صفحة جزء
( ويحرم [ ص: 91 ] على الرجل ) والخنثى ( حلي الذهب ) ولو في آلة حرب للخبر المار إلا إن صدئ بحيث لا يبين كما في المجموع عن جمع وأقره ، ووجهه زوال الخيلاء عنه حينئذ نظير ما مر في إناء نقد صدئ أو غشي ( إلا الأنف ) للمجدوع فيجوز له اتخاذه منه ، وإن أمكن من فضة لأن { عرفجة بن أسعد قطع أنفه يوم الكلاب بضم الكاف اسم لماء كانت الوقعة عنده في الجاهلية ، فاتخذ أنفا من ورق فأنتن عليه ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فاتخذ أنفا من ذهب } . رواه الترمذي وحسنه وابن حبان وصححه

( و ) إلا ( الأنملة ) فيجوز اتخاذها منه قياسا على الأنف ، ولو لكل أصبع والأنملة بتثليث الهمزة والميم تسع لغات أفصحها وأشهرها فتح الهمزة وضم الميم ، والأنامل أطراف الأصابع وفي كل أصبع غير الإبهام ثلاث أنامل ( و ) إلا ( السن ) فيجوز لمن قلعت سنه اتخاذ بدلها مما ذكر قياسا على الأنف وإن تعددت كما هو ظاهر إطلاقهم ، وله شد السن به عند تزلزلها ولا زكاة في ذلك ، وإن أمكن نزعه ورده كما اقتضاه كلام الماوردي ، وكل ما جاز من الذهب فهو بالفضة أولى وحكمة جوازه مع التمكن من الاتخاذ منها أنه لا يصدأ إذا كان خالصا بخلافها ولا يفسد المنبت أيضا ، وقد شد عثمان وغيره أسنانهم به ولم ينكره أحد ( لا الأصبع ) والأنملتين منه فلا يجوز من ذهب ولا فضة ; لأنها لا تعمل فتكون لمجرد الزينة ، بخلاف السن والأنملة فإنه يمكن [ ص: 92 ] تحريكها ويؤخذ منه عدم جواز أنملة سفلى كالأصبع لما ذكر ، وعلم منه حرمة اليد بطريق الأولى ، وأخذ الأذرعي مما تقدم أن ما تحت الأنملة لو كان أشل امتنعت ، ويؤخذ منه أن الزائدة إن عملت حلت وإلا فلا ( ويحرم ) ( سن الخاتم ) على الرجل من ذهب استعمالا واتخاذا ، والمراد به الشعبة التي يستمسك الفص بها ( على الصحيح ) لعموم أدلة المنع مع عدم الحاجة له ، وسواء في ذلك قليله وكثيره ، ويفارق ضبة الإناء الصغيرة على رأي الرافعي بأن الخاتم أدوم استعمالا من الإناء ومقابله يلحقه بالضبة المذكورة ( ويحل له ) أي الرجل ومثله الخنثى بل أولى ( من الفضة الخاتم ) أي لبسه في خنصر يمينه وفي خنصر يساره للاتباع ، لكن لبسه في اليمين أفضل ; لأنه زينة واليمين أشرف ، ويجوز لبسه فيهما معا بفص وبدونه ، وجعل الفص في باطن الكف أفضل للأخبار الصحيحة فيه ، ويجوز نقشه وإن كان فيه ذكر الله تعالى ولا كراهة فيه .

قال ابن الرفعة : وينبغي أن ينقص الخاتم من مثقال لخبر أبي داود { أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل وجده لابس خاتم حديد : ما لي أرى عليك حلية أهل النار ، فطرحه فقال : يا رسول الله من أي شيء أتخذه ؟ قال : من ورق ولا تبلغه مثقالا } ا هـ . والخبر ضعفه المصنف في شرحي المهذب ومسلم ، وقال النيسابوري : إنه منكر ، واستغربه الترمذي وإن صححه ابن حبان وحسنه ابن حجر

فالمعتمد ضبطه بالعرف فيرجع في زنته له كما اقتضاه كلامهم ، وصرح به الخوارزمي وغيره ، فما خرج عنه كان إسرافا كما قالوه في الخلخال للمرأة ، وعلى تقدير الاحتجاج بالخبر المار فهو محمول على بيان الأفضل ، وعلى [ ص: 93 ] ما تقرر فالأوجه اعتبار عرف أمثال اللابس ويجوز تعدده اتخاذا ولبسا ، فالضابط فيه أيضا أن لا يعد إسرافا .

