صفحة جزء
باب بيع الأصول وهي الأرض والشجر ( والثمار ) جمع ثمر وهو جمع ثمرة .

وذكر في الباب غيرهما بطريق التبعية [ ص: 119 ] إذا ( قال بعتك ) أو وهبتك ( هذه الأرض أو الساحة ) وهي الفضاء بين الأبنية أو العرصة ( أو البقعة وفيها بناء ) ولو بئرا لكن لا يدخل الماء الموجود فيها وقت البيع إلا بشرطه ، بل لا يصح بيعها مستقلة وتابعة كما مر آخر الربا إلا بهذا الشرط ، وإلا لاختلط الحادث بالموجود وأدى لطول النزاع بينهما ( وشجر ) نابت رطب وإن كان شجر موز كما ذكره البغوي وصححه السبكي ( فالمذهب أنه ) أي ما ذكر من البناء والشجر ( يدخل في البيع ) لقوته فاستتبع ( دون الرهن ) لضعفه ، ويلحق بالبيع أخذا من العلة كل ناقل للملك كوقف ووصية وعوض خلع وإصداق وصلح وأجرة ، وبالرهن كل ما لا ينقله كعارية وإجارة وإقرار كما اقتضاه كلام الرافعي وهو الأقرب لبنائه على اليقين وإن أفتى القفال بأنه كالبيع .

والثاني يدخلان لأنهما للدوام فأشبها أجزاء الأرض ولهذا يلحقان بها في الأخذ بالشفعة ، [ ص: 120 ] ولو قال بما فيها أو بحقوقها دخل ذلك كله قطعا حتى في نحو الرهن أو دون حقوقها أو ما فيها لم يدخل قطعا .

أما الشجر اليابس فلا يدخل كما صرح به ابن الرفعة والسبكي وغيرهما ، وهو قياس ما يأتي من أن الشجر لا يتناول غصنه اليابس ، ولا شك أن دخول الغصن في اسم الشجر أقرب من دخول الشجرة في اسم الأرض ، ولهذا يدخل الغصن الرطب بلا خلاف ، ولا يشكل بتناول الدار ما أثبت فيها من وتد ونحوه كما سيأتي لأن ذلك أثبت فيها للانتفاع به مثبتا فصار كجزئها ، بخلاف الشجرة اليابسة ، ومثلها في ذلك المقلوعة لأنها لا تراد للدوام فأشبه أمتعة الدار . نعم إن عرش عليها عريش لعنب ونحوه أو جعلت دعامة لجدار أو غيره صارت كالوتد فتدخل في البيع ، ولا يدخل في بيع الأرض مسيل الماء وشربها من القناة والنهر المملوكين إن لم يشرطه ، فإن شرطه كأن قال بحقوقها دخل ، والمراد الخارج من ذلك من الأرض ، أما الداخل فيها فلا ريب في دخوله ، نبه عليه السبكي وغيره ، ويفارق ما لو اكتراها لغراس أو زرع حيث يدخل ذلك مطلقا بأن المنفعة لا تحصل بدونه .

قال الدميري : ومما يدخل في بيع الأرض السواقي التي تشرب منها وأنهارها وعين ماء فيها كما مرت الإشارة إليه ، وعلم مما تقرر أن تعبير المصنف بقوله فالمذهب الصحيح سائغ في العربية لأنه تقدمه شرط بالقوة وهو كاف في نحو ذلك ، فسقط [ ص: 121 ] القول بأنه غير سائغ فيها لعدم تقدم شرط عليه ولا ما يقتضي الربط ( وأصول البقل التي تبقى ) في الأرض ( سنتين ) وأكثر أو أقل وإن لم تبق فيها إلا دون سنة كما قاله جماعة .

