صفحة جزء
( ويندب ) للمأموم ( تخلفه ) عن إمامه ( قليلا ) عرفا فيما يظهر استعمالا للأدب وإظهارا لرتبة الإمام عليه ولا يزيد على ثلاثة أذرع ، وقد تسن المساواة كما سيأتي في العراة والتأخر كثيرا كما في امرأة خلف رجل ( والاعتبار ) في تقدمه وتأخره ومساواته في القيام ومثله الركوع فيما يظهر ( بالعقب ) وهو مؤخر القدم لا الكعب وأصابع الرجل ، إذ فحش التقدم إنما يظهر به فلا اعتبار بتقدم أصابع المأموم مع تأخر [ ص: 188 ] عقبه ، بخلاف عكسه ، وفي القعود بالألية ولو في التشهد وإن كان راكبا ، وفي الاضطجاع بالجنب وفي الاستلقاء احتمالان أوجههما برأسه سواء فيما ذكر اتحدا قياما مثلا أم لا ، ومحل ما تقرر في العقب وما بعده إن اعتمد عليه ، فإن اعتمد على غيره وحده كأصابع القائم وركبة الجالس اعتبر ما اعتمد عليه فيما يظهر ، ولو اعتمد عليهما صحت القدوة كما اقتضاه كلام البغوي وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى ، فلو صلى قائما معتمدا على خشبتين تحت إبطيه فصارت رجلاه معلقتين في الهواء فإن لم تمكنه غير هذه الهيئة فالأوجه اعتبار الخشبتين ، أما إذا تمكن على غير هذا الوجه فصلاته غير صحيحة ، ولو تعلق مقتد بحبل وتعين طريقا اعتبر منكبه فيما يظهر ، وبحث بعض أهل العصر [ ص: 189 ] أن العبرة في الساجد بأصابع قدميه ولا بعد فيه غير أن إطلاقهم يخالفه .


حاشية الشبراملسي

( قوله : ويندب تخلفه قليلا عرفا ) ولا يتوقف حصول السنة على زيادة القرب بحيث يحاذي بعض بدن المأموم بعض بدن الإمام في الركوع أو السجود .

( قوله : كما في امرأة خلف رجل ) أي بشرط أن لا تزيد على ثلاثة أذرع على ما يفيده قوله الآتي : ويسن أن لا يزيد ما بينه وبينها كما بين كل صفين على ثلاثة أذرع ، وعليه فقوله والتأخر كثيرا : أي بالنسبة لموقف الرجل لكن رأيت بهامش عن فتاوى حج ما نصه : سئل عن قولهم يستحب أن لا يزيد ما بين الإمام والمأمومين على ثلاثة أذرع ، فلو ترك هذا المستحب هل يكون مكروها بنص أئمتنا ، وكذلك لو صف صفا ثانيا قبل إكمال الأول هل يكون كذلك ؟ فأجاب بقوله كل ما ذكر مكروه مفوت لفضيلة الجماعة ، فقد قال القاضي وغيره وجزم به في المجموع : السنة أن لا يزيد ما بين الإمام ومن خلفه من الرجال على ثلاثة أذرع تقريبا كما بين كل صفين ، أما النساء فيسن لهن التخلف كثيرا ، وفي المجموع اتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب الأول والحث عليه ا هـ .

( قوله : بالعقب ) أي بكله فلا يضر التقدم ببعضه ا هـ حج . وقال عميرة : ولو تقدم ببعض العقب ففيه خلاف حكاه في الكفاية عن القاضي حسين ، وعلل الصحة بأنها مخالفة لا تظهر فأشبهت المخالفة اليسيرة ، ومال م ر إلى الصحة ا هـ سم على منهج ( قوله وهو مؤخر القدم ) أي ما يصيب الأرض منه ا هـ حج .

( قوله : فلا اعتبار بتقدم أصابع المأموم ) ع : ينبغي أن يضر ذلك عند الاعتماد عليها كما حاوله الإسنوي وغيره وهو ظاهر ا هـ . وفي الناشري قال أبو زرعة : فلو لم يعتمد على شيء من رجليه معا على الأرض وتأخر العقب وتقدمت رءوس الأصابع فإن اعتمد على العقب صح أو على رءوس الأصابع فلا ا هـ سم على منهج . وقوله على شيء من رجليه : أي من بطونهما فلا ينافي قوله [ ص: 188 ] بعد وإن اعتمد على العقب إلخ .

( قوله : وفي القعود بالألية ) عبارة المنهج بألييه .

( قوله : ولو في التشهد ) ظاهر أخذه غاية أنه إذا كان يصلي من قيام اعتبر عقبه في حال قيامه ، وإذا جلس للتشهد اعتبرت الألية ، وإذا سجد اعتبر أصابع قدميه وهكذا ، حتى إذا صلى صلاة نفل وفعل بعضها من قيام وبعضها من قعود وبعضها من استلقاء اعتبر في التقدم الحالة التي انتقل عليها ، لأن كل حالة انتقل إليها يقال صلى قائما قاعدا إلخ .

( قوله : وفي الاضطجاع بالجنب ) أي فيضر التقدم ببعضه إذا كان عريضا عقب الإمام مثلا .

