صفحة جزء
( ويرتفع ) حجر الجنون ( بالإفاقة ) منه من غير فك ولا اقتران بشيء آخر كإيناس رشد .

وقضيته عود الولايات واعتبار الأقوال .

نعم الولاية الجعلية كالقضاء لا تعود إلا بولاية جديدة فلعل المراد عود الأهلية ( وحجر [ ص: 357 ] الصبا ) بكسر الصاد وفتح الباء فشمل الذكر والأنثى ( يرتفع ) من حيث الصبا بمجرد بلوغه ومطلقا ( ببلوغه رشيدا ) لقوله تعالى { وابتلوا اليتامى } الآية ، والابتلاء الاختبار والامتحان ، والرشد ضد الغي كما مر وفي خبر أبي داود { لا يتم بعد احتلام } والمراد من إيناس الرشد العلم به ، وأصل الإيناس الإبصار ، وتعبيره برشيدا كجماعة لا ينافي من عبر بالبلوغ ، إذ من زاد على البلوغ الرشد أراد الإطلاق الكلي ، ومن لم يزده أراد حجر الصبا .

قال : وهذا أولى ; لأن الصبا سبب مستقل بالحجر ، وكذا التبذير ، وأحكامهما متغايرة ، ومن بلغ مبذرا فحكم تصرفه حكم تصرف السفيه لا حكم تصرف الصبي ا هـ .

ولو ادعى الرشد بعد بلوغه وأنكره وليه لم ينفك الحجر عنه ، ولا يحلف الولي كالقاضي والقيم بجامع أن كلا أمين ادعى انعزاله ، ولأن الرشد مما يوقف عليه بالاختبار فلا يثبت بقوله : ولأن الأصل كما قاله الأذرعي يعضد قوله بل الظاهر أيضا ; إذ الظاهر فيمن قرب عهده بالبلوغ عدم الرشد ، فالقول قوله في دوام الحجر إلا أن تقوم بينة برشده .

نعم سئل الوالد رحمه الله تعالى : هل الأصل في الناس الرشد أو ضده ؟ فأجاب بأن الأصل فيمن علم الحجر عليه : أي بعد بلوغه استصحابه حتى يغلب على الظن رشده بالاختبار وأما من جهل حاله فعقوده صحيحة كمن علم رشده


حاشية الشبراملسي

( قوله : بالإفاقة ) أي الصافية عن الخبل المؤدي إلى حالة يحمل مثلها على حدة في الخلق كما صرح به في النكاح

( قوله : نعم الولاية الجعلية كالقضاء ) أي والإمامة والخطابة ونحوها ، [ ص: 357 ] نعم يستثنى الناظر بشرط الواقف والحاضنة والأب والجد فتعود إليهم الولاية بنفس الإفاقة من غير تولية جديدة وألحق بهم الأم إذا كانت وصية

( قوله : بكسر الصاد ) أي ويجوز فتحها وكسر الباء .

قال حج ردا على الإسنوي : أنه لا بعد فيه

( قوله : والامتحان ) عطف تفسير

( قوله : العلم به ) أي لا توهمه ( قوله : وأصل الإيناس ) أي اللغوي

( قوله : من عبر بالبلوغ ) أي كشيخ الإسلام

( قوله : وهذا أولى ) الإشارة إلى قوله ومن لم يزده

( قوله : حكم تصرف السفيه ) أي من حجر عليه ، ومنه صحة نكاحه بإذن وليه وعدم صحة تزويج وليه إياه بدون إذن منه بخلاف الصبي ( قوله : لم ينفك الحجر عنه ) بقي عكسه وهو ما لو أقر الولي برشده هل ينفك عنه الحجر أم لا ؟ فيه نظر ، والأقرب الثاني .

ثم رأيته في حج حيث قال بعد قول المصنف الآتي فعلى الأول الأصح أنه لا يصح بيعه إلخ ما نصه : ولا يقتضي إقراره : أي الولي به : أي بالرشد فك الحجر وإن اقتضى انعزاله ، وحيث علمه لزمه تمكينه من ماله وإن لم يثبت ، لكن صحة تصرفه ظاهرا متوقفة على بينة برشده : أي أو ظهوره كما صرح به بعضهم حيث قال : يصدق الولي في دوام الحجر ; لأنه الأصل ما لم يظهر الرشد أو يثبت ، فعلى هذا لا يصح تصرف الصبي في ماله قبل ثبوت رشده بالبينة أو الظهور ، ولا تصرف الولي لاعترافه برشده ( قوله : بقوله ) أي قول الصبي ( قوله : يعضد قوله ) أي يقوي قول الولي ( قوله : بل الظاهر ) أي بل الظاهر يعضد قول الولي أيضا ( قوله : إلا أن تقوم بينة برشده ) أي فإن قامت بينة بذلك بعد تصرف الولي تبين بطلان تصرفه

حاشية المغربي

[ ص: 357 ] قوله : فشمل الذكر والأنثى ) انظر ما وجه التفريع على خصوص هذا التفسير مع أن عكسه أظهر في الشمول . ( قوله : والرشد ضد الغي كما مر ) أي في الخطبة لكن هذا ليس المراد هنا . ( قوله : وتعبيره برشيدا ) يعني وتقييده البلوغ بالرشد ، وقوله : لا ينافي من عبر بالبلوغ : يعني من اقتصر على البلوغ

التالي السابق


الخدمات العلمية