قراءة ابن عامر: أن (زين) فعل ماض مبني للمفعول، و(قتل) نائب الفاعل، و(أولادهم) بالنصب مفعول المصدر، وهو و(قتل) مضاف و(شركائهم) مضاف إليه، وفصل مفعول المصدر، وهو (أولادهم) بين المضاف والمضاف إليه.

وقد خاض بعض نحاة البصرة في قراءة ابن عامر لما فيها من الفصل بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول. وقالوا: لا يصح الفصل بين المضاف والمضاف إليه إلا بالظرف، ويكون ذلك في الشعر خاصة، ولا يكون في الكلام المنثور فضلا عن كلام الله تعالى. وقد نقل الناظم كلام النحاة في قوله: (ولم يلف غير الظرف في الشعر فيصلا)، ومثل له بقوله: (كلله در اليوم من لامها) فقوله: (در) مضاف إلى الاسم الموصول وهو (من). وفصل بينهما باليوم، وهو ظرف، والتقدير: لله در من لامها اليوم. وفي قوله: (فلا تلم من مليمي النحو إلا مجهلا) إشارة إلى أن النحاة الذين أنكروا هذه القراءة فريقان: فريق أنكرها لمخالفتها القياس وفصيح الكلام، وفريق أنكرها وجهل القارئ بها وهو ابن عامر أي: نسبه للجهل، وكلا الفريقين آت بما يلام عليه لإنكاره قراءة متواترة، وإن كان الفريق الأول أحسن حالا من الفريق الثاني. فقوله: (فلا تلم من مليمي النحو إلا مجهلا) معناه: لا تذم من هذين الفريقين إلا الفريق الثاني لأنه تعدى طوره بطعنه في إمام من أئمة المسلمين أجمعت الأمة على جلالة قدره وكمال ضبطه. وقوله: (ومع رسمه زج القلوص) إلخ معناه: أنه يعضد قراءة ابن عامر أمران: الأول: أن (شركاؤهم) رسم في المصحف الشامي بالياء. الثاني: ما أنشده الأخفش عن بعض العرب (فزججتها) أي ضربتها بمزجة، (زج القلوص أبي مزادة)، والشاهد فيه أن (زج) مصدر، وهو مضاف إلى (أبي مزادة)، و(القلوص) مفعول المصدر. وقد فصل بين المضاف والمضاف إليه، و(القلوص) الشابة من الإبل. وقوله: [ ص: 268 ] (أنشد مجملا) رأى محسنا وهو حال من فاعل أنشد، وهو الأخفش. وأقول: قراءة ابن عامر ثابتة بطريق التواتر وهو طريق قطعي. والقراءة إذا ثبتت بطريق التواتر لا تحتاج إلى ما يسندها من كلام العرب بل تكون هي حجة يرجع إليها ويستشهد بها.


44 - وإن يكن أنث كفؤ صدق وميتة     دنا كافيا وافتح حصاد كذي حلا
45 - نما وسكون المعز حصن وأنثوا     يكون كما في دينهم ميتة كلا



قرأ ابن عامر وشعبة: (وإن يكن ميتة) بتاء التأنيث في (يكن) فتكون قراءة غيرهما بياء التذكير، وقرأ (ميتة) بالرفع كما لفظ به ابن كثير وابن عامر، فتكون قراءة غيرهما بالنصب.

فيتحصل: أن ابن عامر يقرأ بتأنيث (يكن) ورفع (ميتة)، وأن شعبة يقرأ بالتأنيث والنصب.

وأن ابن كثير يقرأ بالتذكير والرفع. وأن الباقين بالتذكير والنصب. وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وعاصم بفتح الحاء في (حصاده) فتكون قراءة غيرهم بكسرها. وقرأ نافع والكوفيون ومن المعز بسكون العين، فتكون قراءة غيرهم بفتحها. وقرأ ابن عامر وحمزة وابن كثير (إلا أن يكون) بتاء التأنيث، فتكون قراءة غيرهم بياء التذكير، وقرأ ابن عامر (ميتة) بالرفع كما لفظ به، فتكون قراءة غيره بالنصب. فيتحصل: أن ابن عامر يقرأ بتأنيث يكون، ورفع (ميتة)، وأن حمزة وابن كثير يقرءان بالتأنيث والنصب، وأن الباقين يقرءون بالتذكير والنصب.


46 - وتذكرون الكل خف على شذا     وأن اكسروا شرعا وبالخف كملا



قرأ حفص وحمزة والكسائي لفظ (تذكرون) بتخفيف الذال في كل مواضعه من القرآن الكريم إذا كان بتاء واحدة مثناة فوقية نحو: وصاكم به لعلكم تذكرون ، خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ، وقرأ الباقون بتشديد الذال حيث ورد وقرأ حمزة والكسائي وأن هذا صراطي بكسر الهمزة وتشديد النون، وقرأ ابن عامر بفتح الهمزة وتخفيف النون أي تسكينها، وقرأ الباقون بفتح الهمزة وتشديد النون.


47 - ويأتيهم شاف مع النحل فارقوا     مع الروم مداه خفيفا وعدلا



[ ص: 269 ] قرأ حمزة والكسائي: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة) هنا وفي النحل بياء التذكير في (تأتيهم)، وأخذ ذلك من لفظه، فتكون قراءة غيرهما بتاء التأنيث، وقرآ أيضا: إن الذين فرقوا دينهم هنا، من الذين فرقوا دينهم في الروم بالمد، أي بإثبات ألف بعد الفاء مع تخفيف الراء في الموضعين، فالألف في (مداه) ضمير يعود على حمزة والكسائي، و(خفيفا) منصوب على الحال من الضمير المنصوب في (مداه) العائد على لفظ (فرقوا)، والمراد تخفيف رائه كما سبق، وقرأ غيرهما بالقصر، أي بحذف الألف بعد الفاء مع تشديد الراء.


48 - وكسر وفتح خف في قيما ذكا     وياءاتها وجهي مماتي مقبلا
49 - وربي صراطي ثم إني ثلاثة     ومحياي والإسكان صح تحملا



قرأ ابن عامر والكوفيون: دينا قيما بكسر القاف وفتح الياء وتخفيفها، فتكون قراءة غيرهم بفتح القاف وكسر الياء وتشديدها، وقد اشتملت هذه السورة على ياءات الإضافة الآتية: وجهي للذي ، ومماتي لله ، هداني ربي إلى صراط مستقيم ، وأن هذا صراطي مستقيما ، إني أمرت ، إني أخاف ، إني أراك ، ومحياي ، وفي قوله (والإسكان صح تحملا) إشارة إلى الرد على من طعن في قراءة الإسكان، فرد عليه بصحة نقله وتواتر وروده.

التالي السابق


الخدمات العلمية