صفحة جزء
( وقيل لا تتحلل الشرذمة ) بالمعجمة لاختصاصها بالإحصار كما لو أخطأت الطريق أو مرضت ، والصحيح الجواز كما في الحصر العام لما مر ، وفارق جواز التحلل بالحبس عدمه بالمرض بأنه لا يمنع الإتمام بخلاف الحبس ، وقال المصنف : إن الأشهر في اللغة أحصره المرض وحصره العدو ، وقال السبكي : إن المشهور من كلام أهل اللغة أن الإحصار : المنع من المقصود ، سواء أمنعه مرض أم عدو أم حبس ، والحصر : التضييق ( ولا يتحلل بالمرض ) إذا لم يشرطه ; لأنه لا يمنع الإتمام ولا يزول بالتحلل .

قال الماوردي ، وهو إجماع الصحابة رضي الله عنهم : بل يصبر حتى يزول ، فإن كان محرما بعمرة أتمها أو بحج وفاته تحلل بعمل عمرة ( فإن شرطه ) أي التحلل بالمرض مقارنا للإحرام ( تحلل به ) أي بسبب المرض ( على المشهور ) كما له أن يخرج من الصوم فيما لو نذره بشرط أن يخرج منه بعذر ، ولخبر الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت { دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضباعة بنت الزبير ، فقال لها : أردت الحج ، فقالت : والله ما أجدني إلا وجعة فقال لها : حجي واشترطي ، وقولي : اللهم محلي حيث حبستني }

وقيس بالحج العمرة ، والاحتياط اشتراط ذلك .

والثاني لا يجوز ; لأنه عبادة لا يجوز الخروج منها بغير عذر فلا يجوز بالشروط كالصلاة المفروضة ، وقائله أجاب عن الحديث بأن المراد بالحبس الموت أو هو خاص بضباعة ، ومعلوم أنه خلاف الظاهر ، وغير المرض من سائر الأعذار كضال الطريق ونفاذ النفقة والخطأ في العدد كالمرض في ذلك ، وقضية إطلاقهم الاكتفاء بوجود مطلق المرض وإن خف في تحلل من شرط ذلك بالمرض ، ويحتمل تقييده بمبيح التيمم ، والأوجه ضبطه بما يحصل معه مشقة لا تحتمل عادة في إتمام النسك ، ثم إن شرط بلا هدي لم يلزمه هدي عملا بشرطه ، وكذا لو أطلق لعدم شرطه ولظاهر خبر ضباعة ، فالتحلل فيهما يكون بالنية فقط وإن شرطه بهدي لزمه عملا بشرطه ، ولو قال : إن مرضت فأنا حلال فمرض صار حلالا بالمرض من غير نية ، وعليه حملوا خبر أبي داود وغيره بإسناد صحيح { من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل } وإن شرط قلب حجه عمرة بالمرض أو نحوه جاز بل كما لو شرط التحلل به بل أولى ، ولقول عمر لأبي أمية سويد بن غفلة [ ص: 365 ] حج واشترط وقل : اللهم الحج أردت وله عملت ، فإن تيسر وإلا فعمرة . رواه البيهقي بإسناد حسن

، ولقول عائشة لعروة : هل تستثن إذا حججت ؟ فقال : ماذا أقول ؟ قالت : قل اللهم الحج أردت وله عمدت ، فإن يسرته فهو الحج وإن حبسني حابس فهو عمرة . رواه الشافعي والبيهقي بسند صحيح على شرط الشيخين ، فله في ذلك إذا وجد العذر أن يقلب حجه عمرة وتجزئه عن عمرة الإسلام .

والأوجه أنه لا يلزمه في هذه الحالة الخروج إلى أدنى الحل ولو بيسير ، إذ يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء ، ولو شرط أن يقلب حجه عمرة عند العذر فوجد العذر انقلب حجه عمرة وأجزأته عن عمرة الإسلام بخلاف عمرة التحلل بالإحصار لا تجزئ عن عمرة الإسلام ; لأنها في الحقيقة ليست عمرة وإنما هي أعمال عمرة ، وحكم التحلل بالمرض ونحوه حكم التحلل بالإحصار .


حاشية الشبراملسي

( قوله : مقارنا للإحرام ) عبارة ابن عبد الحق : فإن شرطه : أي لفظا ا هـ .

أي واللفظ هو المتبادر من الشرط ( قوله : اللهم محلي ) بفتح الحاء : أي موضع أحل ، وقوله حبستني بفتح السين : أي العلة والشكاية كذا قاله صاحب الوافي من الخادم للزركشي .

وقال في الكفاية في قوله محلي بكسر الحاء : كذا قاله شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني في تخريج أحاديث الرافعي ا هـ زيادي . وفي المختار ما يوافق كلام الوافي حيث قال : وحل بالمكان من باب رد وحلولا ومحلا أيضا بفتح الحاء ، والمحل : أيضا المكان الذي تحله ( قوله : ونفاد النفقة ) بالدال المهملة ( قوله : يكون بالنية فقط ) عبارة ابن عبد الحق تبعا لشيخ الإسلام بالنية والحلق فقط ا هـ .

وما قالاه ظاهر ( قوله : كما لو شرط التحلل به بل أولى ) عبارة ابن عبد الحق تنبيه كما يجوز اشتراط التحلل أو صيرورته حلالا بما ذكر ، كذلك يجوز اشتراط قلبه ، قال البلقيني : أو انقلاب حجه عمرة بما ذكر أيضا فله في الأولى إذا وجد أن يقلب حجه عمرة بالنية وينقلب في الثانية كذلك من غير نية ، وتجزيه في المسألتين عن عمرة الإسلام ، بخلاف عمرة التحلل بالإحصار مثلا لا تجزيه عن عمرة الإسلام ; لأنها في الحقيقة ليست [ ص: 365 ] عمرة بل أفعال عمرة ( قوله : وقل اللهم ) عطف تفسير ( قوله : انقلب حجه عمرة ) ظاهره أنه ينقلب حيث شرط القلب وإن لم يقلبه وهو مخالف لما تقدم عن ابن عبد الحق ، ثم رأيت في نسخة أن ينقلب وعليها فهو موافق لما تقدم عن ابن عبد الحق ( قوله : بخلاف عمرة التحلل بالإحصار ) أي مثلا

حاشية المغربي

( قوله : صار حلالا بالمرض ) ظاهره ولو بعد الوقوف وفيه ما مر

التالي السابق


الخدمات العلمية