صفحة جزء
( وتطويل الركن القصير ) عمدا بسكوت أو ذكر أو قرآن لم يشرع فيه ( يبطل عمده ) الصلاة ( في الأصح ) ; لأن تطويله تغيير لموضوعه كما لو قصر الطويل بعدم إتمام الواجب ; ولأن تطويله يخل بالموالاة كما قاله الإمام ( فيسجد لسهوه ) والثاني لا يبطل عمده لحديث ورد فيه يدل على ذلك ومقدار التطويل المبطل كما نقله الخوارزمي عن الأصحاب . وكلام الشيخين قد يدل عليه أن يلحق الاعتدال بالقيام ، والجلوس بين السجدتين بالجلوس للتشهد ، ومراده كما قاله جمع قراءة الواجب وهو الفاتحة ، وأقل التشهد : أي بعد مضي قد ذكر كل [ ص: 72 ] المشروع كالقنوت في محله بالقراءة المعتدلة ، ويحتمل أن يعتبر أقل زمن يسع ذلك لا قراءته مع المندوب ، وجرى عليه بعضهم ، وقول الزركشي القياس اتباع العرف ، يرد بأن هذا بيان للعرف هنا .

والأوجه أن المراد بالزيادة على قدر الذكر المشروع فيه في تلك الصلاة بالنسبة للوسط المعتدل لها لا لحال المصلي ، وقولنا في تلك الصلاة يحتمل أن يراد به من حيث ذاتها أو من حيث الحالة الراهنة ، فلو كان إماما لا تسن له الأذكار المسنونة للمنفرد اعتبر التطويل في حقه بتقدير كونه منفردا على الأول ، وبالنظر لما يشرع له الآن من الذكر على الثاني وهو الأقرب لكلامهم ، وخرج بقولنا لم يشرع تطويله ما شرع تطويله بقدر القنوت في محله أو التسبيح في صلاته أو القراءة في الكسوف فلا يؤثر ، واختار المصنف دليلا جواز تطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين لورود أحاديث صحيحة فيه ، ولهذا جرى عليه الأكثرون ، وصححه في موضع من التحقيق .

وقد يمنع الاستدلال بما ورد من الأخبار بأنها وقائع فعلية طرقها الاحتمال ( فالاعتدال قصير ) ; لأنه للفصل بين الركوع والسجود ( وكذا الجلوس بين السجدتين ) قصير ( في الأصح ) ; لأنه للفصل بينهما فهو كالاعتدال ، بل أولى ; لأن الذكر المشروع فيه أقصر مما شرع [ ص: 73 ] في الاعتدال . والثاني أنه طويل لما مر .


حاشية الشبراملسي

( قوله : لم يشرع فيه ) قيد في الذكر فقط ، فلو قدم قوله : لم يشرع على قوله أو قرآن أو أخر الذكر عنه كان أولى ، ولكنه أخره لما يأتي من أن تطويل القيام الثاني من صلاة الكسوف لا يضر لكون القراءة مشروعة فيه . ويرد عليه أن القيام الثاني في صلاة الكسوف ليس اعتدالا بل هو سنة فيها مستقلة فليتأمل ( قوله : قراءة الواجب ) أي فيهما [ ص: 72 ] قوله : كالقنوت ) قضيته أنه لو زاد على قدر القنوت ما يسع قراءة الفاتحة في ثانية الصبح بطلت ، وقد تقدم له خلاف مع توجيهه بأنه مشروع له في الجملة ( قوله : بالنسبة للوسط ) خبر أن : أي أن المراد اعتبارها بالنسبة إلخ ( قوله : بتقدير كونه منفردا على الأول ) أي قوله : يحتمل أن يراد به من حيث إلخ ، وقوله على الثاني : أي قوله : أو من حيث الحالة الراهنة إلخ ( قوله : لم يشرع تطويله ) في نسخة تطويله مرتين ، وما في الأصل هو الموافق لما قدمه من عدم ذكره تطويله . ( قوله : في محله ) أي وهو اعتدال الركعة الأخيرة في الصبح أو الوتر في رمضان ، أما الاعتدال في غيرهما فيضر تطويله ، ولو من الركعة الأخيرة إلا إذا طوله بالقنوت للنازلة .

وأفتى ابن حجر بأن تطويل الاعتدال من الركعة الأخيرة لا يضر مطلقا ; لأنه عهد تطويله في الجملة ، ونقل عن الزيادي اعتماد هذا ( قوله : لورود أحاديث صحيحة فيه ) أي الجلوس بين السجدتين دون الاعتدال فإنه لم يرد فيه ذلك ، ويحتمل رجوع الضمير للتطويل ، وفيه كلام في سم على منهج . ومنه أن حديث أنس ورد في مسلم بتطويل الجلوس بين السجدتين أيضا أي كما ورد تطويل الاعتدال فكان ينبغي له اختياره ولعله لم يستحضره . ا هـ . ( قوله : لأنه للفصل ) قال الشيخ عميرة أورد أن اشتراط الطمأنينة ينافي ذلك ، وأجيب بأنها اشترطت ; ليتأتى الخشوع ، ويكون على سكينة انتهىسم على منهج [ ص: 73 ] قوله : لما مر ) أي في قوله لورود أحاديث صحيحة فيه إلخ .

حاشية المغربي

( قوله : لم يشرع فيه ) راجع للذكر والقرآن كما سيأتي محترزه في قوله وخرج بقولنا لم يشرع إلخ ، خلافا لما وقع في حاشية [ ص: 72 ] الشيخ ( قوله : كالقنوت ) أي المشروع بقرينة قوله قبله : قدر ذكر كل المشروع فيه ، ولعل المراد القنوت مع ما تقدم عليه من الأذكار المشروعة فليراجع ، ثم إن قضية ما ذكر أنه لو زاد على قدر المشروع بقدر الفاتحة تبطل صلاته ولا ينافيه خلافا لما في حاشية الشيخ ما قدمه في ركن الاعتدال من عدم البطلان ; لأن ذاك فيما إذا كان التطويل بنفس القنوت كما يعلم بمراجعته بخلاف ما هنا ( قوله : في محله ) أي المشروع هو فيه بالأصالة وهو ثانية الصبح وأخيرة الوتر في النصف الثاني من رمضان وأخيرة سائر المكتوبات في النازلة كما في حاشية الشيخ ، ويدل له قول الشارح عقب الاستثناء الآتي في كلام المصنف عقب كلام الرافعي الآتي .

ويمكن حمله على ما إذا لم يطل به الاعتدال وإلا بطلت ، فالشارح مخالف لما أفتى به الشهاب حج من أن المراد بمحله اعتدال أخيرة سائر المكتوبات قال ; لأنها محله في الجملة ( قوله : ويحتمل أن يعتبر أقل زمن يسع ذلك ) أي الواجب ، وقوله : لا قراءته مع المندوب مقابل لقوله ومراده كما قال جمع قراءة الواجب ( قوله : واختار المصنف إلخ ) كان ينبغي تأخيره عن المتن بعده .

التالي السابق


الخدمات العلمية