صفحة جزء
( ولا يجلس على القبر ) المحترم ولا يتكأ عليه ولا يستند إليه ( ولا يوطأ ) عليه فيكون مكروها إلا لحاجة بأن حال القبر دون من يزوره ولو أجنبيا بأن لا يصل إليه إلا بوطئه فلا يكره ، وفهم بالأولى عدم الكراهة لضرورة الدفن والحكمة في عدم الجلوس ونحوه توقير الميت واحترامه ، وأما خبر مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال { لأن يجلس أحدكم على جمرة فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر } ففسر الجلوس عليه بالجلوس للبول والغائط .

ورواه ابن وهب أيضا في مسنده بلفظ : { من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط } .

وهو حرام بالإجماع ، أما غير المحترم كقبر مرتد وحربي فلا كراهة فيه ، والظاهر أنه لا حرمة لقبر الذمي في نفسه لكن ينبغي اجتنابه لأجل كف الأذى عن أحيائهم إذا وجدوا ، ولا شك في كراهة المكث في مقابرهم ومحل ما مر عند عدم مضي مدة يتيقن فيها أنه لم يبق من الميت شيء في القبر ، فإن مضت فلا بأس بالانتفاع به ولا كراهة في مشيه بين المقابر بنعل على المشهور لخبر { إنه ليسمع قرع نعالكم } وما ورد من الأمر بإلقاء السبتيتين فيحتمل أن يكون لكونهما من لباس المترفهين أو ; لأنه كان بهما نجاسة ، والنعال السبتية بكسر السين المدبوغة بالقرظ ( ويقرب زائره ) منه ( كقربه منه ) في زيارته له ( حيا ) أي ينبغي ذلك كما في الروضة كأصلها احتراما له .

نعم لو كان عادته معه البعد وقد أوصى بالقرب منه قرب منه ; لأنه حقه كما لو أذن له [ ص: 13 ] في الحياة ، قاله الزركشي .

أما من كان يهاب حال حياته لكونه جبارا كالولاة الظلمة فلا اعتبار به


حاشية الشبراملسي

( قوله : فيكون مكروها إلا لحاجة إلخ ) قال حج : وظاهر أن المراد به محاذي الميت لا ما اعتيد التحويط عليه فإنه قد يكون غير محاذ له لا سيما في اللحد ، ويحتمل إلحاق ما قرب منه جدا به ; لأنه يطلق عليه عرفا أنه محاذ له ا هـ رحمه الله ( قوله : فلا كراهة فيه ) أي في الجلوس والوطء ، وينبغي عدم حرمة البول والتغوط على قبورهما لعدم حرمتهما ولا عبرة بتأذي الأحياء .

( قوله : لكن ينبغي اجتنابه ) أي وجوبا في البول والغائط وندبا في نحو الجلوس عليه ( قوله : أنه لم يبق من الميت شيء إلخ ) أي سوى عجب الذنب ; لأنه لا يبلى ( قوله : ولا كراهة في مشيه بين المقابر بنعل ) أي ما لم يكن متنجسا بنجاسة رطبة فيحرم إن مشى به على القبر ، أما غير الرطبة فلا ( قوله : نعم لو كان عادته إلخ ) منه يؤخذ كراهة ما عليه عامة زوار الأولياء من دقهم التوابيت وتعلقهم بها ونحو ذلك .

والسنة في حقهم التأدب في زيارتهم وعدم رفع الصوت عندهم والبعد عنهم قدر ما جرت به العادة في زيارتهم في الحياة تعظيما لهم وإكراما .

قال حج : والتزام القبر أو ما عليه من نحو تابوت ولو قبره صلى الله عليه وسلم بنحو يده وتقبيله بدعة مكروهة قبيحة ا هـ رحمه الله ، وسيأتي في الشارح كلام في ذلك بعد قول المصنف والكتابة [ ص: 13 ] عليه

حاشية المغربي

[ ص: 12 ] قوله : فيحتمل أن يكون لكونها من لباس المترفهون إلخ ) يفيد كراهة المشي في النعال السبتية والمتنجسة بين القبور وظاهره وإن كانت جافة فليراجع

التالي السابق


الخدمات العلمية