صفحة جزء
( وشرطه ) أي الخارص ( العدالة ) فلا يقبل الفاسق فيه ، وأن يكون عالما بالخرص ; لأنه اجتهاد والجاهل بشيء غير أهل للاجتهاد فيه ( وكذا ) شرطه ( الحرية والذكورة في الأصح ) إذ الخرص ولاية ، والرقيق والمرأة ليس من أهلها والثاني لا يشترطان كما في الكيال والوزان ، وعلم من العدالة الإسلام والبلوغ والعقل ، ولا بد أن يكون ناطقا بصيرا إذ الخرص إخبار وولاية وانتفاء وصف مما ذكر يمنع قبول الخبر أو الولاية ( فإذا خرص فالأظهر أن حق الفقراء ينقطع من عين الثمر ) بالمثلثة ( ويصير في ذمة المالك التمر والزبيب ليخرجهما بعد جفافه ) إن لم يتلف قبل التمكن بلا تفريط ; لأن الخرص يبيح له التصرف في الجميع كما سيأتي وذلك دال على انقطاع حقهم منه ، والثاني لا ينتقل حقهم إلى ذمته بل يستمر متعلقا بالعين كما كان ; لأنه ظن وتخمين فلا يؤثر في نقل الحق إلى الذمة ، وفائدة الخرص على هذا جواز التصرف في غير قدر الزكاة ، ويسمى قول العبرة : أي اعتبار القدر ، والأول قول التضمين ( ويشترط ) في الانقطاع والصيرورة المذكورين ( التصريح ) من الخارص أو من يقوم مقامه ( بتضمينه ) أي المالك حق المستحقين كأن يقول : ضمنتك نصيب المستحقين من الرطب أو العنب بكذا تمرا أو زبيبا ( وقبول المالك ) أو من يقوم مقامه شرعا التضمين ( على المذهب ) بناء على الأظهر وهو انتقال الحق من العين إلى الذمة فلا بد من رضاهما كالبائع والمشتري فإن لم يضمنه أو ضمنه فلم يقبل بقي حق الفقراء بحاله ، وقد علم مما تقرر عدم اختصاص التضمين بالمالك ، فلو خرص الساعي ثمرة بين مسلم ويهودي وضمن الزكاة الواجبة على المسلم لليهودي جاز كما ضمن عبد الله بن رواحة اليهود الزكاة الواجبة على الغانمين ، حكاه البلقيني .

قال : وإذا كان المالك صبيا أو مجنونا فالتضمين يقع للولي فيتعلق به كما يتعلق به ثمن ما اشتراه له ، والخطاب في الأصل يتعلق بمال الصبي ، وقد أشرت إلى ذلك فيما مر بقولي أو من يقوم مقامه شرعا ( وقيل ينقطع ) [ ص: 82 ] حق الفقراء ( بنفس الخرص ) لعدم ورود التضمين في الحديث ، وليس هذا التضمين على حقيقة الضمان لأنه لو تلف جميع الثمار بآفة سماوية أو سرقت من الشجر أو الجرين قبل الجفاف من غير تفريط فلا شيء عليه قطعا لفوات الإمكان ، وإن تلف بعضها فإن كان الباقي نصابا زكاه أو دونه أخرج حصته بناء على أن التمكن شرط للضمان لا للوجوب ، فإن تلف بتفريط كأن وضعه في غير حرز مثله ضمن ، وإنما لم يضمن في حالة عدم تقصيره مع تقدم التضمين لبناء أمر الزكاة على المساهلة ; لأنها علقة ثبتت من غير اختيار المالك فبقاء الحق مشروط بإمكان الأداء ( فإذا ضمن ) أي المالك ( جاز تصرفه في جميع المخروص بيعا وغيره ) لانقطاع تعلقهم من العين ، وقد يفهم كلامه امتناع تصرفه قبل التضمين في جميع المخروص لا في بعضه ، وهو كذلك فينفذ تصرفه فيما عدا الواجب شائعا لبقاء الحق في العين لا معينا فيحرم عليه أكل شيء منه ، فإن لم يبعث الحاكم خارصا أو لم يكن تحاكما إلى عدلين عالمين بالخرص يخرصان عليه لينتقل الحق إلى الذمة ويتصرف في الثمرة ، ولا يكفي واحد احتياطا للفقراء ، ولأن التحكيم هنا على خلاف الأصل رفقا بالمالك فبحث بعضهم إجزاء واحد يرد بذلك ، ومحل جواز التضمين المتقدم إذا كان المالك موسرا ، فإن كان معسرا فلا لما فيه من ضرر المستحقين ، فاندفع قول الأذرعي إطلاق القول بجواز نفوذ تصرفه بعد التضمين بالبيع وغيره مشكل إذا كان المالك معسرا ، ويعلم أنه يصرف الثمرة كلها في دينه أو تأكلها كلها عياله قبل الجفاف ويضيع حق المستحقين ولا ينفعهم كونه في ذمته الخربة فتأمله


