صفحة جزء
[ ص: 261 ] كتاب الإجارة بتثليث الهمزة والكسر أفصح ، وهي لغة : اسم للأجرة ثم اشتهرت في العقد : وشرعا : تمليك منفعة بعوض بالشروط الآتية منها علم عوضها وقبولها للبذل والإباحة ، فخرج بالأخير نحو منفعة البضع على أن الزوج لم يملكها وإنما ملك أن ينتفع بها وبالعلم المساقاة والجعالة على عمل مجهول فلا يشترط في الأول علم العوض ، وإن كان قد يكون معلوما كأن ساقاه على ثمرة موجودة ، وقد تقع الثانية على عمل معلوم . والأصل فيها قبل الإجماع آيات كقوله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } ومنازعة الإسنوي في الاستدلال بها مردودة ، إذ مفادها وقوله الإرضاع للآباء وهو مستلزم الإذن لهن فيه بعوض وإلا كان تبرعا ، وهذا الإذن بالعوض هو العقد ، وقوله أيضا { وإن تعاسرتم } الآية ، وأخبار كاستئجاره صلى الله عليه وسلم والصديق رجل من بني الديل يقال له [ ص: 262 ] عبد الله بن الأريقط ، وأمره صلى الله عليه وسلم بالمؤاجرة ، والحاجة بل الضرورة داعية إليها .


حاشية الشبراملسي

[ ص: 261 ] كتاب الإجارة ( قوله : ثم اشتهرت ) أي لغة على وجه المجاز بدليل قوله وشرعا ( قوله وقبولها للبذل والإباحة ) عطف تفسير على البذل ، ويدل ما عليه قوله في بيان المحترز : فخرج بالأخير وبالعلم ( قوله : نحو منفعة البضع ) أي فلا تصح أجرة الجواري للوطء ، وقوله على أن إلخ أشار به إلى عدم ورود عقد النكاح ( قوله : على أن الزوج ) أي فلا حاجة للإخراج ( قوله : وبالعلم ) أي بالعوض ( قوله على عمل ) قيد في الجعالة فإن عملها قد يكون معلوما ، بخلاف المساقاة فإن عملها مجهول دائما . نعم عوضها قد يكون معلوما كأن عقد على ثمرة موجودة ( قوله : فلا يشترط في الأول ) أي المساقاة أشار به إلى دفع ما أورد عليه من أن التعريف غير مانع إذ يدخل فيه المساقاة إذا كان عوضها معلوما والجعالة إذا كان عملها معلوما . وحاصل الجواب أنه لا يرد واحد منهما لأن العلم بالعمل والعوض شرط في الإجارة ، وليس ذلك شرطا في المساقاة والجعالة وإن اتفق وجوده . واعترض سم على حج هذا الجواب بأن عدم الاشتراط لا دخل له في دفع الاعتراض ، لأنه متى دخل في التعريف فرد من غيره لم يكن مانعا ا هـ . وأقول أما المساقاة فلا ترد لأن العوض وإن كان معلوما لكن العمل مجهول فلا تصدق الإجارة عليها ، وأما الجعالة فيمكن إخراجها بأن يزاد في التعريف ما يؤخذ من صيغتها الآتية أنها بلفظ الإجارة أو نحوها ( قوله : وإن كان ) أي العوض ( قوله { وإن تعاسرتم } الآية ) قال حج : ولك أن تقول إن أراد المنازعة على أصل الإيجار فرده بما ذكر واضح ، أو مع الإيجاب والقبول لم يصلح ذلك لرده إذ لا دلالة فيها على القبول لفظا بوجه ، والصديق مفعول معه ، ويصح أن يكون عطفا على الضمير فهو بالجر ( قوله : من بنى الديل ) بكسر الدال وسكون الياء التحتية ، [ ص: 262 ] وقيل بضم أوله وكسر ثانيه مهموزا ا هـ فتح الباري أي ليدلهم على طريق المدينة حين الهجرة ( قوله بالمؤاجرة ) هو بالهمز ، يقول كما في القاموس أجره إيجارا ومؤاجرة ، ويجوز إبدال الهمزة واوا لكونه مفتوحا بعد ضمة ( قوله : داعية إليها ) أي الإجارة .

حاشية المغربي

[ ص: 261 ] كتاب الإجارة ( قوله : منها علم عوضها ) يعني عوض الإجارة الشامل للمنفعة والأجرة بدليل قوله فيما يأتي : وبالعلم المساقاة والجعالة على عمل مجهول ، أما الضمير في قبولها فهو للمنفعة بدليل ما أخرجه بذلك أيضا .

ولك أن تقول : إذا كان الضمير في عوضها للإجارة كما تقرر فلا ترد المساقاة أصلا ; لأن أحد العوضين فيها وهو العمل لا يكون إلا مجهولا فهي خارجة باشتراط العلم في العوضين هنا . ( قوله : على عمل مجهول ) فيه أن الجد حينئذ غير مانع لدخول [ ص: 262 ] المساقاة والجعالة على معلوم ، فلا يكون في التعريف ما يخرجهما ، وعبارة التحفة : وبالعلم المساقاة والجعالة كالحج بالرزق فإنه لا يشترط فيهما علم العوض وإن كان قد يكون معلوما كمساقاة على ثمرة موجودة وجعالة على معلوم انتهت .

فجعل المساقاة والجعالة خارجين مطلقا بقيد اشتراط العلم هنا ; لأنهما وإن وقعا على معلوم إلا أنه ليس على وجه الاشتراط

التالي السابق


الخدمات العلمية