قال ابن العماد : إنما عبر الشيخان بما مر لأنهما يتكلمان في الحلي الذي لا تجب فيه الزكاة ، أما إذا اتخذ خواتم ليلبس اثنين منهما أو أكثر دفعة فتجب فيها الزكاة لوجوبها في الحلي المكروه


حاشية الشبراملسي

( قوله : والخنثى ) ولو اتضح بالأنوثة وقد مضى حول أو أكثر فينبغي وجوب الزكاة ; لأنه في مدة الخنوثة ممنوع من الاستعمال فأشبه الأواني إذا اتخذت على وجه محرم ، ويحتمل على بعد عدم وجوبها اعتبارا بما في نفس الأمر ، ويفرق بينه وبين الأواني بأنها محرمة في الظاهر وفي نفس الأمر ( قوله : إلا إن صدئ بحيث لا يبين ) أي فلا حرمة ، لكن ينبغي كراهته فتجب الزكاة فيه ، ثم إن استعمله على وجه لا يوجد إلا في النساء حرم لما فيه من التشبه بهن ، وإلا فلا ( قوله : إلا الأنف ) وينبغي أن مثل الأنف العين إذا قلعت ، واتخذ بدلها من ذلك فيما يظهر فيجوز ( قوله للمجدوع ) هو بالدال المهملة ، وعبارة المختار : الجدع قطع الأنف وقطع الأذن أيضا وقطع اليد والشفة وبابه قطع ( قوله : لأن عرفجة بن أسعد ) في الدميري : ابن صفوان ا هـ ، وهو نسبة لجده ، ففي الإصابة عرفجة بفتح العين والفاء بينهما راء ساكنة ، والجيم ابن سعد بن كرز بن صفوان التميمي السعدي . وقيل العطاردي كان من الفرسان في الجاهلية وشهد الكلاب فأصيب أنفه ثم أسلم فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ له أنفا من ذهب . أخرج حديثه أبو داود وهو معدود في أهل البصرة

( قوله : أفصحها أو أشهرها فتح الهمزة وضم الميم ) في الدميري أصحها فتح همزتها وميمها ولم يحك الجوهري غيرها ا هـ .

وعبارة المختار : والأنملة بالفتح واحدة الأنامل وهي رءوس الأصابع .

قلت : الأنملة بفتح الهمزة والميم أيضا لأنه ذكرها في الديوان في باب أفعل وقد يضم أولها ، ذكره ثعلب في باب المفتوح أوله من الأسماء ، وأما ضم الميم فلا أعرف أحدا ذكره غير المطرزي في المغرب ، وقد نظم بعضهم لغات الأنملة والأصبع فقال :

يا أصبع ثلثن مع ميم أنملة وثلث الهمزة أيضا وارو أصبوعا

( قوله : وإن تعددت ) أي بل وإن كانت بدلا لجميع الأسنان ( قوله : ولا زكاة في ذلك ) يؤخذ من نفي الزكاة عدم كراهة اتخاذه ; لأنه لو كان مكروها لوجبت فيه كما تقدم في الضبة ( قوله : لا الأصبع ) أي ولو للمرأة م ر ا هـ سم على [ ص: 92 ] منهج .

أقول : ولو قيل بجوازه لإزالة التشويه عن يدها بفقد الأصبع وحصول الزينة لم يبعد ( قوله : ويؤخذ منه عدم جواز أنملة سفلى ) أي بأن فقدت أصبعه فأراد اتخاذ أنملة بدل السفلى من أنامل الأصبع فلا يجوز ; لأنها لا تتحرك كما لا يجوز اتخاذ الأصبع لذلك ، ومثل الأنملة السفلى الأنملة الوسطى لوجود علة منع الأنملتين فيها ( قوله : ويحرم سن الخاتم على الرجل إلخ ) ويحرم عليه أيضا لبس الدملج والسوار والطوق خلافا للغزالي ا هـ دميري .