حاشية الشبراملسي

( قوله : إذ الخرص إخبار وولاية ) الأولى أن يقول وشهادة فإن الأعمى من أهل الولاية في الجملة ، وليس من أهل الشهادة إلا أن يقال مراده الولاية الكاملة الشاملة لولاية القضاء ونحوه ( قوله : التصريح من الخارص ) أي إن كان مأذونا له من الإمام في التضمين ( قوله : أو من يقوم مقامه ) ومنه شريكه كما يأتي في قوله ، وقد علم مما تقرر عدم إلخ ( قوله : وضمن الزكاة الواجبة على المسلم لليهودي ) قضيته صحة ذلك وإن لم يأذن له المسلم في القبول ، وهي المتبادر من قوله أو من يقوم مقامه ، لكن قد يشكل عليه ما مر في زكاة الخلطة من أن من أدى حقا [ ص: 82 ] على غيره يحتاج للنية بغير إذنه لا يسقط عنه لا في الخلطة ، ووجه الإشكال أن المال وإن كان مشتركا بين المسلم واليهودي إلا أن اليهودي ليس أهلا للزكاة فلا تؤثر الخلطة معه ، ثم قال : وقد يقال لما كان أمر الزكاة مبنيا على المسامحة اكتفوا بتضمين الشريك ، وإن لم يكن مأذونا له ( قوله كأن وضعه في غير حرز مثله ضمن ) الأوجه أنه يضمن المثل ا هـ سم على بهجة ، ويفيده قول الشارح السابق ، ومثله إن كان تالفا إلخ ومعلوم أنه يضمن الكل ( قوله : فينفذ تصرفه ) تفريع على قول المصنف جاز تصرفه إلخ ( قوله : أو لم يكن تحاكم إلى عدلين ) قضيته أنه [ ص: 83 ] لا يكفي خرصه هو ، ولو احتاط للفقراء وكان عارفا للخرص وهو ظاهر لاتهامه ، وإنما صدق في عدد الماشية ; لأنه إذا ادعى دون ما ذكره الساعي فقد ادعى عدم الوجوب ، وهو الأصل مع أن الساعي ثم يمكنه العد فإن رأى منه ريبة عد وهنا تحققنا الوجوب ، وهو متعلق بالعين ويريد نقله من العين إلى الذمة ، والأصل عدم انقطاع التعلق بالعين فعمل بالأصل فيهما

حاشية المغربي

[ ص: 81 ] قوله : وفائدة الخرص على هذا جواز التصرف إلخ ) إن كان المراد بالجواز النفوذ لم يصح لأن الأمر كذلك قبل الخرص أيضا كما يأتي وإن كان المراد به مقابل الحرمة ، فالذي يصرح به كلام الشارح كما يأتي أنه لا حرمة قبل الخرص خلافا لما صرح به الشهاب حج كما يأتي عنه ، فلعل هذا القائل ممن يرى ما ذهب إليه الشهاب المذكور ( قوله كما ضمن عبد الله بن رواحة اليهود الزكاة الواجبة على الغانمين ) وكأنهم كانوا ساقوهم على الشجر فهم شركاؤهم في الثمرة حتى يتم الدليل ( قوله : قد أشرت لذلك ) أي لمسألتي الصبي والمجنون كما أشار بذلك أيضا لمسألة الشريك ونبه [ ص: 82 ] عليه أولا بقوله وقد علم مما تقرر إلخ ( قوله وليس هذا التضمين على حقيقة الضمان ) أي لما سيأتي من بناء أمر الزكاة على المساهلة ( قوله : قبل الجفاف ) أي أو بعده وقبل التمكن من الإخراج كما لا يخفى ( قوله : فيحرم عليه أكل شيء منه ) أي لا أن الأكل إنما يرد على معين ، بخلاف نحو البيع يقع شائعا ، وقضية هذا عدم حرمة نحو البيع خلافا لما في التحفة من التصريح بها ، فقد قال الشهاب سم : إنه لا وجه له فإن ذلك أولى بالجواز من حصة الشريك لضعف الشركة بدليل أن له إخراجها من غير المال ، وأن لنا قولا بالصحة في بيع الجميع على قول الشركة نظرا إلى أنها غير حقيقية ا هـ ( قوله : فاندفع قول الأذرعي ) لا يخفى أن الذي ذكره لا يدفع كلام الأذرعي بل هو نتيجته ، [ ص: 83 ] فكان ينبغي خلاف هذا التعبير

التالي السابق


الخدمات العلمية