منهم الروياني ، ونقله عن نص الأم : وقال الأذرعي : إنه المذهب ، وجزم به في الأنوار بحيث يجز مرة بعد أخرى فتعبيره جرى على الغالب ، والضابط ما قلناه ( كالقت ) بالقاف والتاء المثناة ، وهو ما يقطع للدواب ويسمى القرط والرطبة الفصفصة بكسر الفاءين وبالمهملة والقضب أيضا بمعجمة ساكنة ، وقيل مهملة ( والهندبا ) بالمد والقصر والقصب الفارسي والسلق المعروف ، ومنه نوع لا يجز إلا مرة واحدة والقطن الحجازي ، والنرجس والقثاء والبطيخ وإن لم يثمر اعتبارا بما من شأنه ذلك والنعناع [ ص: 122 ] والكرفس والبنفسج ( كالشجر ) لأن هذه المذكورات تراد للثبات والدوام فتدخل في نحو البيع دون نحو الرهن ، والثمرة الظاهرة والجزة الموجودة عند البيع للبائع كما فهم من قوله أصول البقل فيجب شرط قطعها وإن لم يبلغا أوان الجز والقطع لئلا يزيد فيشتبه المبيع بغيره ، بخلاف الثمرة التي لا يغلب اختلاطها فلا يشترط فيها ذلك : وأما غيرها فكالجزة كما يعلم مما يأتي .

وما ذكر من اشتراط القطع هو ما جزم به الشيخان كالبغوي وغيره ، واعتبار كثيرين وجوب القطع من غير اعتبار شرطه محمول على ذلك .

قال في التتمة إلا القصب : أي الفارسي فهو بالمهملة كما قاله الأذرعي وإن ضبطه الإسنوي بالمعجمة فلا يكلف قطعه : أي مع اشتراط قطعه حتى يكون قدرا ينتفع به .

قالوا لأنه متى قطع قبل أوان قطعه تلف ولم يصلح لشيء ، وقول جمع يغني وجوب القطع في غير القصب عن شرطه مردود ، إلا أن يؤول ، وشجر الخلاف كما قاله القاضي الحسين منه ما يقطع من أصله كل سنة [ ص: 123 ] فكالقصب ونحوه حرفا بحرف ، وما يترك ساقه وتؤخذ أغصانه فكالثمار .

قال ابن الأستاذ : وهو متجه .

قال الأذرعي : ويظهر تنزيل اختلاف كلام الإمام على هذا التفصيل ، وقد اعترض السبكي ما مر من استثناء القصب بأنه إما أن يعتبر الانتفاع في الكل أو لا يعتبر في الكل ، ورجح هذا وفرق بينه وبين بيع الثمرة قبل بدو الصلاح بأنها مبيعة بخلاف ما هنا ، واعترضه الأذرعي بأن ما ظهر وإن لم يكن مبيعا يصير كبيع بعض ثوب ينقص بقطعه وفرق الشيخ بأن القبض هنا متأت بالتخلية وثم متوقف على النقل المتوقف على القطع المؤدي إلى النقص ، ثم أجاب عن اعتراض السبكي بأن تكليف البائع قطع ما استثنى يؤدي إلى أنه لا ينتفع به من الوجه الذي يراد الانتفاع به بخلاف غيره ، ولا بعد في تأخير وجوب القطع حالا لمعنى بل قد عهد تخلفه بالكلية وذلك في بيع الثمرة من مالك الشجرة ا هـ .

وأبعد بعضهم فبحث أن وجه تخصيص الاستثناء بالقصب عدم الانتفاع بصغيره من كل وجه فلا [ ص: 124 ] قيمة له ولا تخاصم فيه فلم يحتج للشرط فيه لمسامحة المشتري بما يزيد قبل أوان قطعه ، بخلاف صغير غيره ينتفع به لنحو أكل الدواب فيقع فيه التخاصم فاحتيج للشرط فيه دفعا له .


حاشية الشبراملسي

( باب ) بيع ( الأصول والثمار ) ( قوله : وهي الأرض إلخ ) بيان للمراد بالأصول هنا وإلا فهي جمع أصل ، وهو لا يختص بما ذكر هنا لأنه لغة ما بني عليه غيره ( قوله : وهو جمع ثمرة ) ويجمع ثمار على ثمر وثمر على أثمار ككتاب وكتب وعنق وأعناق ، ثم ما تقرر صريح في أن الثمر جمع وقد اختلف في مثله مما يفرق بينه وبين واحده بالهاء فقيل هو اسم جمع لا جمع ، وعليه فكان القياس أن يقول الشارح وهي جمع ثمرة ، وفي المصباح الإبل اسم جمع لا واحد لها من لفظها وهي مؤنثة لأن اسم الجمع الذي لا واحد له من لفظه إذا كان لما لا يعقل يلزمه التأنيث وتدخله الهاء إذا صغر ا هـ .

