صفحة جزء
( و ) من سننه ( التسمية أوله ) أي الوضوء ولو بماء مغصوب كما [ ص: 184 ] شمله كلامهم خلافا لبعض المتأخرين لأنه قربة والعصيان لعارض لقوله صلى الله عليه وسلم { توضئوا بسم الله } أي قائلين ذلك ، وأقلها بسم الله ، وأكملها بسم الله الرحمن الرحيم ثم الحمد لله على الإسلام ونعمته الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ، زاد الغزالي : رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون .

ويسن التعوذ قبلها ، وتسن لكل أمر ذي بال عبادة أو غيرها كغسل وتيمم وتلاوة ولو من أثناء سورة وجماع وذبح وخروج من منزل لا للصلاة والحج والأذكار ، وتكره لمكروه ، ويظهر كما قاله الأذرعي تحريمها لمحرم ( فإن ترك ) التسمية عمدا أو سهوا أو في أول طعام أو شراب كذلك ( ففي أثنائه ) يأتي بها تداركا لما فاته فيقول : بسم الله أوله وآخره ، وأفهم كلامه أنه لا يأتي ما بعد فراغ وضوئه وهو كذلك ، بخلاف الأكل [ ص: 185 ] فإنه يأتي بها بعده كما أفاده الشيخ رحمه الله ليتقايأ الشيطان ما أكله ، وهل هو حقيقة أو لا ؟ محتمل ، وعلى كونه حقيقة لا يلزم أن يكون داخل الإناء فيجوز وقوعه خارجه


حاشية الشبراملسي

[ ص: 184 ] قوله : خلافا لبعض المتأخرين ) منهم الأذرعي كما ذكره حج في شرح العباب ( قوله : زاد الغزالي ) أي في بداية الهداية ( قوله : ولو من أثناء سورة ) شمل ذلك ما لو قرأ بعد الفاتحة في الصلاة من أثناء سورة وهو ظاهر ، والمراد بالأثناء ما بعد أول السورة ولو بنحو آية وقبل آخرها كذلك ، وظاهر اقتصارهم في بيان السنة على التسمية أنه لا يطلب التعوذ قبلها في المذكورات ، وقياس ما مر من طلب التعوذ قبل البسملة في الوضوء طلبها فيما ذكر ( قوله وجماع ) قال حج ولو تركها في أوله لا يأتي بما في أثنائه لكراهة الكلام عنده انتهى .

وقوله لكراهة الكلام عنده وقياس ما في آداب الخلاء من أنه إذا عطس فيه حمد الله بقلبه أنه يلاحظ التسمية بقلبه باطنا هنا ، ويحتمل الفرق بأن هنا لا يقتضي ذلك ، على أنه اختلف هناك في أن كراهة الكلام هل هي متعلقة بالمكان أو بحالة الشخص فلا يكره إلا عند خروج الخارج ، وقال أيضا : تحصل بالإتيان بها من كل من الزوجين فيما يظهر انتهى : قلت : ويوجه بأن المقصود منها دفع الشيطان وهو حاصل بتسميتها ، ونقل عن الشارح عدم الاكتفاء بها من المرأة ، وإنما يكفي من الزوج لأنه الفاعل انتهى .

وفيه وقفة ( قوله : تحريمها لمحرم ) أي لذاته كالزنا وشرب الخمر ، بقي المباحات التي لا شرف فيها كنقل متاع من مكان إلى آخر ، وقضية ما ذكر أنها مباحة فيه لأنه ليس حراما ولا مكروها ولا ذا بال ( قوله : تداركا لما فاته ) قال المحلي : ويستحب أن ينوي الوضوء أوله ليثاب على سننه المتقدمة على غسل الوجه ا هـ .

قال سم على حج : قوله ليثاب على إلخ قضيته حصول السنة من غير ثواب ا هـ .

لكن صرح ابن عبد السلام في مختصر الكفاية بأنه لا تحصل السنة أيضا ا هـ .

أقول : وهو ظاهر لأن هذا الفعل يقع عن العبادة وغيرها ، فمجرد وقوعه حيث لم يقترن بالنية ينصرف إلى العادة فلا يكون عبادة ( قوله أوله ) أي الأولى ذلك ، فلو ترك قوله أوله وآخره حصلت السنة .

وعبارة المحلي على أوله وآخره فيؤخذ من مجموعهما أن كلا كاف في حصول السنة ، ومراده بالأول ما قابل الآخر فيدخل الوسط ( قوله بعد فراغ وضوئه ) وانظر ما فراغه : أي الوضوء هل هو غسل الرجلين أو الذكر الذي بعده ا هـ سم في أثناء كلام .

قلت : الأقرب الثاني لأن المقصود عود البركة على جميع فعله ومنه الذكر ، وانظر لو عزم على أن يأتي بالتشهد وطال الفصل بين الفراغ وبين التشهد فهل يسن الإتيان بالبسملة [ ص: 185 ] حينئذ ؟ فيه نظر ، والأقرب أيضا أنه لا يسن لأنه فرع من أفعاله ، ويحتمل أن يأتي بها ما لم يطل زمن يعد به معرضا عن التشهد ( قوله : فإنه يأتي بها بعده ) وينبغي أن محله إذا قصر الفصل بحيث ينسب إليه عرفا

حاشية المغربي

[ ص: 184 ] قوله : تحريمها لمحرم ) أي لذاته ، فلا ينافي ما مر في الوضوء بماء مغصوب وكذا يقال في المكروه ، ولينظر لو أكل مغصوبا هل هو مثل الوضوء بماء مغصوب أو الحرمة فيه ذاتية ؟ والظاهر الأول ، وحينئذ فصورة المحرم الذي تحرم التسمية عنده أن يشرب خمرا أو يأكل ميتة لغير ضرورة ، والفرق بينه وبين أكل المغصوب أن الغصب أمر عارض على حل المأكول الذي هو الأصل بخلاف هذا ( قوله : أوله وآخره ) أي الأكمل ذلك وإلا فالسنة تحصل بدونه

التالي السابق


الخدمات العلمية