صفحة جزء
( وقبض المنقول ) حيوانا أو غيره مما يمكن تناوله باليد في العادة أو لا يمكن كسفينة يمكن جرها ( تحويله ) أي تحويل المشتري أو نائبه له من محله إلى محل آخر مع تفريغ السفينة المشحونة بالأمتعة التي لغير المشتري ، ومثلها في ذلك كل منقول لا بد من تفريغه مما يعد ظرفا في العادة ، وكتحويل الحيوان أمره له بالتحويل فلا يكفي ركوبها واقفة ولا استعمال العبد [ ص: 96 ] كذلك ولا وطء الجارية ، وقول الرافعي في كتاب الغصب : لو ركب المشتري الدابة أو جلس على الفراش حصل الضمان ثم إن كان ذلك بإذن البائع جاز له التصرف أيضا وإن لم ينقله وإلا فلا مسلم في الضمان غير مسلم في التصرف للنهي الصحيح عن بيع الطعام حتى يحولوه ، ولا بد أن يكون المقبوض مرئيا للقابض كما في البيع ، نص عليه في الأم واعتمده الزركشي وغيره ، وظاهره عدم الفرق بين الحاضر والغائب ، وحمله بعضهم على الحاضر دون الغائب لأنه يتسامح فيه ما لا يتسامح في الحاضر ، وهو الاكتفاء في الثمرة والزرع في الأرض بالتخلية فيستثنى ذلك من كلامه هنا وأن إتلاف المشتري قبض وإن لم يجر نقل .

قال ابن الرفعة كالماوردي : والقسمة وإن جعلت بيعا لا يحتاج فيها إلى تحويل المقسوم ، إذ لا ضمان فيها حتى يسقط بالقبض ، ولو باع حصته من مشترك لم يجز له إذن في قبضه إلا بإذن شريكه وإلا فالحاكم ، فإن أقبضه البائع صار طريقا في الضمان والقرار فيما يظهر على المشتري عالما [ ص: 97 ] بالحال أو جاهلا لحصول التلف عنده وإن خص بعضهم ضمان البائع بحالة الجهل لأن يد المشتري في أصلها يد ضمان فلم يؤثر الجهل فيها ، ولو اشترى الأمتعة مع الدار صفقة اشترط في قبضها نقلها كما لو أفردت ، ولو اشترى صبرة ثم اشترى مكانها لم يكف خلافا للماوردي كما لو اشترى شيئا في داره فإنه لا بد من نقله وما فرق به بينهما غير معمول به


حاشية الشبراملسي

( قوله : كسفينة ) ع ولو كانت كبيرة وهي على البر اكتفى بالتخلية مع التفريغ فيما يظهر ا هـ مر .

وقال : إذا كانت لا تنجر بالجر فهي كالعقار سواء كانت في البر أو البحر ، وإلا فكالمنقول سواء كانت في بر أو بحر قال : وينبغي أن يكون المراد بكونها تنجر بجره ولو بمعاونة غيره على العادة ، ولا يشترط أن تكون تنجر بجره وحده بدليل أن الحمل الثقيل الذي لا يقدر وحده على نقله ويحتاج إلي معاونة غيره فيه من المنقول الذي يتوقف قبضه على نقله ولا يشترط أيضا أنه ينجر بجره مع الخلق الكثير وإلا فكل سفينة يمكن جرها بجمع الخلق الكثير لها ا هـ سم على منهج وهو واضح ( قوله : تحويله ) أي ولو تبعا لتحويل منقول آخر هو بعض المبيع كما لو اشترى عبدا وثوبا هو حامله ، فإذا أمره بالانتقال بالثوب حصل قبضهما فليتأمل سم على حج .