ومفهوم قوله : لا واحد له من لفظه أنه إذا كان له واحد من لفظه كما هنا لا يتعين فيه التأنيث ( قوله : غيرهما ) أي من المحاقلة والمزابنة وبيع الزرع الأخضر والعرايا ا هـ بكري ( قوله : بطريق التبعية ) قد يكون بطريق الأصالة وإن لم [ ص: 119 ] يترجم له ا هـ سم وهو جواب ثان ( قوله : إذا قال بعتك ) أي شخص ولو وكيلا مأذونا له في بيع الأرض من غير نص على ما فيها أخذا من كلام سم الآتي ، وينبغي أن مثله ولي المحجور عليه بل أولى لأنه نائب عن المولى عليه شرعا فعله كفعله ( قوله : وهي الفضاء ) أي الساحة لغة ( قوله : أو العرصة ) قال في القاموس : والعرصة كل بقعة بين الدور واسعة ليس فيها بناء ا هـ سم على حج ، ومنه يعلم أن الفقهاء لم يستعملوا العرصة والساحة في معناهما اللغوي ، بل أشاروا إلى أن الألفاظ الأربعة عرفا بمعنى ، وهو القطعة من الأرض لا بقيد كونها بين الدور ( قوله : وفيها بناء ) وخرج بفيها ما في حدها ، فإذا دخل الحد في البيع دخل ما فيه وإلا فلا ، وعلى الثاني يحمل إفتاء الغزالي بأنه لا يدخل ما في حدها ، وفي زيادات العبادي باع أرضا على مجرى ماء شجر فإن ملكه البائع فهي للمشتري وإن كان له حق الأجراء : أي فقط فهي للبائع ( قوله : إلا بشرطه ) وهو النص عليه ( قوله : وشجر نابت ) لا مقلوع ولا جاف ( قوله : وإن كان شجر موز ) إنما أخذه غاية لأنه لما جرت العادة فيه بأنه يخلف ويموت الأصل فينقل فربما يتوهم أنه كالزرع الذي يؤخذ دفعة فلا يدخل أو كالشتل الذي ينقل عادة ( قوله : ويلحق بالبيع ) إلخ انظر جعل الجعالة ولا يبعد أنه كالبيع لأن فيه نقلا وإن لم يكن في الحال فليتأمل ، وقد يؤيده دخول الوصية مع أنها لا نقل فيها في الحال فليتأمل .

وقال مر : إن التوكيل ببيع الأرض يدخل فيه ما فيها من نحو بناء وشجر ، واستدل بأن بعضهم قال : إن بيع الوكيل كبيع المالك فليحرر ا هـ سم على منهج .

وفي حج ما نصه : وألحق بكل مما ذكر التوكيل فيه ، وفيه نظر ، والفرق المذكور ينازع فيه فالذي يتجه أنه لا استتباع فيه ا هـ ( قوله : ووصية إلخ ) وعليه فلو أوصى له بأرض وفيها بناء وشجر حال الوصية دخلا في الأرض ، بخلاف ما لو حدثا أو أحدهما بغير فعل من المالك كما لو ألقى السيل بذرا في الأرض فنبت فمات الموصي وهو موجود في الأرض فلا يدخلان لأنهما حادثان بعد الوصية فلم تشملهما فيختص بها الوارث ، ويؤيده ما قالوه في الوصية من أنه لو أوصى له بدابة حائل ثم حملت ومات الموصي ثم قبل الموصى له الوصية فإن الحمل للوارث لحدوثه بعد الوصية ( قوله : وصلح ) أي وهبة وبقي ما لو وكله في هبة الأرض بما فيها فوهب الأرض فقط أو عكسه فهل يصح أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الصحة لأنه أذن له في شيئين أتى بأحدهما دون الآخر ، وهو لا يضر لأنه بقي له بعض التصرف فيه ، ولا يشكل عليه ما لو وكله في بيع دار فباع نصفها لم يصح ، لأنا نقول بلحوق الضرر في هذه دون تلك ، وأما لو وكله في إيجار أرض وأطلق فآجرها مع ما فيها من الأبنية وغيرها الذي يظهر صحة الإجارة في الأرض وفسادها فيما انضم إليها لأنه جمع في عقد واحد بين ما يصح وبين ما لا يصح ، فقلنا بصحة الإجارة بالقسط المسمى باعتبار ما يخص الأرض من أجرة المثل .

( قوله : وأجرة ) أي بأن جعل الأرض أجرة بخلاف ما لو آجرها فلا يدخل ما فيها كما يأتي ( قوله : وهو الأقرب ) راجع للإقرار ( قوله : لبنائه ) أي الإقرار ( قوله : والثاني يدخلان ) أي في الرهن [ ص: 120 ] قوله : ولو قال ) أي قال بعتك أو نحوه ليتأتى قوله : حتى في الرهن إلخ ( قوله : بما فيها ) أي حتى الأشجار المقلوعة واليابسة فيما يظهر وتردد فيه سم على حج ( قوله : دخل ذلك كله قطعا ) أي سواء كان عالما بذلك أو جاهلا ( قوله : أما الشجر ) محترز قوله : رطب ( قوله : فلا يدخل ) هل إلا أن يقول بما فيها أولا فيه نظر ا هـ سم على حج . أقول : الأقرب الدخول لأنها لا تزيد على أمتعة الدار ، وهي لو قال فيها ذلك بعد رؤيتها دخلت ( قوله : في اسم الأرض ) أي في اسم الأرض بالتبعية لها ( قوله : ولا يشكل ) أي ما ذكر في الشجر اليابس ( قوله : فأشبه ) أي المقلوعة واليابس ( قوله : نعم إن عرش ) هل يلحق بذلك ما لو اعتيد عدم قلعهم لليابسة والانتفاع بها بربط الدواب ونحوه فيها ؟ فيه نظر ، والإلحاق محتمل تنزيلا لاعتياد ذلك منزلة التعريش .

( قوله : أو جعلت دعامة ) أي بالفعل لا بالنية ، وينبغي أن مثل ذلك تهيئتها له ( قوله : مسيل الماء إلخ ) بفتح الميم وكسر السين وسكون الياء مثل رغيف .

قال في المصباح والمسيل مجرى السيل ، والجمع مسايل ومسل بضمتين ، وربما قيل مسلان مثل رغيف ورغفان ( قوله : وشربها ) بكسر الشين أي نصيبها ( قوله : والنهر المملوكين ) قضية كلام سم على حج أن ما يستحقه البائع من السقي من الماء المباح يثبت للمشتري منه بلا شرط ، وقد يفهمه قول الشارح المملوكين ( قوله : حيث يدخل ذلك ) أي الشرب ومسيل الماء ( قوله : مطلقا ) أي شرط دخوله أو أطلق ( قوله : وعين ماء ) أي حيث كانت المذكورات في الأرض أما لو كانت خارجة عنها فلا تدخل إلا بالشرط كما هو ظاهر ، ويجوز حمل كلام الشارح عليه بجعل قوله : " فيها " حالا من الثلاثة قبله ( قوله : مرت الإشارة إليه ) أي في قوله والمراد الخارج [ ص: 121 ] قوله : تناول الأشجار والبناء ) ووجه ذلك أن الأشجار والبناء من مسمى البستان في رهنه دون رهن الأرض لأنها ليست من مسماها .

[ فرع ] أفتى بعضهم في أرض مشتركة ولأحدهم فيها نخل خاص به أو حصته فيها أكثر منها فباع حصته من الأرض بأنه يدخل جميع الشجر في الأولى وحصته في الثانية لأنه باع أرضا له فيها شجر ، ويرد بأن الظاهر في الزائد خلافه : أي وما علل به لا ينتج ما قاله لأن الشجر ليس في أرضه وحده بل في أرضه وأرض غيره فيدخل ما في أرضه فقط وهو ما يخص حصته في الأرض دون ما زاد عليه مما في حصة شريكه ا هـ حج .

