صفحة جزء
( وشرط الوكيل ) تعيينه إلا في نحو من حج عنى فله كذا فيبطل وكلت أحدكما ، نعم إن وقع غير المعين تبعا لمعين كوكلتك في كذا وكل مسلم صح كما بحثه الشيخ في شرح منهجه ، قال : وعليه العمل ، وما نظر فيه من قياسه على الموكل فيه غير صحيح فسيأتي الفرق بينهما ، ودعوى أنه يحتاط في العاقد ما لا يحتاط في المعقود عليه لا التفات له هنا إذ الغرض الأعظم الإتيان بالمأذون فيه و ( صحة مباشرته التصرف ) الذي وكل فيه ( لنفسه ) وإلا لم يصح توكيله إذ تصرفه لنفسه أقوى منه لغيره ، فإذا لم يملك الأقوى لم يملك دونه بالأولى ( لا صبي و ) لا ( مجنون ) ولا مغمى عليه ولا نائم ولا معتوه لسلب ولايتهم نعم يصح توكيل صبي [ ص: 19 ] في نحو تفرقة زكاة وذبح أضحية وما يأتي ( وكذا المرأة والمحرم ) بضم الميم ( في ) عقد ( النكاح ) إيجابا وقبولا لسلب عبارتهما فيه ولا توكيل المرأة في الرجعة ولا في الاختيار للنكاح إذا أسلم على أكثر من أربع ، ولا في الاختيار للفراق إذا عين للمرأة من يختارها أو يفارقها ، فإن لم يعين لم يصح من الرجل أيضا كما مر ، والخنثى كالمرأة كما قاله ابن المسلم في أحكام الخناثى وذكره في شرح المهذب تفقها . نعم لو بان الخنثى ذكرا بعد تصرفه ذلك بانت صحته ، ويشترط في الوكيل العدالة إذا وكله الولي في نحو بيع مال محجوره ، ويمتنع توكيل المرأة لغير زوجها بغير إذنه على ما قاله الماوردي ، قيل : وكأنه أراد الحرة .

أما الأمة إذا أذن سيدها لم يكن لزوجها اعتراض كالإجارة وأولى . قال الأذرعي : الوجه ما اقتضاه كلام الروياني من الصحة إن لم يفوت على الزوج حقا انتهى . والأوجه الصحة مطلقا وإن كان للزوج منعها مما يفوت حقا له لأن هذا أمر خارج ، ويفرق بين ما هنا والإجارة بأن حقها لازم يتعلق بالعين فعارض حق الزوج وهو أولى فأبطله ولا كذلك الوكالة ، وتوكيل مسلم كافرا في استيفاء قود من مسلم ، وهذه مردودة بأن الوكيل لا يستوفيه لنفسه وبأن المصنف إنما جعل صحة مباشرته شرطا لصحة توكله ، ولا يلزم من وجود الشرط وجود المشروط ، وإنما يلزم من عدمه عدمه ، والأول صحيح والثاني في غير محله ، إذ الشرط وهو صحة المباشرة غير موجود هنا رأسا ( لكن الصحيح اعتماد قول صبي ) ولو رقيقا إذا كان مميزا لم يجرب عليه كذب ، وكذا فاسق وكافر كذلك ، بل قال في شرح مسلم : لا أعلم فيه خلافا ( في الإذن في دخول [ ص: 20 ] دار وإيصال هدية ) ولو أمة قالت له أهداني سيدي لك كما اقتضاه كلامهم وإن استشكل فيجوز وطؤها وطلب صاحب وليمة لتسامح السلف في مثل ذلك ، أما غير المأمون بأن جرب كذبه ولو مرة فيما يظهر بحيث جوزنا كذبه لما مر منه فلا يعتمد قطعا ، وما حفته قرينة يعتمد قطعا ، وفي الحقيقة العمل حينئذ بالعلم لا بالخبر ، ويؤخذ منه عدم الفرق هنا بين الصادق وغيره ، وللمميز ونحوه توكيل غيره في ذلك بشرطه الآتي ( والأصح صحة توكيل عبد ) مصدر مضاف للمفعول ، ولو حذفت الياء لكان مضافا للفاعل وهو أوضح ( في قبول نكاح ) وإن لم يأذن له سيده لانتفاء ضرره ، وتعبيره بلكن فيه إشارة إلى استثناء هذين من عكس الضابط وهو من لا تصح مباشرته لنفسه لا يصح توكله ، ويستثنى أيضا صحة توكل سفيه في قبول نكاح بغير إذن وليه وتوكل امرأة في طلاق غيرها ومرتد في تصرف لغيره مع امتناعه لنفسه ، وإنما يصح ذلك إن لم يشرط في بطلان تصرفه لنفسه حجر الحاكم عليه ، وسيأتي في بابه ما فيه ، ورجل في قبول نكاح أخت زوجته مثلا أو خامسة وتحته أربع والموسر في قبول نكاح أمة ، واستثناء بعضهم توكل كافر عن مسلم في شراء مسلم أو طلاق مسلمة غير صحيح ، إذ لو أسلمت زوجته فطلق ثم أسلم في العدة بان نفوذ طلاقه .