وقضية اعتبار كون المتبوع بعض المبيع أنه لا يكفي في قبض الثياب المشتراة كون العبد تحول بها إلى مكان آخر ، وقضيته أيضا أنه لو اشترى سفينة وما فيها من الأمتعة أنه يكفي تحويل السفينة من مكان إلى آخر لوجود العلة وهو ظاهر ، وفي سم على منهج وخرج به تحوله نفسه فلا يكفي وإن وضع يده عليه ، ويصرح به قوله فلو تحول بنفسه ثم وضع المشتري يده عليه لا يكون كافيا كما يستفاد من تعبيره بالتحويل دون التحول ا هـ بالمعنى .

[ فرع ] حمل المنقول ومشى به إلى مكان آخر هل يحصل القبض بمجرد ذلك أو لا بد من وضعه ؟ مال مر إلى الثاني لأنه لا يعد أنه نقله إلا بعد وضعه فليحرر ا هـ سم على منهج ( قوله مما يعد ظرفا ) قضيته أنه لا يشترط تفريغ الدابة مما على ظهرها ، وبه صرح حج ونظر فيه عميرة ، ومما يعد ظرفا الصندوق فيشترط لصحة قبضه إذا بيع منفردا أما لو بيع مع ما فيه كفى في قبضهما تحويل الصندوق ( قوله : في العادة ) وينبغي أن مثل ذلك فيما يظهر ما لو باع الشجرة دون الثمرة فيشترط لصحة القبض تفريغ الشجرة من الثمرة لأنها وإن لم تكن ظرفا حقيقيا لها لكنها أشبهت الظروف لأن وجود الثمرة على الشجرة مانع من التصرف فيها ( قوله : أمره له بالتحويل ) أي حيث امتثل أمره وتحول بالفعل ، [ ص: 96 ] أما لو أمره به ولم يتحول فلا يكون قبضا ، ومثله ما لو تحول لجهة غير الجهة التي أمره بها ( قوله : كذلك ) أي واقفا ( قوله : مسلم في الضمان ) وقياس ما يأتي فيما لو قبض المقدر جزافا من أنه يضمنه ضمان عقد أنه هنا كذلك لحصول الإذن في قبضه ( قوله : مرئيا للقابض ) أي وقت القبض أيضا كوقت الشراء ، وعليه فلو اشتراه وكيل سبقت رؤيته له دون الموكل صح عقده ، ولو قبضه الموكل مع غيبة المبيع اكتفى بتخلية البائع له وتمكينه من التصرف فيه وإن لم يره ، ومقتضاه أنه لا يشترط في الموكل حينئذ الإبصار لعدم اشتراط رؤية ما يقبضه ، هذا ومقتضى كلام الشارح اعتماد التعميم حيث جعله ظاهر النص وجعل الحمل مقابله ولم يصرح باعتماد الحمل .

فإن قلت : الأعمى يصح السلم منه ويوكل من يقبض له أو يقبض عنه ، وظاهره أنه لا فرق في المسلم فيه بين كونه حاضرا وقت القبض أو غائبا .

قلت : الظاهر أنه لا يتصور فيه القبض مع الغيبة لأن عقد السلم ورد على ما في الذمة وما فيها ليس متعينا في عين من الأعيان حتى لو وكل من يعينه لا يتعين كونه عن المسلم فيه بمجرد التعيين ، وإنما يحصل ذلك بقبضه فشرط لصحته توكيل ومن لازمه الرؤية ، بخلاف ما هنا فإن المعقود عليه متعين لورود العقد عليه ، ثم ما ذكر من أن المسلم فيه لا يتأتى قبضه في الغيبة ظاهر في الأعمى لأنه لا يعقد إلا على ما في الذمة ، وعليه لو أسلم البصير معينا لمن هو في يده اكتفى في قبضه بمضي زمن يمكن فيه الوصول إليه ( قوله وظاهر عدم الفرق ) معتمد ( قوله : بين الحاضر والغائب ) لعل المراد بالرؤية بالنسبة للغائب أن يكون مستحضرا لأوصافه التي رآه بها قبل ذلك ، سواء كان هو العاقد أو غيره كأن وكل من اشتراه وتولى هو قبضه فلا بد إذا كان المبيع غائبا من كونه رآه قبل ذلك ولا يكتفي برؤية الوكيل ( قوله : وحمله بعضهم ) هو حج ( قوله : والقسمة ) أي قسمة الإفراز كما تقدم له عند قول المصنف وموروث ، وعبارة سم على حج : قال في الروض وشرحه : وله بيع مقسوم قسمة إفراز قبل قبضه ، بخلاف قسمة البيع : أي بأن كانت قسمة تعديل أو رد ليس له بيع ما صار له فيها من نصيب صاحبه قبل قبضه ا هـ ( قوله حتى يسقط بالقبض ) قال حج : وفيه نظر مأخذه ما مر أن علة منع التصرف قبل القبض ضعف الملك لا توالي ضمانين كما مر ( قوله : من مشترك ) أي عقارا كان أو منقولا على ما يقتضيه إطلاقه وسيأتي في كلام سم عنه ما يخالفه ، وهو أقرب .

