صفحة جزء
[ ص: 182 ] كتاب السلم ويقال له السلف ، سمي سلما لتسليم رأس المال في المجلس وسلفا لتقديمه .

والأصل فيه قبل الإجماع إلا ما شذ به ابن المسيب آية الدين فسرها ابن عباس بالسلم وخبر الصحيحين { من أسلم في شيء فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم } كالشفق أو الفجر أو وسط السنة وبالقياس على الثمن ، فكما جاز أن يكون حالا ومؤجلا فكذلك المثمن ، ولأن فيه رفقا فإن أرباب الضياع قد يحتاجون لما ينفقونه على مصالحها فيستسلفون على الغلة ، وأرباب النقود ينتفعون بالرخص فجوز لذلك وإن كان فيه غرر كالإجارة على المنافع المعدومة . ومعنى الخبر : من أسلم في مكيل فليكن معلوما ، أو موزون فليكن معلوما ، أو إلى أجل فليكن معلوما لا أنه حصره في الكيل والوزن والأجل ( هو ) شرعا ( بيع ) شيء ( موصوف في الذمة ) بلفظ السلم كما سيعلم من كلامه [ ص: 183 ] ولهذا قال الشارح هذه خاصته المتفق عليها ، قيل ليس لنا عقد يختص بصيغة واحدة إلا هذا والنكاح وعرف بغير ذلك مما هو غير مانع ، ويؤخذ من كون السلم بيعا أنه لا يصح إسلام الكافر في الرقيق المسلم ، وهو الأصح كما في المجموع ، وإن صحح الماوردي صحته وتبعه السبكي ، ومثل الرقيق المسلم المرتد كما مر في باب البيع .


حاشية الشبراملسي

[ ص: 182 ] كتاب السلم أي كتاب بيان حقيقته وأحكامه ( قوله : ويقال له السلف ) أي لغة ، وهذه الصيغة تشعر بأن السلم هو الكثير المتعارف وأن هذه اللغة قليلة ( قوله : سمي ) أي هذا العقد ( قوله : لتسليم رأس المال ) أي لاشتراط تسليم ذلك في المجلس لصحة العقد ( قوله : لتقديمه ) أي لتقديم عقده على استيفاء المسلم فيه غالبا ، ومن غير الغالب ما لو كان حالا أو عجله المسلم إليه ودفعه حالا في مجلس العقد ( قوله : إلا ما شذ ) انظر الذي شذ به هل هو عدم جواز السلم أو أن جوازه معتبر على وجه مخالف لما عليه الأئمة ، فيه نظر ، والظاهر الأول فليراجع ( قوله : وخبر الصحيحين ) عبارة حج : والخبر الصحيح { من أسلف فليسلف في كيل معلوم } إلخ ، ومثله في شرح الروض فلعلهما روايتان ، وعبارة شرح المنهج وخبر الصحيحين { من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم } إلخ ( قوله : ووزن معلوم ) الواو بمعنى أو ، إذ لا يجوز الجمع بين الكيل والوزن ، وسيأتي ما يصرح به في قوله ومعنى الخبر إلخ ( قوله : إلى أجل معلوم ) هذا آخر الحديث ( قوله : كالشفق ) أي الذي يلي وقت العقد وكذا يقال في الفجر أخذا مما يأتي فيما لو قال إلى العيد أو جمادى والمراد تكامل طلوعيهما .

( قوله : أو وسط السنة ) ويحمل على آخر جزء من النصف الأول ( قوله : وبالقياس ) الأظهر حذف الباء لأنه معطوف على آية الدين ( قوله : جاز أن يكون ) أي الثمن ( قوله : لا أنه حصره ) وذلك لأنه يلزم على ظاهره فساد السلم في غير المكيل والموزون وفي الحال ا هـ ( قوله : بيع شيء ) يؤخذ من جعله بيعا أنه قد يكون صريحا وهو ظاهر ، وقد يكون كناية كالكتابة وإشارة الأخرس التي يفهمها الفطن دون غيره ( قوله : موصوف ) قال المحلي بالجر : أي فموصوف صفة لموصوف محذوف : أي شيء موصوف وإنما فعل كذلك لأن البيع لا يصح وصفه بكونه في الذمة ، فلو قرئ بالرفع كان بمعنى بيع موصوف في الذمة والبيع [ ص: 183 ] لا يصح وصفه بكونه في الذمة إلا بتجوز كأن يقال موصوف مبيعه أو ما تعلق به أو نحو ذلك ولا حاجة إليه ( قوله : المتفق عليها ) دفع به ما يقال إن التعريف بما ذكر ليس مانعا لشموله بيع موصوف في الذمة بلفظ البيع فإن التعريف صادق عليه مع أنه ليس بسلم ( قوله : قيل ) أي قال بعضهم ، وليس الغرض تضعيفه ( قوله : بصيغة واحدة ) ولا يخرج عن ذلك انعقاده بلفظ السلف كالسلم لأنهما لترادفهما يعدان واحدة ، وكذلك انعقاده بالتزويج كالنكاح لا يخرجهما عن كونهما صيغة واحدة لترادفهما حج بالمعنى ( قوله : لا يصح إسلام الكافر في الرقيق ) ومثل ذلك كل ما يمتنع تملك الكافر له كالمصحف وكتب العلم والسلم من الحربي في السلاح .

( قوله : في الرقيق ) ومفهومه أن المسلم إذا أسلم للكافر في عبد مسلم صح ، لكن قال حج : الذي يتجه فيه عدم الصحة مطلقا : أي سواء كان حاصلا عند الكافر أو لا .

أقول : وذلك لندرة دخول العبد المسلم في ملك الكافر فأشبه السلم فيما يعز وجوده ، ولا يرد ما لو كان في ملكه مسلم لأن ما في الذمة لا ينحصر فيه ولا يجب دفعه عما فيه ويجوز تلفه قبل التسليم فلا يحصل به المقصود ( قوله : ومثل الرقيق المسلم المرتد ) أي فلا يصح إسلام الكافر فيه لبقاء علقة الإسلام فيه .

حاشية المغربي

. [ ص: 182 ] كتاب السلم ( قوله : كالشفق ) أي كمغيبه كما هو ظاهر إذ هو الذي ينضبط ، ومن ثم ينبغي أن يكون المراد الأحمر وقوله : كالشفق إلخ ليس من الحديث فكان ينبغي له حذفه ; لأن له محلا يخصه كما سيأتي أو يمثل للكيل والوزن أيضا . ( قوله : فكما جاز أن يكون حالا ومؤجلا إلخ ) المناسب لتفريعه الآتي أن يقول : فكما جاز أن يكون معينا وفي الذمة إلخ ، [ ص: 183 ] ; لأن السلم ليس من لازمه التأجيل كما سيأتي ( قوله : ولهذا قال الشارح هذه ) أي ما في المتن وإلا فما أجاب به الشارح الجلال غير ما أشار إليه الشارح هنا ، والحاصل أنه يجاب عن المتن في اقتصاره على ما ذكره بجوابين : إما أنه حذف التقييد بلفظ السلم لعلمه من كلامه الآتي وهو الذي سلكه الشارح هنا وإما بأن ما في المتن تعريف له بالخاصة المتفق عليها ، وهو الذي سلكه الشارح الجلال وقد أوضح كلامه الشهاب حج في تحفته ، وحينئذ فمعنى كلام الشارح هنا أنه حيث علم أنه لا بد من التقييد بلفظ السلم : أي أو السلف فما اقتصر عليه المصنف تعريف له بالخاصة المتفق عليها كما ذكره الشارح الجلال

التالي السابق


الخدمات العلمية