صفحة جزء
( وهي ركعتان ) إجماعا وحكمها في الأركان والشروط كغيرها من الصلوات ( فيحرم بها ) بنية صلاة عيد الفطر أو الأضحى كما مر ( ثم ) بعد تكبيرة التحرم ( يأتي ) ندبا ( بدعاء الافتتاح ) كغيرها ( ثم بسبع تكبيرات ) لخبر رواه الترمذي وحسنه أنه صلى الله عليه وسلم { كبر في العيدين في الأولى سبعا قبل القراءة وفي الثانية خمسا قبلها } وعلم من كلام المصنف أن تكبيرة الإحرام غير محسوبة من السبعة ( يقف ) ندبا ( بين كل ثنتين ) منها ( كآية معتدلة ) أي لا طويلة ولا قصيرة ، وضبطه أبو علي في شرح التلخيص : بقدر سورة الإخلاص ; ولأن سائر التكبيرات [ ص: 388 ] المشروعة في الصلاة يعقبها ذكر مسبوق فكذلك هذه التكبيرات ( يهلل ) أي يقول لا إله إلا الله ( ويكبر ) أي يقول الله أكبر ( ويمجد ) أي يعظم الله روى ذلك البيهقي عن ابن مسعود قولا وفعلا ( ويحسن ) في ذلك كما قاله الجمهور أن يقول ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) ; لأنه لائق بالحال وهي الباقيات الصالحات في قول ابن مسعود وجماعة ، ولو زاد على ذلك جاز كما ذكره في البويطي ، ولو قال ما اعتاده الناس وهو : الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد تسليما كثيرا لكان حسنا ، قاله ابن الصباغ ( ثم ) بعد التكبيرة الأخيرة ( يتعوذ ) ; لأنه لافتتاح القراءة ( ويقرأ ) الفاتحة كغيرها ، وسيأتي ما يقرؤه بعدها ( ويكبر في ) الركعة ( الثانية ) بعد تكبيرة القيام ( خمسا ) بالصفة السابقة ( قبل ) التعوذ ، و ( القراءة ) للخبر المار ، ولو اقتدى بحنفي كبر ثلاثا ، أو مالكي كبر ستا تابعه ، ولم يزد عليه مع أنها سنة ليس في الإتيان بها مخالفة فاحشة ، بخلاف تكبيرات الانتقالات وجلسة الاستراحة ونحو ذلك فإنه يأتي به ، وعللوه بما ذكرناه من عدم المخالفة [ ص: 389 ] الفاحشة ، ولعل الفرق أن تكبيرات الانتقالات مجمع عليها فكانت آكد ، وأيضا فإن الاشتغال بالتكبيرات هنا قد يؤدي إلى عدم سماع قراءة الإمام بخلاف التكبير في حال الانتقال .

وأما جلسة الاستراحة فلثبوت حديثها في الصحيحين حتى لو ترك إمامه هنا جميع التكبيرات لم يأت بها ( ويجهر ) للاتباع ( ويرفع يديه ) استحبابا ( في الجميع ) من السبع والخمس كغيرها من معظم تكبيرات الصلاة ، ويستحب له وضع يمناه على يسراه تحت صدره بين كل تكبيرتين كما في تكبيرة التحرم ويأتي في إرسالهما ما مر ، ولو شك في عدد التكبيرات أخذ بالأقل كعدد الركعات ، [ ص: 390 ] ولو كبر ثمانيا وشك هل نوى الإحرام في واحدة منها استأنف الصلاة ، إذ الأصل عدم ذلك أو شك في أيها أحرم جعلها الأخيرة وأعادهن احتياطا .


حاشية الشبراملسي

( قوله : بنية صلاة عيد الفطر أو الأضحى ) قال حج مطلقا ، ومعنى الإطلاق سواء كانت مؤداة أو مقضية ( قوله ثم بسبع تكبيرات ) عبارة المناوي في شرحه الكبير للجامع عند قوله صلى الله عليه وسلم التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة نصها : قال بعض الأعاظم : حكمة هذا العدد أنه لما كان للوترية أثر عظيم في التذكير بالوتر الصمد الواحد الأحد ، وكان للسبعة منها مدخل عظيم في الشرع جعل تكبير صلاته وترا وجعل سبعا في الأولى كذلك ، وتذكيرا بأعمال الحج السبعة من الطواف والسعي والجمار تشويقا ، إليها ; لأن النظر إلى العدد الأكبر أكثر ، وتذكيرا يخالف هذا الوجود بالتفكر في أفعاله المعروفة من خلق السموات السبع والأرضين السبع وما فيها من الأيام السبع ; لأنه خلقهما في ستة أيام وخلق آدم عليه الصلاة والسلام في السابع يوم الجمعة ، ولما جرت عادة الشارع صلى الله عليه وسلم بالرفق بهذه الأمة ومنه تخفيف الثانية على الأولى وكانت الخمسة أقرب وترا إلى السبعة من دونها جعل تكبير الثانية خمسا لذلك ا هـ ( قوله يقف بين كل ثنتين ) قال عميرة : يستفاد منه أنه لا يقوله عقب السابعة والخامسة ولا بين تكبيرة الإمام والأولى ولا عقب قيام الثانية قبل أولى الخمس ا هـ .

