صفحة جزء
( وتبطل ) ( بقليل الأكل ) أي المأكول عرفا ، ولا يتقيد بنحو السمسمة : أي بوصوله إلى جوفه ، وإن كان مكرها عليه لشدة منافاته لها مع ندرته ، ومثله لو وصل مفطر جوفه كباطن أذن ، وإن قل ، أما المضغ نفسه فلا تبطل بقليله كبقية الأفعال ( قلت : إلا أن يكون ناسيا ) للصلاة ( أو جاهلا ) تحريمه وعذر معه فلا تبطل بقليله قطعا ( والله أعلم ) وكذا لو جرى ريقه بباقي طعام بين أسنانه وعجز عن تمييزه ومجه كما في الصوم ، أو نزلت نخامة ولم يمكنه إمساكها ، بخلاف كثيره عرفا ولو ناسيا أو جاهلا ، وإنما لم يفطر به عند المصنف ; لأن الصلاة ذات أفعال منظومة ، والكثير يقطع نظمها ، والصوم كف ولتلبس المصلي بهيئة يبعد معها النسيان بخلاف الصوم ، ولا يشترط فعل مع وصول المفطر كما أشار إليه بقوله ( فلو ) ( كان بفمه سكرة ) فذابت ( فبلع ) بكسر اللام وحكي فتحها ( ذوبها ) مع عمده وعلمه بتحريمه أو تقصيره في التعلم ( بطلت ) صلاته ( في الأصح ) لما مر ، وتعبيره ببلع المشعر بقصده وتعمده أولى من تعبير أصله بيسوغ ويذوب : أي ينزل لجوفه بلا فعل لإيهامه البطلان ، ولو مع نحو النسيان ، ومقابل الأصح لا تبطل لعدم المضغ .


حاشية الشبراملسي

( قوله : فلا تبطل بقليله قطعا ) قياس ما في الصوم الذي تقدم قريبا نقله عند قوله أو نسي الصلاة إلخ بناء على ما فرقنا به ثانيا من أنه لو أكل هنا ناسيا ثم تذكر وظن أن صلاته بطلت بما فعله فبلع بقية المأكول عامدا البطلان ، ومقتضى ما فرقنا به أولا عدمه ، وهو الظاهر ( قوله : وعجز عن تمييزه ) أي أما مجرد الطعم الباقي من أثر الطعام فلا أثر له لانتفاء وصول العين إلى جوفه ، وليس مثل ذلك الأثر الباقي بعد شرب القهوة مما يغير لونه أو طعمه فيضر ابتلاعه ; لأن تغير لونه يدل على أن به عينا ، ويحتمل أن يقال بعدم الضرر ; لأن مجرد اللون يجوز أن يكون اكتسبه الريق من مجاورته للأسود مثلا . وهذا هو الأقرب أخذا مما قالوه في طهارة الماء إذا تغير بمجاور ( قوله : أو نزلت نخامة ولم يمكنه إمساكها ) أي أو أمكنه ونسي كونه في صلاة أو جهل تحريم ابتلاعها .

التالي السابق


الخدمات العلمية