صفحة جزء
( ولا ) يشتري له ما يسرع فساده ولو كان مربحا كما قاله الماوردي ولا ( يبيع عقاره ) ; لأن العقار أسلم وأنفع مما عداه ( إلا لحاجة ) من كسوة ونفقة ونحوهما بأن لم تف غلة العقار بذلك ولم يجد مقرضا ينتظر معه غلة تفي بالقرض ، وله بيعه أيضا لثقل خراج أو خوف خراب أو لكونه بغير بلد اليتيم ، ويحتاج لمؤنة من يوجهه ليجمع غلته كما قاله الروياني ، ويشتري بثمنه أو يبني ببلد اليتيم مثله أو لحاجة عمارة أملاكه وليس له غير العقار ( أو غبطة ظاهرة ) كبيعه بزيادة على ثمن مثله وهو يجد مثله ببعضه أو خيرا منه بكله ، وبحث الإسنوي جواز بيعه بثمن مثله دفعا لرجوع أصله في هبته له ، ونظر في دخول هذه الصورة في الغبطة ، والأقرب دخولها فيها فقد فسرها الجوهري بحسن الحال ، وأفتى القفال بجواز بيع ضيعة يتيم خربت ، وخراجها يستأصل ماله ولو بدرهم ; لأن المصلحة فيه ، وأخذ منه الأذرعي أن له بيع كل ما خيف هلاكه بدون ثمن مثله للضرورة ، وألحق بذلك ما لو غلب على ظنه غصبه [ ص: 377 ] لو بقي ، وبحث البالسي جواز بيع مال تجارته بدون رأس المال ليشتري بالثمن ما هو مظنة الربح ، ونقل ابن الرفعة عن البندنيجي أن آنية القنية من صفر ونحوه كالعقار فيما ذكر ، قال : وما عداهما لا يباع أيضا إلا لغبطة أو حاجة ، لكن يجوز لحاجة يسيرة وربح قليل لائق بخلافهما ، وهو أوجه مما بحثه في التوشيح من جواز بيعه بدون حاجة وبدون ربح ; لأن بيعه بقيمته مصلحة فلا يشترط زيادته عليها ، وتقييد المصنف الغبطة بالظاهرة من زيادته على بقية كتبهما ، قال الإمام : وضابط تلك الزيادة أن لا يستهين بها العقلاء بالنسبة إلى شراء العقار .

نعم له صوغ حلي لموليه وإن نقصت قيمته أو جزء منه وصبغ ثياب وتقطيعها وكل ما يرغب في نكاحها أو بقائه سواء في ذلك : الأصل ، وهو ما صرحوا به ، والوصي ، والقيم كما بحثه غير واحد وجرى عليه أبو زرعة فقال : والظاهر أن للقيم شراء جهاز معتاد لها من غير إذن القاضي فيقع لها ويقبل قوله فيه إذا لم يكذبه ظاهر الحال ، ولو ترك عمارة عقاره أو إيجاره حتى خرب مع القدرة أثم وضمن في أوجه الوجهين ، ويفارق مسألة التلقيح بأن الترك فيهما يفوت المنفعة والترك فيها يفوت الأجودية .

قال ابن الرفعة : ويقرب من هذا الخلاف قول الرافعي في الخلع : إذا خالع السفيه وقبض المال وتركه الولي في يده حتى تلف ففي ضمانه وجهان ا هـ : أي وأصحهما الضمان كما يؤخذ من كلامه على لقطة الصبي .

قال القفال : ويضمن ورق الفرصاد إذا تركه حتى فات وكأنه قاسه على سائر الأطعمة ، ولو امتنع من بيعه لتوقع زيادة فتلف المال فلا ضمان .


حاشية الشبراملسي

( قوله : ما يسرع فساده ) ظاهره وإن أمكن بيعه عاجلا قبل خشية فساده ، وينبغي خلافه حيث غلب على ظنه بيعه قبل ذلك بحسب العادة ، وعليه فلو أخلف فلا ضمان ; لأن فعله صدر بناء على المصلحة الظاهرة وهو كاف

( قوله : إلا لحاجة ) وكبيع العقار إيجار ما يستحق منفعته مدة طويلة على خلاف العادة في إيجار مثله ، والمراد : أن ما يستحق منفعته ما أوصى به أو كان مستحقا له بإجارة أما الموقوف عليه فينبغي الرجوع فيه لشرط الواقف

( قوله : ويحتاج لمؤنة ) أي مؤنة لها وقع بالنسبة لما يحصله من الغلة

( قوله : لأن المصلحة فيه ) ومثله ما عمت به البلوى في مصرنا من أن ما خرب من الأوقاف لا يعمر فتجوز إجارة أرضه لمن يعمرها بأجرة وإن قلت الأجرة التي يأخذها وطالت مدة الإجارة حيث لم يوجد من يستأجر بزيادة عليها ، ثم بعد ذلك على الناظر صرفه في مصارفه [ ص: 377 ] الموقوف عليها

( قوله : من صفر ) اسم للنحاس

( قوله : وما عداهما ) أي آنية القنية والعقار

( قوله : إلا لغبطة إلخ ) معتمد

( قوله : مما بحثه في التوشيح ) لابن السبكي صاحب جمع الجوامع

( قوله : فيقع ) أي الشراء

( قوله : حتى خرب ) قضيته أنه لو لم يخرب لا تلزمه الأجرة التي فوتها بعدم الإيجار ، والظاهر أنه ليس بقيد كما يؤخذ من كلام سم فيضمن وإن لم يخرب ، ومثل ذلك الناظر على الوقف

( قوله : في أوجه الوجهين ) خلافا لحج

( قوله : ويفارق مسألة التلقيح ) أي حيث قيل فيها بعدم الضمان ( قوله : فيهما ) أي العمارة والإجارة

( قوله : والترك فيها ) أي مسألة التلقيح

( قوله : يفوت الأجودية ) هو ظاهر حيث فاتت الأجودية كما ذكره ، أما لو غلب على الظن فساده عند عدم التلقيح اتجه الضمان ، ثم قضية هذا الفرق أنه لو ترك إيجار دوره مدة تقابل بأجرة مع تيسر من يستأجر عدم الضمان ; لأنه لم يفوت حاصلا وتقدم أنه يؤخذ من كلام سم الضمان

( قوله : وقبض المال ) أي عينا ولو بلا إذن أو دينا وأذن الولي في قبضه

( قوله : الفرصاد ) أي التوت حيث جرت العادة بأنه يجنى وينتفع به

( قوله : لتوقع زيادة ) أي توقعا قريبا

حاشية المغربي

[ ص: 376 - 377 ] ( قوله : وضابط تلك الزيادة ) أي السابقة في تفسير الغبطة الظاهرة ، في المتن

التالي السابق


الخدمات العلمية