وصرح بكل ذلك في شرح الروض ا هـ سم على منهج ( قوله : منها ) أي السبع والخمس ( قوله : بقدر سورة الإخلاص ) هذا قد يدل على أنهم لم يريدوا حقيقة الآية الواحدة ; لأن سورة الإخلاص آيات متعددة ا هـ سم على حج .

وقد يقال : تعددها [ ص: 388 ] لا ينافي ما قالوه فإن آياتها قصار ، وقد يقال : إن مجموعها لا يزيد على آية معتدلة ( قوله : يعقبها ذكر مسنون ) أي في الجملة ، وإلا فالقيام من السجدة الأخيرة يعقبه التشهد الأخير وهو واجب .

ومن الذكر المسنون أيضا التعوذ بعد التكبير من قيام السجدة الثانية من الركعة الأولى والثالثة ( قوله : أي يعظم الله ) زاد حج بالتسبيح والتحميد ( قوله : قولا ) أي بأنه قول إلخ ( قوله : ولو زاد على ذلك جاز ) أي من ذكر آخر بحيث لا يطول به الفصل عرفا بين التكبيرات ، ومن ذلك الجائز ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ( قوله : ولو قال ما اعتاده ) أي بدل ما قاله المصنف ولعله في زمنه ، وعبارة الروض وشرحه : ويذكر الله بينهما بالمأثور : أي المنقول .

وذكر من المنقول عن الصيدلاني عن بعض الأصحاب أنه يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير .

وعن المسعودي أنه يقول : سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك وجل ثناؤك ولا إله غيرك ا هـ . والظاهر أن مراده بالمنقول ما ورد من الأذكار وإن لم يكن في خصوص ما الكلام فيه فلا يتقيد بالأذكار الواردة هنا ، وهو مقتضى إطلاق المتن حيث قال : يقف بين كل إلخ ، ولم يقيده بذكر مخصوص ، وعليه فلو فصل بينها بذكر وترجم عنه بغير العربية عند العجز جاز كما قيل به في الأذكار الواردة عقب التشهد ( قوله : ويكبر في الثانية خمسا ) لو أدرك الإمام في الثانية : أي بعد التكبيرة الثانية من الركعة الأولى فعل معه الخمس وفي ثانيته يفعل الخمس أيضا ا هـ سم على منهج ( قوله : أو مالكي كبر ستا تابعه ) قال سم على حج : أي ندبا ا هـ .

وظاهره أنه يتابع الحنفي ولو أتى به بعد قراءة الفاتحة ووالاه ، وهو مشكل بناء على أن العبرة باعتقاد المأموم ، وهو يرى أن هذه التكبيرات ليست مطلوبة وأن الرفع فيها عند الموالاة مبطل ; لأنه تحصل به أفعال كثيرة متوالية ، فالقياس أنه لا يطلب منه تكبير وأن الإمام إذا والى بين الرفع وجبت مفارقته قبل تلبسه بالمبطل عندنا ، ومنه ما لو رفع يديه ثلاثا متوالية فإن صلاته تبطل بذلك ولو سهوا ; لأن سهو الفعل كعمده في البطلان بالكثير منه .

وقال حج : والأوجه أنه لا يتابعه إلا إن أتى بما يعتقده أحدهما ، وإلا فلا وجه لمتابعته حينئذ ا هـ .

وكتب عليه سم كلامهم كالصريح في أنه يتابعه في النقص وإن لم يعتقده واحد منهما ا هـ .

وتصوير الشارح بقوله : ولو اقتدى بحنفي إلخ يشعر بموافقة حج ، وبقي ما لو زاد إمامه على السبع أو الخمس هل يتابعه أو لا ؟ فيه نظر .

وينبغي له عدم متابعته [ ص: 389 ] لأن الزيادة على السبع والخمس غير مطلوبة ، ومع ذلك لو تابعه فيها بلا رفع لم يضر لأنه مجرد ذكر ، وعدم طلب الزيادة فيما ذكر يستفاد من قول حج ، والأوجه أنه لا يتابعه إلا إن أتى بما يعتقده أحدهما ( قوله : حتى لو ترك إمامه هنا جميع التكبيرات ) ويمكن أن يفرق بين هذا وما صرحوا به في صلاة الجماعة أنه لو اقتدى مصلي العيد بمصلي الصبح مثلا أتى بالتكبيرات باتحاد صلاة المأموم هنا واختلافها هناك فكان لكل حكمه ; لأن المخالفة مع اتحاد الصلاة تفحش وتعد افتياتا عليه بخلافها مع اختلافهما ا هـ سم على حج ( قوله : لم يأت بها ) أي سواء كان تركه لها عمدا أو سهوا أو جهلا لمحله ، ثم ما ذكر من أنه لا يأتي به إذا تركه إمامه يشكل بما لو ترك الإمام دعاء الافتتاح وشرع في القراءة فإن المأموم يأتي به ، اللهم إلا أن يقال : إن دعاء الافتتاح سنة من الصلاة لا فيها وهو آكد من التكبير فطلب مطلقا .

ثم رأيت في حج ما نصه : ويفرق بين ما هنا وعدم فوات نحو الافتتاح بشروع الإمام في الفاتحة بأنه شعار خفي لا يظهر به مخالفة بخلافها فإنه شعار ظاهر لندب الجهر بها والرفع فيها كما مر ، ففي الإتيان بها أو ببعضها بعد شروع الإمام في الفاتحة مخالفة له ، ويؤيده أنه لو اقتدى بمخالف فتركها تبعه أو دعاء الافتتاح لم يتبعه ا هـ ما ذكره شيخنا ، وما ذكرناه أوضح لأن ما ذكره قد يرد عليه أن الرفع والجهر سنتان زائدتان على التكبير وحيث عرض ما يقتضي تركهما تركا وجيء بالأصل وهو التكبير سرا ( قوله : ويرفع يديه ) قضية ذلك أن استحباب هذه التكبيرات مع رفع اليدين شامل لما إذا فرقها بذلك وما إذا والاها ، وقضية ذلك أن موالاة رفع اليدين معها لا يضر مع أنه أعمال كثيرة متوالية ووجهه كما وافق عليه م ر أن هذا الرفع والتحريك مطلوب في هذا المحل فلذا لم يكن مضرا ، لكن لعل الأوجه ما اعتمده شيخنا في شرح المنهاج مما يفيد البطلان في مثل ذلك فراجعه ا هـ سم على منهج .

وقوله مما يفيد البطلان ضعيف ، وعبارة حج : ولو اقتدى بحنفي والى التكبير والرفع لزمه مفارقته كما هو ظاهر ، لأن العبرة باعتقاد المأموم وليس كما مر في سجدة الشكر ; لأن المأموم يرى مطلق السجود في الصلاة ولا يرى التوالي المبطل فيها اختيارا أصلا .

نعم لا بد من تحققه للموالاة لانضباطها بالعرف وهو مضطرب في مثل ذلك ويظهر ضبطه بأن لا يستقر العضو بحيث ينفصل رفعه عن هويه حتى لا يسميان حركة واحدة انتهى .

وكتب عليه سم قوله لزمه : أي مفارقته .

أقول : هو غير بعيد وإن خالف م ر محتجا بالقياس على التصفيق المحتاج إليه إذا كثر وتوالى إلى آخر ما ذكر فليراجع ا هـ .

والأقرب ما قاله م ر ، إذ غايته أنه ترك سنة وهي الفصل بين التكبيرات وأتى بالتكبير الذي هو مطلوب منه ، ويمكن حمل كلام حج على ما لو والى بين التكبير والرفع بعد القراءة فإن البطلان فيه قريب كما قدمناه أيضا ( قوله : من معظم تكبيرات الصلاة ) في تعبيره بالمعظم نظر ، إذ الرفع إنما هو في التحرم والهوي للركوع والقيام من التشهد الأول ، والتكبير فيها ليس أكثر من باقي التكبيرات ولا مساويا .

اللهم إلا أن يقال : جعل ما عدا ما ذكر كأنه شيء واحد لتعلقه بالسجود ( قوله : كما في تكبيرة التحرم ) أي كما يفعل بعد الرفع في تكبيرة التحرم ( قوله : ويأتي في إرسالهما ما مر ) أي من أنه لا بأس به ، إذ المقصود عدم العبث [ ص: 390 ] بهما ، وهو حاصل مع الإرسال وإن كانت السنة وضعهما تحت صدره ( قوله : أو شك في أيها ) أي في أيها نوى به الإحرام ( قوله : وأعادهن احتياطا ) أي التكبيرات السبع

حاشية المغربي

[ ص: 387 ] قوله : ولأن سائر التكبيرات ) لا محل له هنا وإنما محله بعد قوله والله أكبر على أن الواو فيه لا معنى لها ، وعبارة [ ص: 388 ] شرح الروض عملا بما عليه السلف والخلف : ولأن سائر التكبيرات إلخ ( قوله : مع أنها ) أي التكبيرات ، وقوله : ليس في الإتيان بها : أي لو أتى بها بأن زاد على ما أتى الإمام ومع ذلك أمرناه بالمتابعة وعدم الزيادة

التالي السابق


الخدمات العلمية