صفحة جزء
( ولا يكمل ) في النصاب ( جنس بجنس ) أما التمر والزبيب فبالإجماع ، وأما الحنطة والشعير والعدس والحمص فبالقياس لانفراد كل باسم وطبع خاصين ( ويضم ) فيه ( النوع إلى النوع ) كأنواع التمر والزبيب وغيرهما لاشتراكهما في الاسم ، وإن تباينا في الجودة والرداءة واختلف مكانهما ( ويخرج من كل ) من النوعين أو الأنواع ( بقسطه ) لانتفاء المشقة فيه ، بخلاف المواشي فإن الأصح أنه يخرج نوعا منها بشرط رعاية القيمة والتوزيع كما مر ، ولا يؤخذ البعض من هذا والبعض من الآخر للمشقة ( فإن عسر ) لكثرة الأنواع وقلة الحاصل من كل نوع ( أخرج الوسط ) منها دون الأعلى والأدنى لرعاية الجانبين ، فلو تكلف وأخرج من كل واحد بالقسط جاز بل هو أفضل كما نقله في شرح المهذب ( ويضم العلس إلى الحنطة ; لأنه نوع منها ) وهو قوت صنعاء اليمن يكون في الكمام حبتان وثلاث ( والسلت ) بضم السين وسكون اللام ( جنس مستقل ) فلا يضم إلى غيره ( وقيل شعير ) فيضم له لشبهه به في برودة الطبع ( وقيل حنطة ) فيضم إليه لشبهه بها لونا وملاسة ، والأول قال : اكتسب من تركب الشبهين طبعا انفرد به وصار أصلا برأسه ( ولا يضم ثمر عام وزرعه ) في إكمال النصاب ( إلى ) ثمر وزرع عام ( آخر ) وإن فرض إطلاع ثمر العام الثاني قبل جذاذ الأول بالإجماع ، ولو تصور نخل أو كرم يحمل في العام مرتين لم يضم أحدهما للآخر بل هما كثمرة عامين ( ويضم ثمر العام ) الواحد ( بعضه إلى بعض وإن اختلف إدراكه ) لاختلاف أنواعه وبلاده حرارة وبرودة كنجد [ ص: 75 ] وتهامة ، فتهامة حارة يسرع إدراك ثمرها ونجد باردة ، والمراد بالعام هذا اثنا عشر شهرا عربية .

قال الشيخ : والقول بأنه أربعة أشهر غير صحيح ، وأشار بذلك للرد على ابن الرفعة ; لأنه نقله عن الأصحاب ، والعبرة في الضم هنا بإطلاعهما في عام واحد كما صرح به ابن المقري في شرح إرشاده ، وهو المعتمد خلافا لما في الحاوي الصغير من اعتبار القطع فيضم طلع نخله إلى الآخر إن أطلع الثاني قبل جذاذ الأول وكذا بعده في عام واحد ، ( وقيل إن أطلع الثاني بعد جذاذ الأول ) بفتح الجيم وكسرها وإهمال الدالين وإعجامهما أي قطعه ( لم يضم ) لأنه يشبه ثمر عامين ، ولو أطلع الثاني قبل بدو صلاح الأول ضم إليه جزما ( وزرعا العام يضمان ) وإن اختلفت زراعته في الفصول ، ويتصور ذلك في الذرة فإنها تزرع في الربيع والخريف والصيف ( والأظهر ) في الضم ( اعتبار وقوع حصاديهما في سنة ) واحدة بأن يكون بين حصد الأول والثاني أقل من اثني عشر شهرا عربية ، وإن لم يقع الزرعان في سنة إذ الحصاد هو المقصود وعنده يستقر الوجوب .

والثاني الاعتبار بوقوع الزرعين في السنة ; لأن الزراعة هي الأصل ، وداخلة أيضا تحت القدرة ، وجملة ما فيها عشرة أقوال أصحها ما ذكره المصنف ونقله عن الأكثرين ، وهو المعتمد وإن قال الإسنوي : إنه نقل باطل يطول القول بتفصيله .

والحاصل أني لم أر من صححه فضلا عن عزوه إلى الأكثرين ، بل رجح كثيرون اعتبار وقوع الزرعين في عام منهم البندنيجي وابن الصباغ ، وذكر نحوه ابن النقيب .

قال الشيخ في شرح منهجه : ويجاب بأن ذلك لا يقدح في نقل الشيخين ; لأن من حفظ حجة على من لم يحفظ : أي لأن المثبت مقام على النافي .

والمراد بالحصاد حصوله بالقوة لا بالفعل كما أفاده الكمال بن أبي شريف ، وقال : إن تعليلهم يرشد إليه ، ولو وقع الزرعان معا أو على التواصل المعتاد ، ثم أدرك أحدهما والآخر بقل لم يشتد حبه فالأصح القطع فيه بالضم ، ولو اختلف المالك والساعي في أنه زرع عام أو عامين صدق المالك في دعواه كونه في عامين ، فإن اتهمه حلفه ندبا ; لأن ما ادعاه غير مخالف بالظاهر والمستخلف من أصل كذرة سنبلت مرة ثانية في عام يضم إلى الأصل كما علم مما مر ، بخلاف نظيره من الكرم والنخل ; لأنهما يرادان للتأبيد فجعل كل حمل كثمرة عام ، بخلاف الذرة ونحوها فألحق الخارج منها ثانيا بالأول كزرع تعجل إدراك بعضه


حاشية الشبراملسي

( قوله : ويخرج من كل بقسطه ) مفهومه أنه لو أخرج من أحد النوعين عنهما لا يكفي ، وإن كان ما أخرج منه أعلى قيمة من الآخر ، وليس مرادا لأنه لا ضرورة على الفقراء ، وليس بدلا عن الواجب لاتحاد الجنس ، وقد يؤخذ ذلك من عموم قول متن المنهج : ويجزي نوع عن نوع آخر لرعاية القيمة ا هـ .

حيث عدل عن التعبير بالماشية إلى الأنواع الشاملة للماشية ولغيرها ( قوله : ولا يؤخذ البعض إلخ ) أي لا يكلف دفع ذلك بل لا يجوز فيما لو دفع نصف عنز ونصف نعجة من أربعين عشرون منها من الضأن وعشرون من المعز ( قوله فلا يضم إلى غيره ) .

[ تنبيه ] يقع كثيرا أن البر يختلط بالشعير ، والذي يظهر أن الشعير إن قل بحيث لو ميز لم يؤثر في النقص لم يعتبر فلا يجزي إخراج شعير ، ولا يدخل في الحساب وإلا لم يكمل أحدهما بالآخر فما كمل نصابه أخرج عنه من غير المختلط ا هـ حج ( قوله : يحمل في العام مرتين ) أي بأن ينفصل الحمل الثاني عن الحمل الأول ، وأما ما يخرج متتابعا بحيث يتأخر بروز الثاني عن بروز الأول بنحو يومين أو ثلاث ثم يتلاحق به في الكبر فكأنه حمل واحد ( قوله : كثمرة عامين ) أي وإن كان إطلاعهما في عام واحد ( قوله : وإن اختلف إدراكه ) وعليه فلو أدرك بعضه ، ولم يبلغ نصابا جاز له التصرف فيه ، ثم إذا أدرك باقيه وكمل به النصاب زكى الجميع إن كان الأول باقيا أو تالفا ، فإن سبق [ ص: 75 ] له بيع تبين بطلانه في قدر الزكاة ، ويجب على المشتري رده إن كان باقيا ، ورد بدله إن كان تالفا .

ثم رأيت في كلام سم على حج ما يصرح بذلك فليراجع .

( قوله : والقول بأنه أربعة أشهر غير صحيح ) لجريان العادة بأن ما بين إطلاع النخلة إلى بدو صلاحه ومنتهى إدراكها ذلك ا هـ حج ( قوله : وقوع حصاديهما في سنة ) والفرق بين هذا وبين النخل حيث اعتبر فيه اتحاد الإطلاعين أن نحو النخل بمجرد الإطلاع صلح للانتفاع به سائر أنواعه ، بخلاف الزرع فإنه لا ينتفع به بمجرد ذلك ، وإنما المقصود منه للآدميين الحب خاصة فاعتبر حصاده ( قوله يضم إلى الأصل ) ظاهره وإن طالت المدة ولم يقع حصاداهما في عام ، ويمكن توجيهه بأنه لما كان مستخلفا من الأصل نزل منزلة [ ص: 76 ] أصله

التالي السابق


الخدمات العلمية