والدملج بضم الدال واللام ا هـ مختار ( قوله : ويحل له من الفضة الخاتم ) أي ويحل له الختم به أيضا ، ونقل بالدرس عن الكرماني على البخاري ما يوافقه عن شيخنا الزيادي أنه نقل أولا الحرمة ثم رجع واعتمد الجواز فلله الحمد ( قوله : وفي خنصر يساره ) مفهومه أن غير الخنصر لا يحل ، وعبارة حج : وحكي وجهان في جوازه في غير الخنصر ، وقضية كلامهم الجواز .

ثم رأيت القمولي صرح بالكراهة وسبقه إليها في شرح مسلم والأذرعي صوب التحريم ، والأوجه الأول وفيه : ويتردد النظر في قطعة فضة ينقش عليها ، ثم تتخذ ليختم بها هل يحل ; لأنه لا يسمى إناء فلا يحرم اتخاذه أو تحرم لأنه يسمى إناء لحبر الختم ؟ ومر آخر الأواني أن ما كان على هيئة الإناء حرم سواء أكان يستعمل في البدن أم لا ؟ وما لم يكن كذلك فإن كان الاستعمال متعلقا بالبدن حرم وإلا فلا ، وحينئذ فالأوجه الحل ا هـ رحمه الله .

وعبارة شيخنا الزيادي : وخرج بالخاتم الختم وهو قطعة فضة ينقش عليها اسم صاحبها ، ويختم بها فلا تجوز ، وبحث بعضهم الجواز ( قوله : ولا كراهة فيه ) أي في النقش لكن يحرم استعماله إذا أدى ذلك إلى ملاقاة النجس كأن لبسه [ ص: 93 ] في اليسار واستنجى بها بحيث فصل ماء الاستنجاء إليه ( قوله : ويجوز تعدده إلخ ) ظاهره ولو كثرت وخرجت عن عادة أمثاله كعشرين خاتما مثلا ( قوله : اتخاذا ولبسا ) أي في وقتين مختلفين أخذا من قوله الآتي أما إذا اتخذ خواتيم ليلبس اثنين إلخ ، وكذا في وقت واحد لكن تجب فيه الزكاة كما يأتي ، لكن قضية قوله فيما يأتي لوجوبها في الحلي ، المكروه أن التعدد في الوقت الواحد حيث جرت به عادة مثله مكروه لا حرام وهو مقتضى إطلاقه هنا ، وعليه لا يضر ; لأنه لا تلازم بين الجواز ووجوب الزكاة ، ثم رأيت حج ذكر في ذلك خلافا طويلا واستوجه الكراهة ( قوله فتجب فيها الزكاة ) أي بخلاف ما إذا اتخذها ليلبسها واحدا بعد واحد ا هـ سم عن مر

حاشية المغربي

[ ص: 89 - 91 ] قوله : وفي كل أصبع غير الإبهام ثلاث أنامل ) هو قول منقول عن الشافعي وبعض أهل اللغة مقابل لما قبله [ ص: 92 ] المنقول عن الجمهور ولا يخفى ما في سياق الشارح ( قوله : أي لبسه في خنصر يمينه وفي خنصر يساره للاتباع ) لا يخفى أن الاتباع دليل الندب لا دليل الحل فقط ، فكان عليه أن يقول عقب قول المصنف يحل بل يسن ثم يستدل له بالاتباع كما صنع غيره ( قوله : ويجوز نقشه وإن كان فيه ذكر الله تعالى ) في هذا التعبير حزازة وعبارة الدميري : [ ص: 93 ] ويجوز أن يكون فضة منقوشا باسم الله ( قوله : إنما عبر الشيخان بما مر ) أي بالخاتم كما في المتن

التالي السابق


الخدمات العلمية