صفحة جزء
( وشرط الرهن ) أي المرهون ( كونه عينا ) يصح بيعها ، ولو موصوفة بصفة السلم خلافا للإمام ( في الأصح ) فلا يصح رهن المنفعة لتلفها شيئا فشيئا ، ولا رهن الدين ولو ممن هو عليه لأنه قبل قبضه غير موثوق به وبعده خرج عن كونه دينا ولا رهن وقف ومكاتب وأم ولد والثاني يصح رهنه تنزيلا له منزلة العين [ ص: 239 ] ومحل المنع في الابتداء ، فلا ينافي كون المرهون دينا أو منفعة بلا إنشاء كبدل الجناية على المرهون فإنه محكوم عليه في ذمة الجاني بأنه رهن فيمتنع على الراهن الإبراء منه ، ومن مات مدينا وله منفعة أو دين تعلق الدين بتركته ومنها دينه ومنفعته تعلق رهن .


حاشية الشبراملسي

( قوله : كونه عينا ) من ذلك رهن ما اشتد حبه من الزرع ، فإن رهنه وهو بقل فكرهن الثمرة قبل بدو الصلاح ا هـ متن روض . هذا ونقل عن الخطيب أنه يستثنى من هذه القاعدة وهي كون المرهون عينا يصح بيعها الأرض المزروعة فإنه يصح بيعها : أي حيث ريثت قبل الزرع أو من خلاله ولا يصح رهنا ا هـ : أقول : ولعل الفرق على هذا أن البيع يراد للدوام ، فحيث علم المشتري بالزرع حين الشراء أو بعده وأجاز البيع فقد رضي بالأرض مسلوبة المنفعة تلك المدة فكان كشراء المعيب ، والمقصود من الرهن التوثق واستيفاء الدين من المرهون عند المحل ، والزرع قد يتأخر إلى وقت البيع أو يضعف الأرض فلا يتيسر بيع الأرض في ذلك الوقت إما لشغلها بالزرع أو نقصان قيمتها بضعفها فنقل الرغبة فيها فلا يحصل مقصود الرهن من استيفاء الدين ، وقول متن الروض قبل بدو الصلاح : أي وحكمه الصحة وإن لم يشرط قطعه كما يأتي التصريح به في كلام الشارح عقب قول المصنف وإن لم يعلم هل يفسد إلخ ( قوله : ولو موصوفة بصفة السلم ) وظاهره أنه لا يشترط لصحته عدم طول الفصل بينه وبين القبض على خلاف ما مر في المقرض في الذمة .

وقد يفرق بأن الغرض من الرهن التوثق وما دام باقيا في ذمة الراهن هو محتاج إلى التوثق ، والغرض من القرض دفع الحاجة والغالب عدم بقائها مع طول الفصل بين التفرق والقبض ، بل إذا طال الفصل فالغالب على المقترض إعراضه عما اقترضه والسعي في تحصيل غيره لظنه امتناع المقرض من بقائه على القرض ، ولعلهم لم ينظروا لذلك في المعين لأنه بتميزه عن غيره وتعلق حق المقترض به دون غيره من بقية مال المقرض نزل منزلة ما قبضه في تعلق نفسه به وعدم التفاتها إلى غيره ما دامت العين موجودة ( قوله : فلا يصح رهن منفعة ) أي ومنها نفع الخلوات فلا يصح رهنها ( قوله لتلفها شيئا فشيئا ) فيه نظر بالنسبة للعمل الملتزم في الذمة مثلا ، بل وبالنسبة لمنفعة ملك الراهن كأن يرهن منفعة سكنى داره سنة من غير تعيين السنة ا هـ سم على حج . أقول : فيه نظر لأن المنفعة المتعلقة بالذمة من قبيل الدين ، وتقدم أنه لا يصح رهنه ، والمبهمة لا يصح رهنها لعدم التعيين ، وسيأتي أن المنفعة المتعلقة بالعين يشترط اتصالها بالعقد وهو يؤدي إلى فواتها كلا أو بعضا قبل وقت البيع ( قوله والثاني يصح رهنه ) أي الدين ( قوله : تنزيلا له منزلة العين ) ظاهره على هذا أنه لا بد من قبضه منه ثم رده إليه ليلزم ويحتمل الاكتفاء ببقائه في ذمته وإن لم يقبضه منه ، ويكون المراد بكونه نزل منزلة العين في الجملة فليراجع ، لكن في ع ما نصه : وقد قالوا في رهن الدين ممن هو عليه إذ [ ص: 239 ] قلنا بصحته لا بد من قبض حقيقي نظرا لذلك ( قوله : ومحل المنع في الابتداء ) أي وكان الرهن جعليا فقيد الابتداء مخرج لصورة الجناية على المرهون ، وقيد الجعلي مخرج لموت المدين ، وهذا إنما يلائم تعميم الرهن في عبارة المؤلف للجعلي والشرعي ، وسياق كلامه يأباه كما لا يخفى ، فقوله ومحل الكلام إلخ ليس على ما ينبغي وكان الظاهر أن يقول ولا يرد كذا وكذا لكون الكلام في الرهن الجعلي ( قوله : كون المرهون دينا ) أي قد يكون دينا إلخ ( قوله : ومن مات ) أي وكمن مات إلخ فهو عطف على قوله كقول إلخ .

والأظهر أنه مستأنف ويفيد معنى الاستثناء ، وإنما يظهر كونه معطوفا لو لم يذكر له جوابا وهنا ذكر جوابا بقوله تعلق إلخ .

حاشية المغربي

. [ ص: 238 ] قوله : فلا يصح رهن المنفعة ) يوهم أن المنفعة هي محل الخلاف وليس كذلك ، فكان الأصوب أن يقول فلا يصح رهن الدين إذ هو محل الخلاف ، ثم ذكر حكم رهن المنفعة بعد ذكر مقابل الأصح فعلم أن مراد المصنف بالعين هنا مطلق مقابل الدين لأجل الخلاف ، ولولا مراعاة الخلاف لشمل مقابل المنفعة . ( قوله : والثاني يصح رهنه ) يعني الدين . ( قوله : ولا رهن وقف إلخ ) كان الأولى تأخيره عن مقابل الأصح [ ص: 239 ] قوله : في الابتداء ) أي وفي الرهن الجعلي لينزل عليه ما يأتي

التالي السابق


الخدمات العلمية