صفحة جزء
( ويقرأ عنده ) سورة ( يس ) ندبا لخبر { أقرءوا على موتاكم يس } أي من حضره مقدمات الموت ; لأن الميت لا يقرأ عليه ، خلافا لما أخذ به ابن الرفعة كبعضهم من العمل بظاهر الخبر ولك أن تقول : لا مانع من إعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، فحيث قيل [ ص: 438 ] يطلب القراءة على الميت كانت يس أفضل من غيرها أخذا بظاهر هذا الخبر ، وكان معنى لا يقرأ على الميت : أي قبل دفنه ، إذ المطلوب الآن الاشتغال بتجهيزه ، أما بعد دفنه فيأتي في الوصية أن القراءة تنفعه في بعض الصور فلا مانع من ندبها حينئذ كالصدقة وغيرها ، وحكمة قراءتها تذكيره بما فيها من أحوال البعث والقيامة ، قيل ويقرأ عنده الرعد لقول جابر : إنها تهون طلوع الروح ، ونقل الإسنوي عن الجيلي أنه يستحب تجريعه ماء ، فإن العطش يغلب من شدة النزع فيخاف منه إزلال الشيطان ، إذ ورد أنه يأتي بماء زلال ويقول قل لا إله غيري حتى أسقيك ، وأقره الأذرعي وقال : إنه غريب حكما وتعليلا ا هـ .

، ومحله عند عدم ظهور أمارة احتياج المحتضر إليه ، أما عند ظهورها فهو واجب كما هو واضح .


حاشية الشبراملسي

( قوله : ويقرأ عنده سورة يس ) أي بتمامها روى الحارث بن أسامة { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأها وهو خائف أمن ، أو جائع شبع ، أو عطشان سقي ، أو عار كسي ، أو مريض شفي } ا هـ دميري ( قوله : من العمل بظاهر الخبر ) قال حج وهو أوجه إذ لا صارف عن ظاهره ، وكون الميت لا يقرأ عليه ممنوع لبقاء [ ص: 438 ] إدراك روحه فهو بالنسبة لسماع القرآن وحصول بركته له كالحي ، إذا صح السلام عليه فالقراءة أولى . نعم يؤيد الأول ما في خبر غريب { ما من مريض يقرأ عنده يس إلا مات ريانا وأدخل قبره ريانا } ا هـ رحمه الله ( قوله : أفضل من غيرها ) أي في الحياة وبعد الموت أيضا : أي فتكريرها أفضل من قراءة غيرها المساوي لما كرره ، ومثله تكرير ما حفظه منها ولو لم يحسنها بتمامها ; لأن كل جزء منها بخصوصه مطلوب في ضمن طلب كلها ، ويحتمل أنه يقرأ ما يحفظه من غيرها مما هو مشتمل على مثل ما فيها ولعله الأقرب ( قوله : إذ المطلوب الآن إلخ ) يؤخذ منه أن من لا علقة له بالاشتغال بتجهيزه تطلب القراءة منه وإن بعد عن الميت .

[ فائدة ] قال حج : وقد صرحوا بأنه يندب للزائر والمشيع قراءة شيء من القرآن ا هـ . وينبغي حمل ذلك على قراءته سرا ليوافق ما يأتي الشارح في المسائل المنثورة بعد قول المصنف : ويكره اللفظ من قوله ويسن الاشتغال بالقراءة والذكر سرا ا هـ ( قوله : تذكيره ) يؤخذ منه أنه يستحب قراءتها عنده جهرا ( قوله : ويقرأ عنده الرعد ) أي بتمامها إن اتفق له ذلك وإلا فما تيسر له منها ( قوله لقول جابر ) يؤخذ منه أنه يستحب قراءتها سرا ولو أمره المحتضر بالقراءة جهرا ; لأن فيه زيادة إيلام له ، وبقي ما لو تعارض عليه قراءتهما فهل يقدم يس لصحة حديثها أم الرعد ؟ فيه نظر ، وينبغي أن يقال بمراعاة حال المحتضر فإن كان عنده شعور وتذكر بأحوال البعث قرأ سورة يس وإلا قرأ سورة الرعد ( قوله أنه يأتي بماء زلال ) قال في المصباح : الماء الزلال العذب ا هـ ( قوله : حتى أسقيك ) أي فإن قال ذلك مات على غير الإيمان إن كان عقله حاضرا ، وإنما قلنا ذلك لجواز أن يكون عقله حاضرا وإن كنا لا نشاهد ذلك .

حاشية المغربي

[ ص: 437 ] قوله : في حقيقته ومجازه ) أي بالنسبة للفظ الميت ، فإذا استعملناه في حقيقته تكون على بمعنى عند على أن الشهاب حج أبقاها على حقيقتها حينئذ لبقاء إدراك الميت كما وردت به الأحاديث ( قوله : فحيث قيل ) أي كما قال ابن الرفعة [ ص: 438 ] قوله : كانت يس أفضل ) لا دخل له في الجمع كما هو ظاهر ( قوله : وكان معنى لا يقرأ على الميت ) أي الذي هو كلام غير ابن الرفعة ، لكن هذا إنما يأتي مع قطع النظر عن قوله ; لأن الميت لا يقرأ عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية