صفحة جزء
( ويشترط ) أيضا لجواز الرد ( ترك الاستعمال ) من المشتري للمبيع بعد إطلاعه على عيبه ( فلو استخدم العبد ) أي طلب منه أن يخدمه كقوله ناولني كذا وإن لم يمتثل ، أو استعمله كأن أعطاه الكوز من غير طلب فأخذه ثم رده له ، بخلاف مجرد أخذه منه من غير رد لأن وضعه بيده كوضعه بالأرض ( أو ترك ) من لا يعذر بجهل ذلك ( على الدابة سرجها أو إكافها ) ولو ملكا للبائع أو اشتراه معها كما جرى عليه ابن المقري في روضه في سيره للرد أو في المدة التي اغتفر له التأخير فيها ، والإكاف بكسر الهمزة أشهر من ضمها ما تحت البرذعة وقيل نفسها وقيل غيرهما ( بطل حقه ) من الرد والأرش لإشعاره بالرضا لأنه انتفاع به ، إذ لو لم يتركه لاحتاج إلى حمله أو تحميله .

ولو كان نزعه يضرها كأن عرفت وخشي من النزع تعيبها لم يسقط حقه كما قاله ابن الرفعة وارتضاه السبكي وغيره ، إذ لا إشعار حينئذ ، والأوجه أخذا مما يأتي أن يكون مثل ما تقرر ما لو تركه لمشقة حمله أو لكونه لا يليق به أما لو [ ص: 55 ] كان ممن يعذره في مثله لجهله لم يبطل به في حقه كما قاله الأذرعي ، وما نقله الروياني من حل الانتفاع في الطريق مطلقا حتى بوطء الثيب مردود ، والفرق بينه وبين الحلب الآتي ظاهر ، وخرج بالسرج والإكاف العذار واللجام فلا يؤثر تركهما لتوقف حفظها عليهما ( ويعذر في ركوب جموح ) للرد ( يعسر سوقها وقودها ) للحاجة إليه ، ويؤخذ منه أنه لو خاف عليها من إغارة أو نهب فركبها للهرب بها لم يمنعه من ردها ، بخلاف ركوب غير الجموح واستدامته له بعد علمه بالعيب ، بخلاف ما لو علم عيب الثوب وهو لابسه لا يلزمه نزعه لأنه غير معهود كذا ذكراه ، وظاهر أنه هو المعتمد نظرا للعرف في ذلك ، ولأن استدامة لبس الثوب في طريقه للرد لا تؤدي إلى نقصه ، واستدامة ركوب الدابة قد يؤدي إلى تعيبها ، وكلامهما فيهما محله إذا لم يحصل للمشتري مشقة بالنزول أو النزع ، فما ذكره الإسنوي فيهما عند مشقته ليس مرادا لهما كما يؤخذ من كلامهما في هذا الباب ، ويلحق بما قالاه ما لو تعذر رد غير الجموح إلا بركوبها لعجزه عن المشي ، وله حلب لبنها الحادث حال سيرها ، فإن أوقفها له أو لإنعالها وهي تمشي بدونه [ ص: 56 ] بطل رده كذا جزم به السبكي والأوجه كما قاله الأذرعي أنه لا يضر إذا لم يتمكن منه حال سيرها أو حال علفها أو سقيها أو رعيها .

واعلم أنه متى فسخ البيع بعيب أو غيره كانت مؤنة رد المبيع بعده إلى محل قبضه على المشتري بل كل يد ضامنة يجب على ربها مؤنة الرد بخلاف يد الأمانة .


حاشية الشبراملسي

( قوله : ترك الاستعمال ) هو طلب العمل فيفيد أنه لو خدمه وهو ساكت لم يضر سم على منهج ا هـ .

وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين الجاهل بثبوت الخيار والعالم ، وبه صرح حج حيث قال : تنبيه : مقتضى صنيع المتن وظاهر قول الروضة كما أن تأخير الرد مع الإمكان تقصير ، فكذا الاستعمال والانتفاع والتصرف لإشعارها بالرضا أنه لو علم بالعيب وجهل أن له الرد به وعذر بجهله ثم استعمله سقط رده إلخ ( قوله : من المشتري ) خرج به وكيله ووليه فلا يكون استعمالها مسقطا للرد ( قوله : فلو استخدم العبد ) أي من لا يعذر بجهل ذلك كما يأتي عن سم ، وفي كلام حج أن مقتضى المتن كالروضة أنه لو جهل أن له الرد فاستعمل المبيع ليأسه من الرد في ظنه ثم علم أن له الرد لم يعذر ، وشمل قوله لو استخدم العبد إلخ ما لو احتاج إلى ذلك لصلاته كأن كان لا يمكنه الاستناد إلا بمعين ، ومن الاستخدام ما لو صال شخص على المشتري فطلب منه المعاونة في دفعه عنه فيسقط لأنه لحفظ نفسه ، بخلاف ما لو صال على العبد فطلب منه ذلك فلا يسقط رده قياسا على ما لو ركب الدابة للهرب بها خوفا عليها من إغارة أو نهب الآتي ( قوله : أن يخدمه ) بضم الدال ا هـ مختار ( قوله : كقوله ناولني كذا ) وهل مثل ذلك الإشارة من الناطق أم لا ؟ فيه نظر فيحتمل ، وهو الظاهر بل المتعين أن الإشارة هنا كالنطق فتسقط الرد قياسا على الاعتداد بها في الإذن في دخول الدار وفي الإفتاء ، وأما الكناية فينبغي إن نوى بها طلب العمل من العبد امتنع الرد لأنها كناية وإلا فلا ( قوله : وإن لم يمتثل ) فيه رد على ما في الروض من أن سقوط الرد فيما إذا استدعى الشرب من العبد مقيد بما لو سقاه ( قوله : كأن أعطاه ) أي أعطى الرقيق سيده الكوز ( قوله من غير رد ) أي أو بتعريضه فأتى له به ( قوله لأن وضعه ) أي الكوز ( قوله : بيده ) أي السيد ( قوله : أو ترك من لا يعذر بجهل ذلك ) لم يقيد به فيما قبله ولا يبعد التقييد به فيه أيضا ا هـ سم على حج .

وعليه فهو مخالف لما تقدم عن حج أنه مقتضى كلام المتن كالروضة ( قوله ما تحت البرذعة ) بفتح الموحدة وسكون الراء وفتح الذال المعجمة أو المهملة ا هـ كذا في حاشية غزي على الشافية ( قوله وقيل غيرهما ) عبارة حج بدل هذا وقيل ما فوقها ، والمراد هنا واحد مما ذكر فيما يظهر ( قوله : وخشي من النزع ) أي ولو بمجرد التوهم لأن المدار على ما لا يشعر بقصد انتفاعه وتوهمه العيب المذكور مانع من إرادته الانتفاع ، ولو اختلف البائع والمشتري في ذلك فينبغي تصديق المشتري لأن البائع يدعي عليه مسقط الرد والأصل عدمه على أن ذلك لا يعلم إلا منه ( قوله : مثل ما تقرر ) [ ص: 55 ] في عدم سقوط الرد ( قوله : ممن يعذر في مثله ) أي بأن كان عاميا لم يخالط الفقهاء مخالطة تقتضي العادة في مثلها بعدم خفاء ذلك عليه ( قوله : ظاهر ) ولعل وجهه أن الحلب تفريغ للدابة من اللبن المملوك للمشتري فليس فيه ما يشعر بالرضا ببقاء العين ولا كذلك الوطء ونحوه ( قوله فلا يؤثر تركهما ) أي ولا وضعهما في الدابة لأن الغرض حفظهما ( قوله : للحاجة إليه ) وهل يلزمه سلوك أقرب الطريقين حيث لا عذر للنظر فيه مجال ، ولعل اللزوم أقرب لأنه بسلوك الأطول مع عدم العذر يعد عابثا كما دل عليه كلامهم في القصر ا هـ حج .

