مباحث في علوم القرآن

مناع القطان - مناع خليل القطان

صفحة جزء
أسماؤه وأوصافه

وقد سماه الله بأسماء كثيرة : منها:

" القرآن " . إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم .

و " الكتاب " . لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم .

و " الفرقان " .. تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا .

و " الذكر " . . إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون . .

[ ص: 17 ] و " التنزيل " . . وإنه لتنزيل رب العالمين . . إلى غير ذلك مما ورد في القرآن .

وقد غلب من أسمائه : " القرآن " و " الكتاب " ، قال الدكتور محمد عبد الله دراز :

" روعي في تسميته " قرآنا " كونه متلوا بالألسن ، كما روعي في تسميته " كتابا " كونه مدونا بالأقلام ، فكلتا التسميتين من تسمية شيء بالمعنى الواقع عليه " .

وفي تسميته بهذين الاسمين إشارة إلى أن من حقه العناية بحفظه في موضعين لا في موضع واحد ، أعني أنه يجب حفظه في الصدور والسطور جميعا ، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ، فلا ثقة لنا بحفظ حافظ حتى يوافق الرسم المجمع عليه من الأصحاب ، المنقول إلينا جيلا بعد جيل على هيئته التي وضع عليها أول مرة ، ولا ثقة لنا بكتابة كاتب حتى يوافق ما هو عند الحفاظ بالإسناد الصحيح المتواتر .

وبهذه العناية المزدوجة التي بعثها الله في نفوس الأمة المحمدية اقتداء بنبيها . بقي القرآن محفوظا في حرز حريز ، إنجازا لوعد الله الذي تكفل بحفظه حيث يقول : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ولم يصبه ما أصاب الكتب الماضية من التحريف والتبديل وانقطاع السند " .

وبين سر هذه التفرقة بأن سائر الكتب السماوية جيء بها على التوقيت لا التأبيد ، وأن هذا القرآن جيء به مصدقا لما بين يديه من الكتب ومهيمنا عليها ، فكان جامعا لما فيها من الحقائق الثابتة زائدا عليها بما شاء الله زيادته ، وكان سائرا مسيرها ، ولم يكن شيء منها ليسد مسده ، فقضى الله أن يبقى حجة إلى قيام الساعة ، وإذا قضى الله أمرا يسر له أسبابه -وهو الحكيم العليم- وهذا تعليل جيد .

ووصف الله القرآن بأوصاف كثيرة كذلك :

[ ص: 18 ] منها " نور " . . يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا . .

و " هدى " و " شفاء " و " رحمة " و " موعظة " . . يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين .

و " مبارك " . . وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه .

و " مبين " . . قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين .

و " بشرى " . . مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين .

و " عزيز " . . إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز .

و " مجيد " . . بل هو قرآن مجيد .

و " بشير " و " نذير " . . كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون بشيرا ونذيرا .

وكل تسمية أو وصف فهو باعتبار معنى من معاني القرآن .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية