صفحة جزء
( ويحرم الندب بتعديد ) الباء زائدة إذ حقيقة الندب تعداد ( شمائله ) وهو كما حكاه المصنف في أذكاره وجزم به في مجموعه عدها مع البكا كوا كهفاه وا جبلاه لما سيأتي وللإجماع ، وجاء في الإباحة ما يشبه الندب ، وفي الحقيقة المحرم الندب لا البكا ; لأن اقتران المحرم بجائز لا يصيره حراما خلافا لجمع ، ومن ثم رد أبو زرعة قول من قال يحرم البكا عند ندب أو نياحة أو شق جيب أو نشر شعر أو ضرب خد ، فإن البكا جائز مطلقا وهذه الأمور محرمة مطلقا وليس منه وهو خبر البخاري عن أنس لما نقل { أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب ، فقالت فاطمة : وا أبتاه ، فقال : ليس على أبيك كرب بعد اليوم ، فلما مات قالت : يا أبتاه أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه } ( و ) يحرم ( النوح ) وهو كما في المجموع رفع الصوت بالندب ولو من غير بكى ، وقيده بعضهم بالكلام المسجع ، والأوجه عدم التقييد لخبر { النائحة إذا لم تتب تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب } رواه مسلم ، والسربال القميص ، وخص القطران بكسر الطاء وسكونها بالذكر ; لأنه أبلغ في اشتعال النار وفعل ذلك خلف الجنازة أشد تحريما


حاشية الشبراملسي

( قوله : ويحرم الندب ) هو كالنوح الآتي صغيرة لا كبيرة كما قالاه الشيخان في باب الشهادات ا هـ خطيب ، وفي حج هنا أن النوح والجزع كبيرة .

( قوله : وجاء في الإباحة ما يشبه الندب ) أي جاء في الألفاظ المباحة ألفاظ تشبه الندب وليست منه ( قوله : فإن البكا جائز ) الفاء بمعنى اللام ( قوله : إلى جبريل ننعاه ) أي نخبر بموته ، وإنما خصت لي جبريل لعلمه بمقامه عليه الصلاة والسلام وتكرر نزوله عليه وملازمته له .

وفي مختار الصحاح : النعي خبر الموت يقال نعاه له ينعاه نعيا بوزن سعي ا هـ .

وهو صريح ما قلناه هذا ، ولكن الظاهر أنها لم ترد ذلك بخصوصه ، وإنما أرادت تذكر مآثره إلى جبريل تحسرا على عادة من يفقد صديقه فإنه يتذكر مآثره له تأسفا وتحسرا

حاشية المغربي

[ ص: 16 ] قوله : وهو كما حكاه المصنف في أذكاره إلخ ) فيه تناقض مع قوله إذ حقيقة الندب تعداد شمائله لأن هذا يفيد أنه مركب من التعداد المذكور مع البكاء ، فالبكاء جزم من حقيقته بخلاف ذاك ، ثم إن الذي حكاه الشهاب حج عن المجموع أنه جعل البكاء شرطا لتحريم الندب لا جزءا من حقيقته ، بخلاف ما نقله عنه الشارح ، وعلى كل من النقلين لا يتأتى قول الشارح الآتي ، وفي الحقيقة المحرم الندب لا البكاء إلخ ، إذ هو صريح في أن الندب في حد ذاته محرم سواء اقترن بالبكاء أم لا فتأمل ( قوله : وفي الحقيقة المحرم الندب لا البكاء ) فيه ما قدمناه ( قوله : وليس منه إلخ ) هذا تمام قوله السابق وجاء في الإباحة ما يشبه الندب ، فالواو فيه للحال والضمير في قوله وهو خبر البخاري راجع إلى ما من قوله ما يشبه الندب والعبارة عبارة شرح الروض بالحرف ، وما أدري ما الحامل للشارح على فصل أجزائها فصلا يفسدها ، وكأنه توهم أن لفظا خبر اسم ليس ومنه خبرها وحينئذ فكان عليه أن يحذف لفظ وهو فتأمل

التالي السابق


الخدمات العلمية