وفي حج : الاضطجاع بالجنب : أي جميعه ، وهو ما تحت عظم الكتف إلى الخاصرة فيما يظهر .

وفي شرح العباب للمناوي : وهل العبرة بمقدم الجنب أو مؤخره أو كله ؟ احتمالات رجح منها الهيتمي في شرح الكتاب الثاني وفي شرح المنهاج الثالث .

( قوله : اتحدا ) أي الإمام والمأموم .

( قوله : كأصابع القائم ) أي أو الساجد كما نقله سم عن الشارح وسيأتي ما فيه .

( قوله : اعتبر ما اعتمد عليه فيما يظهر ) يؤخذ منه بالأولى أنه لو صار قائما على أصابع رجليه خلقة كانت العبرة بالأصابع وهو ظاهر ، وأنه لو انقلبت رجله كانت العبرة بما اعتمد عليه .

( قوله : ولو اعتمد عليهما ) أي على عقبيه وقدم أحدهما . وعبارة حج : والاعتبار بالعقب الذي اعتمد عليه وإن اعتمد على المتأخرة أيضا كما هو قياس نظائره خلافا للبغوي ا هـ . وكتب بهامشه الشهاب العبادي ما نصه : قوله خلافا للبغوي في القوت عن البغوي : فلو تقدم بأحد العقبين ، فإن اعتمد على القدم بطلت وإن لم يعتمد عليه لم تبطل وكذا لو اعتمد عليهما . قلت : وفيه نظر ا هـ . وبالصحة فيما إذا اعتمد عليهما أفتى شيخنا الشهاب الرملي . وفي حج بعد قول المصنف ولا تضر مساواته إلخ تنبيه : من الواضح مما مر أن من أدرك التحرم قبل سلام الإمام حصل فضيلة الجماعة وهي السبع والعشرون ، لكنها دون من حصلها من أولها بل أو في أثنائها قبل ذلك أن المراد بالفضيلة الفائتة هنا فيما إذا ساواه في البعض السبعة والعشرون في ذلك الجزء ، وما عداه مما لم يساوه فيه يحصل له السبع والعشرون لكنها متفاوتة كما تقرر ، وكذا يقال في كل مكروه هنا أمكن تبعيضه ا هـ . أقول : قوله السبعة والعشرون : أي التي تخص ما قارن فيه ، وإيضاحه أن الصلاة في جماعة تزيد على الانفراد بسبع وعشرين صلاة ، فالركوع في الجماعة يزيد على المنفرد بسبع وعشرين ركوعا ، وإذا قارن فيه دون غيره فاتت الزيادة المختصة بالركوع وهي السبع والعشرون التي تتعين له فقط دون السبع والعشرين التي تخص الركوع والسجود مثلا في الجماعة .

( قوله : أما إذا تمكن ) أي من الصلاة .

( قوله : وتعين طريقا ) أي بأن لم تمكنه الصلاة إلا على هذه الحالة .

( قوله : وبحث بعض أهل العصر ) يريد به حج . وعبارته : ولم أر لهم كلاما في الساجد ، ويظهر [ ص: 189 ] اعتبار أصابع قدميه إن اعتمد عليها أيضا ، وإلا فآخر ما اعتمد عليه نظير ما مر ، ثم رأيت بعضهم بحث اعتبار أصابعه ويتعين حمله على ما ذكرته .

( قوله : بأصابع قدميه ) معتمد .

( قوله : ولا بعد فيه ) نقل سم على منهج عن الشارح أنه رجع إليه آخرا .

( قوله : غير أن إطلاقهم يخالفه ) أي وأن المعتبر العقب بأن يكون بحيث لو وضع على الأرض لم يتقدم على عقب الإمام وإن كان مرتفعا بالفعل ا هـ سم على حج

حاشية المغربي

( قوله : ولا يزيد على ثلاثة أذرع ) فإن زاد كره وكان مفوتا لفضيلة الجماعة كما يعلم مما يأتي [ ص: 188 ] قوله : ولو اعتمد عليهما ) لم يتقدم ما يصح أن يكون مرجعا لضمير التثنية ولعل في النسخ سقطا ، والذي في فتاوى والده سئل عما إذا قدم الإمام إحدى رجليه على الأخرى معتمدا عليهما ووقف المأموم بين رجليه فهل تصح قدوته أو لا ؟ فأجاب بأنه تصح صلاة المأموم كما أفاده كلام البغوي وغيره . انتهى . ( قوله : وبحث بعض أهل العصر ) إن [ ص: 189 ] أراد الشهاب حج كما هو الظاهر فهو لم يطلق أن الاعتبار بأصابع قدميه فيما ذكر ، بل قيده بحالة اعتماده عليها .

نعم نقل بعد ذلك عن بحث بعضهم هذا الإطلاق ، إلا أن الظاهر أنه ليس من أهل العصر .

وعبارة الشهاب المذكور في تحفته : ولم أر لهم كلاما في الساجد ، ويظهر اعتبار أصابع قدميه إن اعتمد عليها أيضا وإلا فآخر ما اعتمد عليه نظير ما مر ، ثم رأيت بعضهم بحث اعتبار أصابعه ويتعين حمله على ما ذكرته . انتهت . ( قوله : غير أن إطلاقهم يخالفه ) انظر مراده أي إطلاقهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية