صفحة جزء
( و ) ثانيها ( نية الجمع ) ليتميز التقديم المشروع عن التقديم عبثا أو سهوا ( ومحلها ) الأصلي ولهذا كان هو المطلوب كما أشار لذلك الشارح بقوله الفاضل لا سيما مع وجود الخلاف بعدم الصحة في أثنائها فانتفى الفضل فيه ( أول الأولى ) كسائر المنويات فلا يكفي تقديمها عليه بالاتفاق ( وتجوز في أثنائها ) ولو مع تحللها ، إذ لا يتم خروجه منها حقيقة إلا بتمام تسليمه ولحصول الغرض بذلك ( في الأظهر ) ; لأن الجمع ضم الثانية للأولى فما لم تفرغ الأولى فوقت ذلك الضم باق وإنما امتنع عليه ذلك في القصر لتأدي جزء على التمام ويستحيل بعده القصر كما مر ، والأوجه أنه لو تركه بعد تحلله ثم أراده قبل طول الفصل جاز ، كما يؤخذ مما نقله في الروضة عن الدارمي أنه لو نوى الجمع أول الأولى ثم نوى تركه ثم قصد فعله ففيه القولان في نية الجمع في أثنائه ومقابل الأظهر لا يجوز قياسا على نية القصر بجامع أنهما رخصتا سفر ، وأجاب الأول بما مر ، ولو شرع في الظهر أو المغرب بالبلد في سفينة فسارت فنوى الجمع ، [ ص: 276 ] فإن لم تشترط النية مع التحرم صح لوجود السفر وقتها وإلا فلا ، قاله في المجموع نقلا عن المتولي ، وما قاله بعض المتأخرين من أنه يفرق بينها وبين حدوث المطر في أثناء الأولى حيث لا يجمع به كما سيأتي بأن السفر باختياره ، فنزل اختياره له في ذلك منزلته بخلاف المطر حتى لو لم يكن باختياره ، فالوجه امتناع الجمع هنا يرد بأن المعتمد ما ذكره المتولي ، ويفرق بين السفر والمطر بأن المطر أضعف للخلاف فيه ، ولأن فيه طريقا باشتراط نية الجمع في الإحرام ; لأن استدامة المطر في أثناء الصلاة ليست بشرط للجمع فلم تكن محلا للنية ، وفي السفر تجوز النية قبل الفراغ من الأولى ; لأن استدامته شرط فكانت محلا للنية ، فإذا لا فرق في المسافر بين أن يكون السفر باختياره أو لا كما أفاده الوالد رحمه الله تعالى ، وقد يحمل القول بأن السفر باختياره على أنه من شأنه ذلك ولا كذلك المطر فلا إيراد .


حاشية الشبراملسي

( قوله : ولحصول الغرض بذلك ) وهو تمييز التقديم المشروع عن التقديم عبثا أو سهوا ، وفيه أن هذا الغرض يحصل بنية الجمع بين الأولى والثانية ومع التحرم بالثانية ، إلا أن يقال : لما كان الجمع يصير وقت الصلاتين واحدا أشبها صلاة واحدة ويشير إلى هذا قوله لأن الجمع ضم الثانية للأولى إلخ .

( قوله : والأوجه أنه لو تركه ) أي الجمع بأن نوى عدمه .

( قوله : ثم أراده قبل طول الفصل ) أي يقينا فلو شك فيه امتنع قياسا على ما لو شك في الموالاة ، وينبغي أن محل ذلك أيضا ما لم يتذكر عن قرب .

( قوله : مما نقله في الروضة عن الدارمي ) قد يمنع الأخذ من ذلك ويفرق بأن محل النية فيما نقله عن الدارمي باق إلى الفراغ من الصلاة ، فرفض النية في أثنائها ينزل الأولى منزلة العدم ، ويجعل الثانية نية مبتدأة ، ولا كذلك ما لو ترك النية بعد الفراغ من الأولى فإنه قد يقال : رفض النية بعد الفراغ أبطل النية الأولى وتعذرت نية الجمع لفوات محلها ثم رأيت في حج ما يؤخذ منه ذلك وعبارته : ولو نوى تركه بعد التحلل ولو في أثناء الثانية ثم أراده ولو فورا لم يجز كما بينته في شرح العباب ، ومنه أن وقت النية انقضى فلم يفد العودة إليها شيئا ، وإلا لزم إجزاؤها بعد تحلل الأولى ، وبه يفرق بين هذا والردة إذ القطع فيها ضمني وهنا صريح ، ويغتفر في الضمني ما لا يغتفر في الصريح انتهى .

( قوله : ففيه القولان ) والراجح منهما الجواز .

( قوله : وأجاب الأول بما مر ) [ ص: 276 ] أي من قوله لتأدي جزء منها على التمام ويستحيل بعده القصر إلخ .

( قوله : فإن لم تشترط النية ) أي على الراجح .

( قوله : صح ) أي ما نواه وجاز له الجمع بين الصلاتين .

( قوله : لوجود السفر في وقتها ) أي النية .

( قوله : وما قاله بعض المتأخرين ) هو شيخ الإسلام في شرح الروض .

( قوله : منزلته ) أي منزلة السفر

حاشية المغربي

[ ص: 275 ] قوله : والأوجه أنه لو تركه ) أي بعد نيته في الأولى أي رفضه ( قوله : كما يؤخذ مما نقله في الروضة عن الدارمي ) قد يمنع هذا الأخذ بما أشار إليه الشهاب حج في تحفته من الفرق بين هذا وما ذكره الدارمي وعبارته ولو نوى تركه بعد التحلل ولو في أثناء الثانية ثم أراده ولو فورا لم يجز كما بينته في شرح العباب ، وفيه أن وقت النية انقضى فلم يفد العود إليها شيئا ، وإلا لزم إجزاؤها بعد تحلل الأولى انتهت . فأشار إلى الفرق بين هذا ومسألة الدارمي بأنه في مسألة الدارمي عاد إلى [ ص: 276 ] النية في محل النية فأجزأت لوقوعها في محلها وقطعنا النظر عما وقع قبل ذلك بخلاف ما هنا ( قوله : يرد إلخ ) هذا الرد متوجه إلى قول هذا البعض وهو شيخ الإسلام في شرح الروض حتى لو لم يكن باختياره ، فالأوجه امتناع الجمع هنا فحاصله عدم الفرق بين الاختيار وعدمه في جواز الجمع بالسفر فيما ذكر لكن في هذا السياق صعوبة .

( قوله : بأن المعتمد ما ذكره المتولي ) أي من حيث إطلاقه المتناول لما إذا كان السفر باختياره وغيره ، ويفرق بين السفر والمطر : أي بدل ما فرق به البعض المذكور ( قوله : للخلاف فيه ) أي الخلاف المذهبي فإن المزني يمنعه مطلقا .

ولنا قول شاذ بجوازه بين المغرب والعشاء دون الظهر والعصر ، وإلا فخلاف العلماء ثابت حتى في الجمع بالسفر ( قوله : وفي السفر تجوز ) أي الطريق فتجوز بالمثناة من فوق ( قوله : وكانت ) الأولى فكان أي الأثناء ( قوله : وقد يحمل إلخ ) هذا الحمل لا يتأتى مع قول البعض المذكور حتى لو لم يكن باختياره إلخ ، إذ كيف يحمل كلامه على [ ص: 277 ] ما هو مصرح بخلافه

التالي السابق


الخدمات العلمية