وأشار المصنف في مسألة طلاق الكافر للمسلمة بأنه يصح طلاقه في الجملة إلى أن المراد صحة مباشرة الوكيل التصرف لنفسه في جنس ما وكل فيه في الجملة لا في عينه ، وحينئذ فيسقط أكثر ما مر من المستثنيات ، وقياسه جريان ذلك في الموكل أيضا كما قدمناه ( ومنعه ) أي توكيل العبد أي من فيه رق ( في الإيجاب ) للنكاح لأنه إذا امتنع عليه تزويج ابنته فبنت غيره أولى ، ويصح توكيل المكاتب في تزويج أمته كما [ ص: 21 ] بحثه الأذرعي إن قلنا : إنه يزوجها ، ومثله المبعض في ذلك بل أولى ، ويجوز توكيل رقيق في نحو بيع أذن سيده ولو بجعل ، ويمتنع توكيله على طفل أو ماله مطلقا كما قاله الماوردي لأنها ولاية


حاشية الشبراملسي

( قوله : من قياسه على الموكل ) أي حيث قيل بالبطلان ( قوله : ودعوى ) أي اعتراضا على الفرق الآتي ( قوله : لا التفات له ) أي لهذا القول ( قوله : ولا معتوه ) [ ص: 19 ] عطفه على المجنون من عطف الخاص على العام لأن العته نوع من الجنون .

وفي المختار : المعتوه الناقص العقل ، وقد عته فهو معتوه بين العته ا هـ . وعليه فيمكن حمل المجنون على من زال عقله بالكلية والمعتوه على من عنده أصل العقل لا كماله فيكون مباينا للمجنون

( قوله : ولا في الاختيار ) أي ولا توكيل المرأة في إلخ ( قوله : ويشترط في الوكيل العدالة ) ظاهره وإن وكله في بيع معين من أموال المحجور ولو قيل بصحة توكيل الفاسق في ذلك حيث لم يسلم المال له لم يبعد ، ثم رأيت في حج فيما يأتي قبيل قول المصنف وأحكام العقد تتعلق بالوكيل إلخ ما يؤخذ منه ذلك ( قوله : ويمتنع توكيل المرأة ) فهو مستثنى مما أفاده المتن أن من صح تصرفه لنفسه صح توكيله ( قوله : والأوجه الصحة مطلقا ) فوت أو لا حيث كانت حرة أو أمة فيما تستقل به أو غيره وأذن لها السيد كما مر في توكيل القن

( قوله : والإجارة ) أي حيث قيل فيها بالبطلان إذا فوتت حق الزوج ( قوله : وتوكيل مسلم ) أي ويستثنى أيضا ( قوله : بأن الوكيل ) أي في هذه الصورة ، وقوله لا يستوفيه لنفسه : أي فلم يشمله هذا الشرط فلا حاجة لاستثنائه ا هـ سم على حج ( قوله : والأول صحيح ) هو قوله بأن الوكيل إلخ ، والثاني هو قوله وبأن المصنف إنما إلخ ( قوله : في غير محله ) قد يجاب بأن الثاني مذكور على التنزل ويؤيد ذلك أنه صرح في الأول بأن الوكيل لا يستوفيه لنفسه فقد صرح بأن هذا الشرط لم يوجد هنا أصلا ا هـ سم على حج . لكن الصحيح اعتماد قول الصبي .

[ فرع ] قال الخطيب الشربيني : يجوز توكيل الصبي والسفيه ليتصرف بعد بلوغ الصبي ، ورشد السفيه كتوكيل المحرم ليعقد بعد حله ، وفيه نظر ، والوجه وفاقا ل م ر عدم الصحة لأن المحرم فيه الأهلية إلا أنه عرض له مانع بخلافهما فإنه لا أهلية لهما ، وفي الروضة ما يفهم منه عدم الصحة ا هـ سم على منهج ، ومثله على حج ( قوله : لم يجرب عليه كذب ) ولم تقم قرينة على كذبه ا هـ شيخنا زيادي ( قوله : وكافر ) أي ولو بالغا ( قوله : كذلك ) أي لم يجرب عليه كذب ( قوله : لا أعلم فيه ) [ ص: 20 ] أي في الكافر ، وعبارة حج فيهما

( قوله : فيجوز وطؤها ) أي بعد الاستبراء : أي ولو رجعت وكذبت نفسها لاتهامها في حق غيرها وخرج بكذبت نفسها ما لو كذبها السيد فيصدق في ذلك بيمينه ، وعليه فيكون وطء المهدى إليه وطء شبهة ، ولا يجب عليه المهر لأن السيد بدعواه ذلك يدعي زناها ، ولا الحد أيضا للشبهة ، وينبغي أن لا حد عليها أيضا لزعمها أن السيد أهداها له وأن الولد حر لظنه أنها ملكه وتلزمه قيمته لتفويته رقه على السيد بزعمه ، وأما لو وافقها السيد على وطء الشبهة فيجب المهر

( قوله : لتسامح السلف في مثل ذلك ) وليس في معنى من ذكر الببغاء والقرد ونحوهما إذا حصل منهم الإذن ولم يجرب عليهم الكذب لأنهم ليسوا من أهل الإذن أصلا ، بخلاف الصبي فإنه أهل في الجملة ، ولا ينافي هذا ما قدمناه من جعل الببغاء كالصبي لأن ذاك فيما لو احتفت به قرينة لأنها المعول عليها بخلاف ما هنا

( قوله : فلا يعتمد قطعا ) ظاهره وإن مضى عليه سنة فأكثر لم يجرب عليه فيها كذب ، ولو قيل بجواز اعتماد قوله حينئذ لم يبعد بل وإن لم تمض المدة المذكورة ويكون المدار على ما يغلب على الظن صدقه ( قوله : بالعلم ) وعلى هذا فينبغي أن الببغاء ، ونحوها مع القرينة كالصبي لأن التعويل ليس على خبرها بل على القرينة ، وبقي ما لو جهل حال الصبي ، والأقرب فيه أنه لا يعتمد قوله إلا بقرينة تدل على صدقه لأن الأصل عدم قبول خبره ( قوله : بشرطه الآتي ) وهو العجز أو كونه لم تلق به مباشرته ( قوله : فيه إشارة إلى استثناء إلخ ) أي لأن الكلام هنا في الوكيل ( قوله : وإنما يصح ذلك ) أي استثناء المرتد ( قوله : وسيأتي في بابه ) والمعتمد منه أنه لا يشترط فيكون مستثنى ( قوله : إذ لو أسلمت زوجته ) هذا التعليل لا يصلح لرد استثناء توكيل المسلم الكافر ، فالأولى التعليل بأن الكافر يصح طلاقه لزوجته المسلمة فيصح توكيل المسلم له في طلاق زوجته الكافرة ( قوله : أكثر مما مر ) ومنه توكيل المسلم الكافر في شراء مسلم لأنه يصح شراؤه له في الجملة وذلك [ ص: 21 ] كما لو حكم بعتقه عليه

( قوله : إن قلنا إنه يزوجها ) وهو المعتمد ( قوله : وبجعل ) وفي نسخة بعد قوله بإذن سيده ولو بجعل ويمتنع إلخ وما في الأصل هو الصواب ( قوله : مطلقا ) معنى مطلقا بإذن أولا ، وينبغي مراجعة ذلك فإن القياس البطلان بغير إذن سيده ، وقد يستدل على الصحة بصحة قبول الهبة والوصية بغير إذن .

ويفرق بأن هنا إتلاف منفعة للغير ا هـ سم على حج . أقول : قول سم والوصية ، يفيد أن قبوله للوصية لا يتوقف على إذن من السيد والمعتمد خلافه ، والفرق بينها وبين الهبة أن القبول في الهبة فوري ، فلو منعناه منه فربما طال الفصل بين الإيجاب وقبول السيد لغيبته مثلا فيفوت المقصود من الهبة ، ولا كذلك الوصية فإن الشرط فيها كون القبول بعد الموت اتصل بالموت أو تراخى عنه

حاشية المغربي

( قوله : فإذا لم يملك الأقوى لم يملك دونه إلخ ) في هذا التعليل نظر لا يخفى ، [ ص: 19 ] وعبارة غيره : لأنه إذا لم يقدر عنه التصرف لنفسه فلغيره أولى ( قوله : ويمتنع توكيل المرأة ) مصدر مضاف لمفعوله ( قوله : لا أعلم فيه ) أي : في اعتماد قول الفاسق والكافر كما يعلم بمراجعة كلام النووي خلافا لما وقع في [ ص: 20 ] حاشية الشيخ ( قوله : غير صحيح ) أي بالنسة لشقه الثاني فقط وكان ينبغي أن يقول غير صحيح في الثاني [ ص: 21 ] قوله : ولو بجعل ) غاية في اشتراط الإذن فإن هناك من يقول إنه إذا كان ثم جعل لا يحتاج للإذن وفي نسخة عقب قوله بإذن سيده ما نصه ولو بجعل مطلقا ; لأنه تكسب ا هـ .

وعبارة التحفة عقب مثل هذه النسخة نصها : كذا عبر به شارح وصوابه لا يتوكل بلا إذن عن غيره فيما يلزم ذمته عهدته كبيع ولو بجعل بل فيما لا يلزمها كقبول نكاح ولو بغير إذن انتهت .

ونسخ الشارح مختلفة كما ذكرناه فليراجع مختاره

التالي السابق


الخدمات العلمية