قوله : ما زاد ينبغي أن يبقى بلا أجرة لأنه وضع بحق ، وقوله : ويرد بأن الظاهر خلافه كتب عليه سم إذا قلنا بهذا الظاهر وكان الشجر في أحد جانبي الأرض وقاسم المشتري الشريك الآخر فخرج للمشتري الجانب الخالي عن الشجر ، فظاهر الكلام أن ذلك لا يمنعه من ملكه ما دخل في البيع من الشجر وهل يستحق إبقاءه بلا أجرة إن كان بائعه كذلك ا هـ . أقول : القياس أنه كذلك فيبقى بلا أجرة ( قوله : مرة بعد أخرى ) أي أو تؤخذ ثمرته مرة بعد أخرى ، ولو زاده كان أولى كما فعل الشيخ في شرح منهجه ( قوله : فتعبيره ) أي بسنتين ( قوله : والضابط ما قلناه ) أي من قوله بحيث تجز مرة بعد أخرى .

[ فرع ] سئل مر بالدرس عمن اشترى إناء فيه زرع يجز مرارا ، فأجاب بأنه يدخل الإناء وما فيه دون الجزة الظاهرة ، ولا بد من شرط قطعها ، والحاصل أن الإناء بالنسبة لما فيه كالأرض بالنسبة لما فيها ا هـ سم على منهج .

ومن قوله والحاصل إلخ يعلم أن الكلام فيما لو أطلق في بيع الإناء .

أما لو قال بعتك الإناء وما فيه كانت الجزة الظاهرة من جملة المبيع فلا يحتاج إلى شرط قطعها بل لا يصح ( قوله : وقيل مهملة ) أي مفتوحة ا هـ حج ( قوله : والهندبا ) أي البقل ا هـ عميرة . أقول : لعل المراد بها ما يسمى في العرف بقلا ، وعبارة شيخنا الزيادي قوله : وأصول البقل وهو خضراوات الأرض .

قال في الصحاح : كل نبات اخضرت له الأرض فهو بقل ( قوله : والسلق ) بكسر السين شرح الروض ومثله في الخطيب ولم يتعرضا للام هل هي ساكنة أو مفتوحة ، والأصل السكون ويصرح به اقتصار القاموس على كسر السين وعدم تعرضه للام لأن من قاعدته إذا أطلق الحرف الثاني ولم يقيده كان ساكنا ( قوله : ومنه نوع لا يجز ) أي فلا يدخل في البيع ( قوله : والنعناع ) في المختار النعناع بقلة وكذا النعنع مقصور منه ا هـ .

وفي القاموس والنعناع والنعنع كجعفر وهدهد أو كجعفر وهم للجوهري بقل معروف ، وقوله : أو كجعفر : أي فقط وعبارة الصحاح : النعناع بقلة معروفة ، وكذلك النعنع مقصور منه ، والنعنع بالضم الطويل ا هـ .

فافهم أن النعنع [ ص: 122 ] بضمتين لا يطلق على البقلة المعروفة ، فقول القاموس : أو كجعفر وهم معناه أن اقتصار الصحاح على أنه كجعفر لا كهدهد وهم ا هـ ( قوله : لأن هذه المذكورات تراد للثبات والدوام ) لا يقال : ما معنى الدوام مع أن مدته قليلة وإن أخذ مرة بعد أخرى .

لأنا نقول : لما كان المعتاد في مثله أخذ ما ظهر مع بقاء أصوله أشبه ما قصد منه الدوام ولا كذلك ما يؤخذ دفعه فإنه وإن طالت مدة إدراكه مأخوذ دفعة فأشبه أمتعة الدار التي تؤخذ دفعة واحدة ( قوله : والجزة ) بكسر الجيم ( قوله : فيشتبه المبيع ) أي فلو أخر القطع وحصل الاشتباه واختلفا في ذلك .

