صفحة جزء
( و ) رابعها ( أن يرمل ) الذكر ولو صبيا ( في الأشواط الثلاثة الأول ) مستوعبا به البيت ، ويكره تسمية الطوفات أشواطا كما نقل عن الشافعي والأصحاب ، وهو الأوجه وإن اختار في المجموع وغيره عدمها ، ولا يختص الرمل بالماشي بل المحمول يرمل به حامله والراكب يحرك دابته ( بأن يسرع ) الطائف ( مشيه مقاربا خطاه ) لا عدو فيه ولا وثب ، ومن قال إنه دون الخبب فقد غلط ( ويمشي في الباقي ) من طوافه على هينته لما رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثا ومشى أربعا } وروى مسلم عنه قال { رمل النبي صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا ومشى أربعا } والحكمة في استحباب الرمل مع زوال المعنى الذي شرع لأجله ، وهو { أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة هو وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب ، فقال المشركون : إنه يقدم عليكم غدا قوم قد وهنتهم الحمى فلقوا منها شدة فجلسوا مما يلي الحجر بكسر الحاء ، فأطلع الله نبيه على ما قالوه فأمرهم أن يرملوا ثلاثة أشواط وأن يمشوا أربعا بين الركنين ليرى المشركون جلدهم ، فقال المشركون : هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم هؤلاء أجلد من كذا وكذا أن فاعله يستحضر به سبب ذلك ، وهو ظهور أمرهم فيتذكر نعمة الله تعالى على إعزاز الإسلام وأهله } . ويكره ترك الرمل بلا عذر ، ولو تركه في شيء من الثلاثة لم يقضه في الأربعة الباقية ; لأن هيئتها السكون فلا تغير كالجهر لا يقضى في الأخيرتين ، بخلاف الجمعة مع المنافقين في ثانية الجمعة لإمكان الجمع ، وأفهم كلامه أنه لو تركه في بعض الثلاثة الأول أتى به في باقيها ( ويختص الرمل ) ويسمى خببا ( بطواف يعقبه سعي ) مطلوب في حج أو عمرة وإن كان مكيا للاتباع ، فإن رمل في طواف القدوم وسعى بعده لا يرمل في طواف الركن ; لأن السعي بعده حينئذ غير مطلوب ، ولا رمل في طواف الوداع لذلك ( وفي قول ) يختص ( بطواف القدوم ، ) ( وليقل فيه ) أي في رمله ندبا ( اللهم اجعله ) أي ما أنا فيه من العمل ( حجا مبرورا ) وهو الذي لا يخالطه معصية مأخوذ من البر وهو الطاعة ، وقيل متقبلا ( وذنبا [ ص: 287 ] مغفورا ) أي اجعل ذنبي مغفورا ( وسعيا مشكورا ) والسعي هو العمل ، والمشكور هو المتقبل هذا إن كان حاجا .

أما المعتمر فيأتي فيه ما مر في دعاء المطاف ، ويقول في الأربعة الأخيرة : رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم .

اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار


حاشية الشبراملسي

( قوله : ومن قال إنه دون الخبب فقد غلط ) أي بل الصواب أنه الخبب كما يأتي ( قوله : وأفهم كلامه أنه لو تركه في بعض إلخ ) يتأمل بأي طريق أفهمه ( قوله وهو الذي لا يخالطه معصية ) [ ص: 287 ] وتقدم تفسيره بالاتساع في الإحسان والزيادة فيه

التالي السابق


الخدمات العلمية