صفحة جزء
( و ) يشترط ( في ) وجوب نسك ( المرأة ) زيادة على ما مر في الرجل لا للاستقرار ( أن يخرج معها زوج أو محرم ) بنسب أو غيره لتأمن على نفسها لخبر الصحيحين { لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها } ولما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم } ولم يحمل هذا المطلق على المقيد ; لأن ذكر نحو البريد من باب ذكر بعض أفراد العام وهو لا يخصصه ، ويكفي المحرم الذكر وإن لم يكن ثقة فيما يظهر ; لأن الوازع الطبيعي أقوى من الشرعي ، ومثله عبدها الثقة إن كانت ثقة أيضا ; لأنه إنما يحل له نظرها والخلوة بها حينئذ كما يأتي في النكاح ، والممسوح مثله في ذلك .

ولو كان أحدهم مراهقا أو أعمى له وجاهة وفطنة بحيث تأمن على نفسها معه كفى فيما يظهر .

واشتراط العبادي البصر فيه محمول على من لا فطنة معه ، وإلا فكثير من العميان أعرف بالأمور وأدفع للتهم والريب من كثير من البصراء ، والأوجه اشتراط مصاحبة من يخرج معها لها بحيث يمنع تطلع أعين الفجرة إليها وإن بعد عنها قليلا في بعض الأحيان ، ويعتبر في الأمرد الجميل خروج من يأمن به على نفسه معه من قريب ونحوه كما بحثه الأذرعي وهو ظاهر ( أو نسوة ) بكسر النون وضمها جمع امرأة من غير لفظها ( ثقات ) جمعن صفات العدالة وإن كن إماء ، سواء العجائز وغيرهن ، ومن ثم جاز خلوة رجل بامرأتين ولا عكس ، وما أفهمه كلامه من عدم الاكتفاء بغير الثقات ظاهر في غير المحارم .

أما فيهن فلا على قياس ما مر في الذكور . نعم إن غلب على الظن حملهن لها على ما هن عليه اعتبر فيهن الثقة أيضا .

ويتجه الاكتفاء بالمراهقات عند حصول الأمن بهن ، وأفهم كلامه اعتبار ثلاث غيرها ، لكن قال الإسنوي وتبعه جماعة : يكفي اثنتان غيرها ، وهو الأوجه لانقطاع الأطماع باجتماعهن ، وقول الأذرعي : تكفي الواحدة في الوجوب مردود وإن أطال فيه وجزم به بعض المتأخرين ، ثم اعتبار العدد بالنسبة للوجوب الذي كلامنا فيه ، أما بالنسبة لجواز خروجها فلها ذلك مع واحدة لفرض الحج كما في شرحي المهذب ومسلم ، ومثله العمرة ، وكذا وحدها إذا أمنت ، وعليه حمل ما دل من الأخبار على جواز سفرها وحدها .

أما سفرها وإن قصر لغير فرض فحرام مع النسوة مطلقا .

وعليه حمل الشافعي الخبر السابق ، وفارق الواجب غيره بأن مصلحة تحصيله اقتضت الاكتفاء بأدنى مراتب مظنة الأمن ، بخلاف ما ليس بواجب فاحتيط معه في تحصيل الأمن .

والخنثى المشكل كالمرأة حتى في النساء الأجنبيات لجواز خلوة رجل [ ص: 251 ] بنسوة ثقات لا محرم له فيهن كما في المجموع معترضا به قول الإمام وغيره بالحرمة ، وبه استغنى عن تضعيف ما قدمه عن البيان وغيره من حرمة ذلك على الخنثى ; لأنه إذا بين جواز خلوة الرجل بهن فالخنثى الذي يحتمل كونه أنثى بالجواز أولى فاندفع ما في الإسعاد . ولو تطوعت بحج ومعها محرم فمات فلها إتمامه كما قاله الروياني : أي إن أمنت على نفسها في المضي وحرم عليها التحلل حينئذ وإلا جاز لها التحلل ، وظاهر تعبيره بالإتمام لزوم الرجوع لها لو مات قبل إحرامها ، وهو محتمل بشرط أن تأمن على نفسها في الرجوع ، ويحتمل أن لها الإحرام مطلقا ( والأصح أنه لا يشترط وجود محرم ) أو نحوه ( لإحداهن ) لانقطاع الأطماع باجتماعهن والثاني يشترط ; لأنه قد ينوبهن أمر فيستعن به .


حاشية الشبراملسي

( قوله : لا للاستقرار ) أي فلا يجب عليها ولا يستقر ( قوله : يومين ) وفي رواية صحيحة في أبي داود بدل اليومين { بريدا } شرح البهجة الكبير ( قوله إلا ومعها زوجها ) قال شيخ الإسلام : أو محرم ا هـ شرح منهجه ( قوله : ولما صح إلخ ) إنما ذكر هذه الرواية بعد الأولى لينبه على أن الأولى ليست متفقا عليها ، وأخرها لقلتها وعدم شمولها للزوج .

وقوله إلا مع ذي محرم : أي ذي محرمية ، وإلا فلا يظهر لقوله صاحب محرم معنى إذ ذي بمعنى صاحب ( قوله : لأن الوازع ) أي الميل ( قوله ولا عكس ) أي لا يجوز خلوة رجلين بامرأة ( قوله : وإن قصر لغير فرض إلخ ) ومنه خروجهن لزيارة القبور حيث

[ ص: 251 ] كان خارج السور ولو بإذن الزوج ( قوله بشرط أن تأمن على نفسها ) هو المعتمد

حاشية المغربي

[ ص: 250 ] قوله لا للاستقرار ) متعلق بوجوب ( قوله : أن يخرج معها زوج أو محرم ) أي بأن تكون بحيث لو خرجت لخرج معها من ذكر ( قوله : لأن ذكر نحو البريد إلخ ) في شرح الروض عقب الرواية الثانية المارة ما لفظه : وفي رواية صحيحة في أبي داود بدل اليومين بريدا ، فكأنها سقطت من الكتبة من نسخ الشارح كما يدل عليه ما ذكر

التالي السابق


الخدمات العلمية