فإن اتفقا على شيء فذاك وإلا صدق صاحب اليد كما يأتي ( قوله : وأما غيرها ) أي غير أصول البقل المذكورة من أصول ما يؤخذ دفعة واحدة ( قوله : فكالجزة ) أي فلا يدخل ( قوله : محمول على ذلك ) أي شرطه ( قوله : فهو بالمهملة ) أي وبفتحها أيضا ( قوله : فلا يكلف قطعه إلخ ) وقد يقال : أي فائدة في بقائه مع أن الزيادة للمشتري ؟ وقد يجاب بأن زيادة الظاهر بالغلظ بحيث ينتفع به للبائع لأنها تولدت من ملكه فليتأمل ، وقد أقر مر هذا الجواب أخذا بقضية هذا الكلام ثم بعد ذلك تردد فيه فليحرر انتهى سم على منهج ( قوله : حتى يكون قدرا إلخ ) أي ولا أجرة عليه مدة بقائه ( قوله : إلا أن يؤول ) انظر بماذا يؤول ، وقد يقال يؤول بحمل وجوب القطع على وجوب شرطه كما مرت الإشارة إليه في قوله محمول على ذلك ( قوله : وشجر الخلاف ) بكسر الخاء والتخفيف كما يأتي وهو المسمى الآن بالبان ( قوله : كما قاله القاضي ) وقضية هذا وما يأتي أن شجر الخلاف ليس في التتمة ، وعبارة الزيادي نصها : وعبارة التتمة الثالث جرت العادة بقطع القصب والخلاف ، فالحكم فيهما على ما ذكر فيدخل عروقها في العقد دون الظاهر إلا أن يفارق الزرع في شيء ، وهو إذا كان الظاهر من القصب مما لا يمكن الانتفاع به إذا قطع في الحال لا يكلف القطع حتى يبلغ حالا يصلح للانتفاع كالثمر على الشجر ا هـ .

فقد صرح بأن شجر الخلاف في التتمة لكنه لم يذكر فيه أنه لا يكلف قطع ما ظهر من الخلاف إلا إذا كان قدرا ينتفع به ، وما ذكره الشارح عن القاضي يفيده فمن ثم [ ص: 123 ] عزاه له دون التتمة ( قوله : ونحوه ) انظر نحوه ما هو ، ولعل مرادهم بنحوه ما لا ينتفع به صغيرا ( قوله : يترك ساقه ) أي من الخلاف ( قوله : فكالثمار ) أي فيدخل ( قوله : ورجح هذا ) أي عدم اعتباره في الكل ( قوله : بأنها ) أي الثمرة ( قوله : بخلاف ما هنا ) أي القصب ( قوله : واعترضه ) أي اعترض فرق السبكي ( قوله : يصير كبيع بعض ) أي وهو باطل كما تقدم ( قوله : وفرق الشيخ ) أي بين ما هنا وبين الجزء الذي ينقص بقطعه قيمته ، وهو رد لاعتراض الأذرعي ( قوله : وثم متوقف ) هذا يدل على أن نقل الجملة لا يحصل به القبض كما في الشائع فليتأمل ا هـ سم على حج . أقول : والظاهر خلاف هذا بل ينبغي الاكتفاء بذلك لحصول المبيع في يد المشتري ، إلا أن يقال لما كان ممنوعا من التصرف فيه قبل قطعه لم ينظر إليه ، واشترط القطع لصحة القبض ( قوله : من الوجه الذي يراد ) أي وهو الأكل ( قوله : ولا بعد إلخ ) فيه إشعار بأن المراد أنه شرط قطعه لكن لا يجب الوفاء به حالا ، وسيأتي قول الشارح فلم يحتج للشرط فيه الدال على أن المراد أنه لا حاجة لاشتراط قطعه ، وقوله : لمسامحة المشتري فيه إشارة إلى أن الزيادة للمشتري واعتذار عما يقال أي فائدة في بقائه مع أن الزيادة للمشتري بأنه يسامح بها فليتأمل ا هـ سم على حج .

وحاصله أن ما أفهمه قوله : ولا بعد في تأخير إلخ من عدم تكليف القطع مع اشتراطه مخالف لما أفهمه لمسامحة المشتري إلخ من عدم اشتراط القطع .

ويجاب بأن التنافي غير وارد عليه لأن مراده بما ذكره رد ما فهم من كلام الشيخ من اشتراط القطع ، ومن ثم عبر الشارح عنه هنا بقوله وأبعد بعضهم تعريضا بحج فيما ذكره : والحاصل أن ما ذكره سم إنما يرد على حج لا على الشارح هذا ، وقوله : ولا بعد جواب سؤال تقديره ما فائدة شرط القطع مع عدم تكليفه حالا وكيف جاز التأخير مع مخالفته للشرط ( قوله : وأبعد بعضهم ) مراده حج ، ولعل وجه البعد أنه لو كانت العلة المسامحة لما احتيج فيه إلى شرط القطع ، وصريح كلام صاحب التتمة خلافه ، وهو أنه لا بد من شرط القطع وإن لم يكلفه ( قوله : بالقصب ) أي دون غيره من الثمرة والشجرة الظاهرتين .

