صفحة جزء
ثم شرع في بيان الإقرار بالمجهول فقال ( ويصح ) ( الإقرار بالمجهول ) إجماعا ابتداء كان أو جوابا لدعوى لأنه إخبار عن حق سابق فيقع مجملا ومفصلا ، وأراد به ما يعم المبهم كأحد العبدين كما ألحقه به السبكي ( فإذا ) ( قال ) ما يدعيه زيد في تركتي فهو في حق عينه الوارث أو ( له علي شيء قبل تفسيره بكل ما يتمول وإن قل ) كفلس لصدق اسم الشيء عليه ، فلو امتنع من التفسير أو نوزع فيه فسيأتي قريبا .

وضابط المتمول كما قاله الإمام ما يسد مسدا أو يقع موقعا يحصل به جلب نفع أو دفع ضرر ، وتنظير الأذرعي مردود بأن المراد بالأول ما له في العرف قيمة ولو قلت جدا كفلس .

والحاصل أن كل متمول مال ولا ينعكس كحبة بر وقولهم في البيع لا يعد مالا . أي متمولا ( ولو فسره بما لا يتمول ) أي لا يتخذ مالا ( لكنه من جنسه كحبة حنطة أو بما يحل اقتناؤه ككلب معلم ) لحراسة أو صيد وقشرة نحو لوز وميتة لمضطر كما قاله الإمام خلافا للقاضي ( وسرجين ) وهو الزبل ، وكذا بكل نجس يقتنى كجلد ميتة يطهر بالدباغ وخمر محترمة ( قبل ) كما لو فسره بحق شفعة وحد قذف الوديعة ( في الأصح ) لصدق ما ذكر على هذه الأمور ويحرم أخذه ويجب رده ، والثاني لا يقبل فيهما لأن الأول لا قيمة له فلا يصح التزامه بكلمة علي والثاني ليس بمال ، وظاهر الإقرار المال وخرج بعلي في ذمته فلا يقبل فيه بنحو حبة حنطة وكلب قطعا لأنه لا يثبت فيها ، ولو قال لزيد هذه الدار وما فيها صح واستحق جميع ما فيها وقت الإقرار ، فإن اختلفا في شيء أهو بها وقته صدق المقر وعلى المقر له البينة أخذا من قول الروضة لو أقر له بجميع ما في يده أو ما ينسب إليه صح وصدق [ ص: 87 ] إذا تنازعا في شيء أكان بيده حينئذ ، وقضيته أنه لو اختلف وارث المقر والمقر له صدق وارث المقر لأنه خليفة مورثه فيحلف على نفي العلم بوجود ذلك فيها حالة الإقرار ونحو ذلك ، ولا يقنع منه بحلفه أنه لا يستحق فيها شيئا ، وبه أفتى ابن الصلاح ، وهو أوجه من قول القاضي يصدق المقر له ، قال ابن الصلاح : ولو كان للمقر زوجة ساكنة معه في الدار قبل قولها في نصف الأعيان بيمينها لأن اليد لها معه على جميع ما فيها صلح لأحدهما فقط أو لكليهما .


حاشية الشبراملسي

( قوله : ويصح الإقرار بالمجهول ) أي لأي شخص كان ( قوله : فهو في حق عينه ) أي صح وإن لم يذكر المقر له شيئا وعينه الوارث ومع ذلك فهو مشكل لأنه فوض أمر المقر به للمقر له دون الوارث فكيف يرجع لتعيينه .

وقد يجاب بأن ما ذكره إقرار منه حالا لكن المقر به مجهول ، فلما لم تتوقف صحة الإقرار على تعيين المقر له رجع لتعيين الوارث ( قوله : فسيأتي قريبا ) أي في قول المصنف في الفصل الآتي ومتى أقر بمبهم إلخ ( قوله : بأن المراد بالأول ) هو قوله ما يسد إلخ ، والثاني هو قوله أو يقع إلخ لكن في حج التعبير بالواو وعليها فهو عطف تفسير وأن المراد بالأول ما يحصل به نفع ( قوله : أي متمولا ) يمكن أن لا يحتاج لذلك إلا لو قالوا : ليست مالا فليتأمل ا هـ سم على حج .

