صفحة جزء
ثم شرع في القسم الثاني وهو حكم الاستخلاف وشروطه فقال ( فإذا ) خرج الإمام من الجمعة ، أو غيرها ) من الصلوات ( بحدث ) سهوا ، أو عمدا ( أو غيره ) كتعاطي مبطل [ ص: 348 ] أو رعاف ( جاز ) له وللمأمومين قبل إتيانهم بركن ( الاستخلاف في الأظهر ) ; لأن الصلاة بإمامين بالتعاقب جائزة كما أن أبا بكر كان إماما فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فاقتدى به أبو بكر والناس ، وقد استخلف عمر حين طعن رواه البيهقي ، وإذا جاز هذا فيمن لم تبطل صلاته ففي من بطلت بالأولى لضرورته إلى الخروج منها واحتياجهم إلى إمام ، واستخلافهم أولى من استخلافه لأن الحظ في ذلك لهم ، ولو تقدم واحد بنفسه جاز ومقدمهم أولى منه إلا أن يكون راتبا ، فظاهر أنه أولى من مقدمهم ومن مقدم الإمام ، ولو قدم الإمام واحدا وتقدم آخر كان مقدم الإمام أولى ، فلو لم يتقدم أحد وهم في الركعة الأولى من الجمعة لزمهم الاستخلاف منهم لإدراك الجمعة ، فإن كانوا في الثانية وأتموها جمعة فرادى جاز ، ولا يلزمهم الاستخلاف لإدراكهم ركعة مع الإمام ، [ ص: 349 ] ولو قدم الإمام واحدا في الركعة الأولى من الجمعة قال ابن الأستاذ : فالظاهر أنه لا يجب عليه أن يمتثل ، ويحتمل أن يجب لئلا يؤدي إلى التواكل وهو الأوجه حيث غلب على ظنه ذلك ، أما إذا فعلوا ركنا فإنه يمتنع عليهم الاستخلاف بعده كما نقلاه عن الإمام وأقراه ، ولا يستخلف إلا من يكون صالحا للإمامة لا امرأة ومشكلا للرجال ، ولم يتعرض له المصنف هنا اكتفاء بما قدمه في صلاة الجماعة ، وحيث امتنع الاستخلاف أتم القوم صلاتهم فرادى إن كان الحدث في غير الجمعة ، فإن كان فيها فقد مر ، ومقابل الأظهر وهو قديم عدم جواز الاستخلاف مطلقا ; لأنها صلاة واحدة فيمتنع فيها ذلك كما لو اقتدى بهما معا .


حاشية الشبراملسي

( قوله : وقد استخلف عمر ) أي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ا هـ شيخ عميرة ( قوله : فيمن لم تبطل صلاته ) وذلك في قصة أبي بكر .

( قوله : ومقدمهم أولى ) أي أحق منه : أي ممن تقدم بنفسه ( قوله : إلا أن يكون ) أي من تقدم بنفسه ( قوله : كان مقدم الإمام أولى ) أي فيجب على المأمومين متابعته ، ويمتنع عليهم الاقتداء بالآخر سواء كانوا في الركعة الأولى أو في الثانية ، وخرج به ما لو قدم الإمام واحدا وهم واحد فمقدمهم أولى كما يشعر به قوله : واستخلافهم أولى ، وبه صرح شيخنا الزيادي في بعض الهوامش الصحيحة ، وعبارته : فرع : لو استخلف الإمام واحدا واستخلفوا آخر فمن عينوه أولى ا هـ .

وعبارة سم على منهج : فرع : مقدم القوم أولى من مقدم الإمام إلا الإمام الراتب فمقدمه أولى م ر ا هـ .

( قوله : لزمهم الاستخلاف منهم ) أي فورا وفي سم على منهج لو انقسموا فرقتين حينئذ وكل فرقة استخلف واحدا فينبغي الامتناع ; لأن فيه تعدد الجمعة فليتأمل ا هـ : أي ثم إن تقدما معا لم تصح الجمعة لواحد منهما ، وإن ترتبا صحت للأول .