حاشية المغربي

[ ص: 119 ] . باب الأصول والثمار ( قوله : والثاني يدخلان ) ظاهر هذا الصنيع أن الخلاف إنما هو في الرهن وأن فيه طريقين : أحدهما : عدم [ ص: 120 ] دخول البناء والشجر فيه . والثاني : دخولهما وليس كذلك ، بل الواقع أن الخلاف في البيع والرهن على ثلاثة طرق أو أربعة ; ومنشؤه أن الشافعي رضي الله عنه نص في البيع على الدخول وفي الرهن على عدمه ، فمنهم من قرر النصين وفرق بما مر من القوة في البيع والضعف في الرهن ، وهذه الطريقة هي التي اختارها المصنف ، ومنهم من جعل في كل من البيع والرهن قولين بالنص والتخريج ، ومنهم من قطع بعدم الدخول فيهما : أي مضعفا لنص البيع ، ومنهم من قطع في البيع بالدخول وأجرى في الرهن قولين وما في الشارح يوافق هذا الأخير لكنه لا يناسبه ما بعده فتأمل . ( قوله : فيها ) تنازعه قوله : السواقي وما بعده بدليل قوله كما مرت الإشارة إليه [ ص: 121 ] قوله : السلق ) هو بكسر السين .

[ ص: 122 ] قوله : فيجب شرط قطعهما ) أي : إن غلب اختلاطهما بدليل التعليل وبدليل محترزه الآتي ( قوله : وأما غيرها ) يعني غير الثمرة التي لا يغلب اختلاطها وهذا لا حاجة إليه مع قوله المار والثمرة الظاهرة إلخ ; لأنه عينه وعذره أنه تابع في هذا للروض وشرحه حتى في قوله كما يعلم مما يأتي وهو إنما يناسب هناك كما يعلم بمراجعته لا هنا ( قوله من غير اعتبار شرطه ) بمعنى أنهم قالوا إن وجوب القطع يغني عن اشتراطه كما يعلم من قوله الآتي وقول جمع يغني وجوب القطع إلخ الذي هو مكرر مع هذا .

وما هنا عبارة شرح الروض والآتي عبارة التحفة جمع الشارح بينهما [ ص: 123 ] مع إغناء إحداهما عن الأخرى ، ولا يخفى ما في الحمل المذكور . ( قوله : فكالقصب ونحوه ) يقرأ ونحوه بالرفع عطفا على الكاف في قوله فكالقصب عطف تفسير إذ هي بمعنى مثل ، وإلا فالمستثنى إنما هو خصوص القصب لا غير كما يعلم مما يأتي في كلامه كغيره . ( قوله : ورجح هذا ) أي السبكي . ( قوله : وفرق بينه ) أي بين الكل على ما رجحه فيه من عدم اعتبار الانتفاع . ( قوله : وفرق الشيخ ) أي بين ما هنا ومسألة القوت فغرضه الرد على الأذرعي . ( قوله : من الوجه الذي يراد للانتفاع به ) يرد عليه نحو البر قبل انعقاده فإنه لا ينتفع به من الوجه الذي أريد به فتأمل . ( قوله : وأبعد بعضهم ) مراده الشهاب حج في تحفته ، لكن عبارته : والذي يتجه لي في تخصيص الاستثناء بالقصب أن سببه [ ص: 124 ] أن صغيره لا ينتفع به بوجه مناسب لما قصد منه فلا قيمة له ولا يخاصم فيه ، إلى أن قال بخلاف صغير غيره ينتفع به لنحو أكل الدواب المناسب لما قصد منه فيقع فيه التخاصم إلخ ، فالشارح أسقط من كلامه مقصود الفرق ولزم عليه حينئذ أنه مساو لما نسبه قبل لعامة الأصحاب بقوله قالوا : لأنه إذا قطع قبل أوان قطعه تلف ولم يصلح لشيء . ( قوله : فلم يحتج للشرط ) يعلم منه أن الشهاب حج يخالف الشارح فيما مر له من أنه لا بد من اشتراط قطعه حيث قال فلا يكلف قطعه : أي مع اشتراط قطعه

التالي السابق


الخدمات العلمية