وعليه فينبغي سقوط الخيار بمجرد العدول لا بالانتهاء ، وينبغي أيضا أنه ليس من العذر ما لو سلك الطويل لمطالبة غريم له فيه فيسقط خياره ( قوله : من ردها ) هذا كله قبل الفسخ ، فلو عرض شيء من ذلك بعد الفسخ هل يكون كذلك أو لا ؟ فيه نظر ، وقد قدمنا ما يقتضي التفرقة بينهما وهو أنه لا يسقط الرد بالاستعمال بعد الفسخ مطلقا وإن حرم عليه ذلك وجبت الأجرة ( قوله : بخلاف ما لو علم إلخ ) هو في مقابلة قوله بخلاف ركوب إلخ ، والمراد أنه لا يعذر في ركوب غير الجموح واستدامته ، بخلاف ما لو علم عيب الثوب إلخ فإنه يعذر فيه ( قوله لا يلزمه نزعه ) ظاهره وإن لم يكن في نزعه مشقة ولا أخل بمروءته ( قوله : لا يؤدي إلى نقصه ) مفهومه أنه إذا أدى إليه سقط رده وهو ظاهر ( قوله : وكلاهما فيهما ) أي الثوب والدابة ( قوله : محله إذا لم يحصل ) صريح هذا أنه لا يكلف نزع الثوب مطلقا بخلاف الدابة فإنه يفصل فيها بين مشقة النزول عنها وعدمه ، وهو مخالف لما نقله سم عنه في حواشي حج وحواشي المنهج ، وعبارته على المنهج المعتمد في كل من الدابة والثوب أنه إن حصل له مشقة بالنزول عن الدابة ونزع الثوب لم يسقط خياره ، وإلا سقط من غير تفرقة بين ذوي الهيئات وغيرهم مر ا هـ ( قوله : ويلحق بما قالاه ) ويظهر تصديق المشتري في ادعاء عذر مما ذكر ، وقد أنكره البائع لأن المانع من الرد لم يتحقق ، والأصل بقاؤه ا هـ حج ( قوله لعجزه عن المشي ) ولا يضر تركه البرذعة عليها حيث لم يتأت ركوبه بدونها لعدم دلالته على الرضا ( قوله : وله حلب لبنها ) عبارة حج : وله حلب نحو لبنها ، وكتب عليه سم ما نصه : قياسه جريان هذا التفصيل في جز الصوف الحادث بل يشمله لفظ نحو لكن وقع في الدرس خلافه وأنه يضر الجز مطلقا ولو حال السير فلتحرر المسألة ، وانظر حيث جوزنا له استعمال المبيع في هذه المسائل هل شرطه عدم الفسخ وإلا حرم لخروجه عن ملكه وإن كان له عذر أو يباح مطلقا للعذر وإن خرج عن ملكه ا هـ .

أقول : وقد يقال العذر يبيح له ذلك مع الأجرة كما تقدم ، وقوله فلتحرر المسألة قضية قول الشارح الآتي .

والمعنى يرده ثم يفصله : أي الصبغ نظير ما في الصوف يقتضي الفرق بين الصوف واللبن ( قوله فإن أوقفها ) الأفصح حذف الألف ( قوله وهي تمشي بدونه ) أي الإنعال [ ص: 56 ] قوله : أنه لا يضر ) أي الوقف للحلب ( قوله : إذا لم يتمكن منه ) أي من الحلب كما يؤخذ من شرح الروض ، وينبغي أن محل ذلك إذا كان التأخير يضر بها وإلا فله التأخير إلى محل البائع ( قوله أو غيره ) كالخيار ( قوله : بل كل يد ضامنة ) ومنها مؤنة رد الثمن على البائع ( قوله : يجب على ربها مؤنة الرد ) لو بعد المأخوذ منه هنا عن محل الأخذ منه هل يجب على رب اليد مؤنة الزيادة ا هـ سم على حج ؟ أقول : قضية قوله إلى محل قبضه أنه لا يجب ، وعليه لو انتهى المشتري إلى محل القبض فلم يجد البائع فيه واحتاج في الذهاب إليه إلى مؤنة فهل يصرف ما يحتاج إليه ثم يرجع به على البائع أو يسلم المبيع للحاكم ثم إن وجده أو كيف الحال ؟ فيه نظر ، ولا يبعد أنه يرفع الأمر إلى الحاكم إن وجده فيستأذنه في الصرف وإلا صرف بنية الرجوع وأشهد على ذلك .

حاشية المغربي

[ ص: 54 ] . ( قوله : أو في المدة التي اغتفر له التأخير فيها ) أي : وإلا فالرد ساقط بالتأخير لا بالترك المذكور [ ص: 55 - 56 ] قوله : بل كل يد ضامنة إلخ ) علم منه أن اليد بعد الفسخ يد ضمان وهو كذلك

التالي السابق


الخدمات العلمية