وقول سم : فينبغي الامتناع إلخ ما ترجاه صرح به في الإمداد وعبارته : ويجوز كما في التحقيق والمجموع خلافا للإمام وغيره أن يتقدم اثنان فأكثر يصلي كل بطائفة إلا في الجمعة لامتناع تعددها إلخ ا هـ .

فقوله إلا في الجمعة صريح في امتناع تعدد الخليفة فيها دون غيرها .

وكتب عليه شيخنا الشوبري امتناع تعددها ، والحالة ما ذكر فيه نظر ; لأن الخليفة وإن تعدد في الصورة فهو نائب عن الإمام الأول فلا تعدد ، ويؤيده عدم وجوب تجديد النية اكتفاء بالنية الأولى من الإمام والجري على نظم صلاته ا هـ .

وقد يقال ما ذكره من التأييد قد يقتضي خلاف ما نظر به ; لأن عدم تجديد النية يقتضي تنزيله منزلة الأصلي وهو لا يجوز تعدده ، فكذا من قام مقامه ، على أن ما ذكر من التعدد يقتضي تصييرها كجمعتين حقيقة لجواز أن يسرع إمام إحدى الطائفتين ويتأخر الآخر كأن يطول بالقراءة ، وهذا تعدد صوري بلا شك ، وإذا قلنا بصحة التعدد فقد ينقص كل من الطائفتين عن الأربعين ويفرغ إمام إحداهما مع بقاء الآخر في قيام الأولى مثلا فتبقى الركعة الأولى لهؤلاء ناقصة عن العدد المشروط [ ص: 349 ] قوله : ولو قدم الإمام واحدا ) أي طلب منه أن يتقدم ( قوله حيث غلب على ظنه ذلك ) أي التواكل .

( قوله : أما إذا فعلوا ركنا ) ومثله ما لو طال الزمن وهم سكوت بقدر مضي ركن وقوله ركنا : أي فعليا أو قوليا ا هـ

زيادي ( قوله : فإنه يمتنع عليهم الاستخلاف بعده ) أي ثم إن كان ذلك في الركعة الثانية أتموا فرادى ، أو في الأولى استأنفوا جمعة ( قوله : لا امرأة ومشكلا للرجال ) خرج به النساء فيجوز تقدم واحدة منهن إذا كان الاستخلاف في الثانية .

وعبارة حج : فلو أتم الرجال حينئذ منفردين وقدم النسوة امرأة منهن جاز كما يفهمه تعبير الروضة بصلاحية المقدم لإمامة القوم : أي الذي يقتدون به وإن لم يصلح لإمامة الجمعة ، إذ لو أتممن فرادى جاز ففي الجماعة أولى .

( قوله : وحيث امتنع الاستخلاف ) أي بأن طال الفصل ( قوله : فإن كان فيها قد مر ) أي وهو أن تبطل الصلاة في الركعة الأولى ويتمونها فرادى إن كان في الركعة الثانية

حاشية المغربي

[ ص: 348 ] قوله : كما أن أبا بكر كان إماما إلخ ) غرضه منه بيان جواز الصلاة بإمامين بالتعاقب لا الاستدلال على الاستخلاف إذ لا استخلاف في قصة أبي بكر لانتفاء شرطه ، وتقدم الكلام عليه في صلاة الجماعة ( قوله : وإذا جاز هذا ) أي الصلاة بإمامين على التعاقب ، وكان الأولى تقديم هذا عقب قصة أبي بكر ، ثم إن هذا صريح في أنه يجوز للإمام أن يتأخر ويقدم آخر مع بقائه في الصلاة ، وهو خلاف ما صرح به الشيخان في باب صلاة المسافر نقلا عن المحاملي لكن محل الشهاب حج عدم الصحة على ما لو استخلف مع بقائه على الإمامة .

التالي السابق


الخدمات العلمية