صفحة جزء
( و ) يغسل ( زوجته ) ولو كتابية وإن لم يرض به رجال محارمها من أهل ملتها وشمل ذلك ما لو نكح أختها ، أو نحوها أو أربعا سواها ; لأن حقوق النكاح لا تنقطع بالموت بدليل التوارث " وصح { عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة رضي الله عنها : ما ضرك لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك } رواه النسائي وابن حبان قال الوالد رحمه الله تعالى تتمة الخبر { إذا كنت تصبح عروسا } ، ومعنى قوله ما ضرك إلى آخره : أنه عليه الصلاة والسلام لا يغسل عائشة لأنها لا تموت قبله ; لأن لو حرف امتناع لامتناع ( وهي ) تغسل ( زوجها ) بالإجماع ولما صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه : أي لو ظهر لها قولها المذكور وقت غسله عليه الصلاة والسلام ما غسله إلا نساؤه لمصلحتهن بالقيام بهذا الغرض العظيم ; ولأن جميع بدنه يحل لهن نظره حال حياته ; ولأن أبا بكر أوصى بأن تغسله زوجته أسماء بنت عميس ففعلت ولم ينكره أحد ، ولا أثر لانقضاء عدتها بوضع عقب موته ولا لنكاحها غيره ; لأنه حق ثبت لها فلا يسقط كالميراث [ ص: 450 ] ويعلم مما سيأتي أن الكافر لا يغسل مسلما أن الذمية إنما تغسل زوجها الذمي لا الرجعية فلا تغسله لحرمة المس والنظر عليها وإن كانت كالزوجة في النفقة ونحوها ، ومثلها بالأولى البائن بطلاق ، أو فسخ ، وألحق بها الأذرعي الزوجة المعتدة عن وطء شبهة فلا تغسل زوجها ولا عكسه ، كما لا يغسل أمته المعتدة وفارقت المكاتبة وإن استويا في جواز النظر لما عدا ما بين السرة والركبة بأن الحق فيها تعلق بأجنبي ، بخلافه في المكاتبة فاندفع رد الزركشي له بقياسها عليها ( ويلفان ) أي السيد في تغسيل أمته وأحد الزوجين في تغسيل الآخر ( خرقة ) على يدهما استحبابا ( ولا مس ) واقع بينهما وبين الميت أي لا ينبغي ذلك لئلا ينتقض وضوء الغاسل فقط أما وضوء المغسول فلا لما مر ، لا يقال : هذا مكرر مع ما مر من لف الخرقة الشامل لأحد الزوجين ، فقد قيل ذاك في لف واجب وهو شامل لهما وهذا في لف مندوب وهو خاص بهما فلا تكرار ، نعم الذي يتوهم إنما هو تكرر هذا مع من عبر بأنه يسن لكل غاسل لف خرقة على يده في سائر غسله ، ومع ذلك لا تكرار أيضا ; لأن هذا بالنظر لكراهة المس وما هنا بالنظر لانتقاض الطهر به .


حاشية الشبراملسي

( قوله : إذا كنت تصبح عروسا ) ولا يقال فيه رضاها بموته صلى الله عليه وسلم ; لأنها علمت بقوله صلى الله عليه وسلم لو مت أنها لا تموت قبله ، فلو طلبت غير ذلك لكان فيه عدم تصديقه فيما أخبر به أو طلب مستحيل فليتأمل ( قوله : وهي تغسل زوجها ) ظاهره ولو كانت أمة وهو ظاهر ، ولا ينافي هذا ما يأتي له من أنها لا حق لها في ولاية الغسل ; لأن الكلام هنا في الجواز ( قوله : ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه ) انظر هل يرد أن هذا قول صحابي فلا يستدل به ا هـ سم على منهج . أقول : لعل المراد أن قولها اشتهر ولم ينكر عليها أحد من الصحابة رضي الله تعالى عنهم ( قوله : أي لو ظهر لها قولها إلخ ) هذا يدل على أنها ظهر لها أن نساءه كن أحق بغسله من غيرهن من الرجال ، وهو لا يطابق المقصود من أن غسلهن جائز مع كون غيرهن من الرجال أحق ، ويمكن الجواب بأنه دل على الجواز والتقدم ، فصرف عن التقدم صارف فبقي أصل الجواز ، أو أن المعنى أنها تقول : لو استقبلت من أمري إلخ [ ص: 450 ] لاسترضيت الذين هم أحق بالغسل وتولينا غسله صلى الله عليه وسلم ( قوله : إن الذمية إنما تغسل زوجها ) إن كان المراد أنها لا حق لها بحيث تقدم به على غيرها فظاهر وإن كان المراد أنها لا تمكن من التغسيل ففيه نظر ; لأنه لا يلزم من عدم الأولوية عدم الجواز . ثم رأيت بهامش عن شرح الروض والبهجة أنه يكره تغسيل الذمية زوجها المسلم ، وأن شيخنا الزيادي اعتمده ، وهو صريح في قول المحلي إلا أن غسل الذمية لزوجها المسلم مكروه ( قوله فلا تغسل زوجها ) معتمد وذلك لحرمة النظر من الجانبين كما صرح به الشارح قبيل الخطبة ( قوله : أي لا ينبغي ذلك ) أي لا يحسن فالمس مكروه في غير العورة ، أما فيها فحرام لما مر في قوله : ولف الخرقة واجب لحرمة مس شيء من عورته بلا حائل ( قوله : فلا لما مر ) أي فلا ينتقض وإن نقضنا طهر الملموس الحي ; لأن الشرع أذن له فيه للحاجة ا هـ سم على منهج ( قوله : وهو شامل لهما ) ومنه يعلم حرمة مس أحد الزوجين عورة الآخر وكراهة مس ما عداها ، وبه صرح حج فيما تقدم ، ونقل ابن قاسم على حج هنا عن الشارح جواز مس العورة من كل منهما ، وعليه فما ذكره هنا من الندب مخصص لعموم قوله ثم ولف الخرقة واجب ، وكأنه قيل إلا في حق الزوجين وهو ظاهر قوله هنا وهو خاص بهما ، فيكون المس ولو للعورة عنده مكروها لا حراما ( قوله : ; لأن هذا ) أي ما ذكر من قوله بأنه يسن إلخ .

حاشية المغربي

[ ص: 449 ] قوله : لا يغسل عائشة ; لأنها لا تموت قبله ) هذا قد ينتج نقيض المطلوب ، على أنه ليس معناه ما ذكر ; لأن ما ضرك دليل الجواب ، وليس الجواب قوله فغسلتك إلخ كما هو ظاهر ( قوله : ولا أثر لانقضاء عدتها ) لو أخره عن العلة بعده [ ص: 450 ] كان أولى ( قوله : ويعلم مما يأتي أن الكافر لا يغسل مسلما ) أي إن كان هناك غيره أخذا مما يأتي قريبا في قوله ولو حضر الميت الذكر كافر ومسلمة غسله ، ثم لك أن تقول : إن كان مراد الشارح بما يأتي ما سيأتي في قوله وشرط التقديم الاتحاد في الإسلام والكفر ، فعلم هذا منه ممنوع ; لأن الكلام فيه في التقديم وعدمه فلا يعلم منه حكم الجواز ، وإن كان مراده غير هذا ففي أي محل ( قوله : على يدهما استحبابا ) ظاهره ، ولو في العورة ، وهو ما نقله عنه الشهاب سم في حواشي التحفة ( قوله : فقد قيل ذاك في لف واجب ) أي ; لأنه مفروض في السوأتين كما مر .

التالي السابق


الخدمات العلمية