ويوجه بأن المنقول بتسليمه للمشتري يخشى ضياعه بخلاف غيره ( قوله : لم يجز له إذن ) أي ومع ذلك القبض صحيح كما هو ظاهر م ر ا هـ سم على حج وعبارته على منهج .

[ فرع ] اشترى حصة أحد الشريكين من عقار شائع بينهما يتجه أنه لا يشترط في صحة القبض إذن شريك [ ص: 97 ] البائع بل يكفي إذن البائع مع التفريغ من متاع غير المشتري لأن اليد على العقار حكمية فلا ضرر فيها على الشريك بخلاف المنقول وفاقا في ذلك ل مر بحثا ا هـ .

أقول : وعليه فيشترط في المنقول لصحة قبضه إذن الشريك ، فلو وضع يده عليه بلا إذن من الشريك لم يصح القبض ، فلو تلف في يده انفسخ العقد ولا يصح تصرفه فيه ، وفي سم على حج أيضا ما نصه : ومع ذلك : أي عدم جواز إذن البائع إلا بإذن الشريك القبض صحيح كما هو ظاهر مر فهو موافق لما في الشرح هنا بخلاف كلامه في حاشية المنهج ( قوله : اشترط في قبضها ) أي الأمتعة نقلها يستثنى من ذلك ما لو اشترى دارا بها بئر ماء فإنه لا يتوقف قبض الماء على نقله لكونه يعد تابعا بالإضافة إلى المقصود ، ثم رأيت سم على منهج صرح بذلك نقلا عن مر : أي ولا يخالف هذا ما لو اشترى عبدا مع ثوب هو حامله أو صندوقا مع ما فيه حيث اكتفى في قبضهما بتحويل العبد ونقل الصندوق فإن كلا المبيعين هناك منقول فاكتفى في قبضهما بنقلهما معا بخلاف ما هنا ( قوله : لم يكف ) أي عن نقل الصبرة فلا بد من النقل وإن ترتب على نقلها فسادها كمخزن ملآن زيتونا وترتب على نقل الزيتون فساده فلا بد من نقله ، وهل يشترط لصحة قبض المكان تفريغه من الصبرة لكونها في يد البائع وضمانه وإن كانت ملكا للمشتري أولا لصدق متاع المشتري عليها وهو لا يشترط التفريغ منه كما سبق ؟ فيه نظر ، والأقرب

حاشية المغربي

[ ص: 96 ] قوله : إذ لا ضمان فيها إلخ ) فيه نظر ظاهر ; إذ لا تلازم بين رفع الضمان وصحة التصرف ، ثم رأيت الشهاب حج [ ص: 97 ] نظر فيه . ( قوله : وإن خص بعضهم إلخ ) صوابه كما عبر به الشهاب حج خلافا لمن خص الضمان بالبائع في حالة الجهل ; لأن يد المشتري إلخ

التالي السابق


الخدمات العلمية