ووجهه أن قولهم لا يعد مالا نفي لإعداده : أي تسميته في العرف مالا ، وعدم التسمية في العرف لا ينافي أنه مال في نفس الأمر وإن لم يسم به لحقارته ( قوله : يظهر بالدباغ ) هذا يخرج المغلظ فلا يحل اقتناؤه ، وقد يتوقف فيه بما في اللباس من أنه يحل جعله غشاء لنحو الكلب ( قوله : لأنه لا يثبت فيها ) يمكن أن يصور ثبوت نحو الحبة بما لو أتلف له حبات متمولة كمائة معلومة الأعيان لهما ثم أبرأه المالك مما عدا حبة معينة فإن الظاهر بقاؤها في ذمته ، إلا أن يقال : مثل هذا نادر فلا اعتبار به ا هـ سم على حج ( قوله : صدق المقر ) أي حيث لا بينة ( قوله : أو ما ينسب إليه ) [ ص: 87 ] عبارة حج عن الأنوار أنه لو قال جميع ما عرف لي لفلان صح ( قوله : وبه أفتى ابن الصلاح ) في حج ، وبه أفتى ابن الصباغ ، وفي نسخة منه : ابن الصلاح ( قوله : ولو كان للمقر زوجة ساكنة معه ) أي فلو كان الساكن معه أكثر من زوجة جعل في أيديهم بعدد الرءوس ( قوله : في نصف الأعيان ) أي التي في الدار ، بخلاف ما في يدها كخلخال ونحوه فإنها تختص به لانفرادها باليد ، وسواء كان ملبوسا لها وقت المنازعة أو لا حيث علم أنها تتصرف فيه ، وعبارة الدميري في النفقات .

[ تنبيه ] قال الشافعي رضي الله عنه : إذا اختلف الزوجان في متاع البيت فمن أقام البينة على شيء من ذلك فهو له ، ومن لم يقم بينة فالقياس الذي لا يعذر أحد عندي بالغفلة عنه أن هذا المتاع في أيديهما معا فيحلف كل منهما لصاحبه على دعواه ، فإن حلفا جميعا فهو بينهما نصفين ، وإن حلف أحدهما دون الآخر قضي للحالف ، وسواء اختلفا مع دوام النكاح أم بعد التفرق ، واختلاف ورثتهما كهما ، وكذلك أحدهما ووارث الآخر ، وسواء ما يصلح للزوج كالسيف والمنطقة أو للزوجة كالحلي والغزل أو لهما كالدراهم والدنانير ، ولا يصلح لهما كالمصحف وهما أميان والنبل وتاج الملوك وهما عاميان .

وقال أبو حنيفة : إن كان في يدهما حسا فهو لهما ، وإن كان في يدها حكما فما يصلح للرجال للزوج أو لها فلها ، والذي يصلح لهما فلهما ، وعند أحمد ومالك قريب من ذلك .

واحتج الشافعي بأن الرجل قد يملك متاع المرأة والمرأة تملك متاع الرجل ، إذ لو استعملت الظنون لحكم في دباغ وعطار تداعيا عطرا ودباغا في أيديهما أن يكون لكل ما يصلح له ، وفيما إذا تنازع موسر ومعسر في لؤلؤ أن يجعل للموسر ولا يجوز الحكم بالظنون ا هـ .

وينبغي أن مما يقتضي الحكم لأحدهما بيده معرفته به قبل التنازع كملبوس الرجل الذي يشاهد عليه في أوقات انتفاعه به ، ومعرفة المرأة بحلي تلبسه في بيتها وغيره ، لكن اتفق وقت التنازع أن الحلي والملبوس موضوعان في البيت فتستصحب اليد التي عرفت في كل منهما ( قوله : أو لكليهما ) أي أو لم يصلح لواحد منهما ا هـ سم على حج .

حاشية المغربي

[ ص: 85 - 86 ] ( قوله : فيقع مجملا ومفصلا ) أي كما هو شأن سائر الإخبارات ، وعبارة شرح الروض : لأن الإقرار إخبار عن حق سابق والشيء يخبر عنه مفصلا تارة ومجملا أخرى ( قوله : كما ألحقه به السبكي ) المناسب لما قبله كما أدخله فيه السبكي ، فإن كان السبكي إنما ذكره على وجه الإلحاق فكان ينبغي أن يقول وإن جعله السبكي ملحقا به ( قوله : لصدق ما ذكر على هذه الأمور ويحرم أخذه ) عبارة التحفة ; لأنه شيء ويحرم أخذه ويجب رده [ ص: 87 ] قوله : ولا يقنع منه بحلفه أنه لا يستحق فيها ) أي في الدار : أي لأن قضية إقرار مورثه أن فيها شيئا فلم يقبل من وارثه ما ينافيه ( قوله : ولو كان للمقر زوجة إلخ ) سيأتي هذا في الدعاوى بأبسط مما هنا

التالي السابق


الخدمات العلمية