صفحة جزء
( و ) في ( المقبرة ) بتثليث الموحدة ( الطاهرة ) ، وهي التي لم تنبش أو نبشت وفرش عليها طاهر ( والله أعلم ) للخبر السابق مع خبر مسلم { لا تتخذوا القبور مساجد } أي أنهاكم عن ذلك ، وخبر { لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها } وعلته محاذاته للنجاسة سواء ما تحته أو أمامه أو بجانبه نص عليه في الأم ، ومن ثم لم تفترق الكراهة بين المنبوشة بحائل وغيرها ، ولا بين المقبرة القديمة والجديدة بأن دفن بها أول ميت بل لو دفن ميت بمسجد كان كذلك ، وتنتفي الكراهة عند انتفاء المحاذاة ، وإن كان فيها لبعد الموتى عنه عرفا ، ويستثنى كما قاله في التوشيح مقابر الأنبياء صلى الله عليهم وسلم أي إذا كانت ليس فيها مدفون سوى نبي أو أنبياء فلا تكره الصلاة فيها ; لأن الله حرم على الأرض كل أجسادهم ولأنهم أحياء في قبورهم يصلون ، ويلحق بذلك كما قاله بعض المتأخرين مقابر شهداء المعركة ; لأنهم أحياء ، واعتراض الزركشي كلام التوشيح بأن تجويز الصلاة في مقبرة الأنبياء ذريعة إلى اتخاذها مسجدا ، وقد ورد النهي عن اتخاذ مقابرهم مسجدا وسد الذرائع مطلوب لا سيما تحريم استقبال رأس قبورهم غير معول عليه ; لأنه يعتبر هنا قصد استقبالها لتبرك أو نحوه .

ولا يلزم من الصلاة إليها استقبال رأسه ولا اتخاذه مسجدا ، على أن استقبال قبر غيرهم مكروه أيضا كما أفاده خبر { ولا تصلوا إليها } فحينئذ الكراهة لشيئين : استقبال القبر ، ومحاذاة النجاسة . والثاني [ ص: 65 ] منتف عن الأنبياء ، والأول يقتضي الحرمة بالقيد الذي ذكرناه لإفضائه إلى الشرك ، وتكره على ظهر الكعبة ; لبعده عن الأدب ، وفي الوادي الذي نام فيه صلى الله عليه وسلم ; لأن فيه شيطانا ، بخلاف بقية الأودية ، ومحل الكراهة في جميع ما مر ما لم يعارضها خشية خروج وقت ، وإنما لم يقتض النهي هنا الفساد عندنا ، بخلاف كراهة الزمان ; لأن تعلق الصلاة بالأوقات أشد ; لأن الشارع جعل لها أوقاتا مخصوصة لا تصح في غيرها فكان الخلل فيها أشد ، بخلاف الأمكنة تصح في كلها ولو كان المحل مغصوبا ; لأن النهي فيه كالحرير لأمر خارج منفك عن العبادة فلم يقتض فسادها ، واحترز المصنف بالطاهرة عن النجسة فلا تصح الصلاة فيها كما مر .


حاشية الشبراملسي

( قوله : وفرش عليها طاهر ) أي أو نبت عليها حشيش غطاها كما هو ظاهر لطهارته ( قوله : سوى نبي أو أنبياء ) أي وأما إذا دفن مع الأنبياء فيها غيرهم فإن حاذى غير الأنبياء في صلاته كره ، وإلا فلا ( قوله : فلا تكره الصلاة ) معتمد ( قوله : يصلون ) المتبادر منه أنهم يصلون صلاة بركوع وسجود كما يفعل في الدنيا ولا مانع منه ; لأن أمور الآخرة لا يقاس عليها . ( قوله : ويلحق بذلك إلخ ) معتمد ( قوله : ذريعة ) أي وسيلة مصباح ( قوله : الذرائع ) أي الوسائل التي تؤدي إلى محرم ( قوله : لأنه يعتبر هنا ) أي للتحريم ( قوله : على أن استقبال قبر غيرهم ) أي الأنبياء وشهداء [ ص: 65 ] المعركة ( قوله : بالقيد ) أي ، وهو استقبالها للتبرك ونحوه ( قوله : خشية خروج وقت ) أي أو فوت جماعة . ا هـ حج . ولعل المراد في غير الصلاة حاقبا أو نحوه لما مر من كراهة ذلك ، وإن خاف فوت الجماعة ( قوله : فلا تصح الصلاة فيها ) أي إلا بحائل كما مر .

حاشية المغربي

[ ص: 64 ] قوله : لأنه يعتبر هنا ) أي يشترط في تحقيق الحرمة [ ص: 65 ] قوله ( بالقيد الذي ذكرناه ) أي قصد استقبالها لتبرك أو نحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية