صفحة جزء
[ ص: 263 ] ( والصيغة ) معتبرة هنا كالبيع فيجري فيها خلاف المعاطاة . ويشترط فيها جميع ما مر في صيغة البيع إلا عدم التأقيت . وهي صريحة وكناية ، فمن الصريح ( أجرتك هذا أو أكريتك ) هذا أو عوضتك منفعة هذه الدار سنة بمنفعة دارك كما اقتضاه إفتاء القاضي ( أو ملكتك منافعه سنة ) ليس ظرفا لأجر وما بعده لأنه إنشاء وهو ينقضي بانقضاء لفظه بل لمقدر ، نحو انتقع به سنة ، ونظيره قوله تعالى { فأماته الله مائة عام } أي وألبثه مائة عام ، ولا يقال : يصح جعله ظرفا لمنافعه المذكورة فلا يحتاج لتقدير وليس كالآية كما هو واضح . لأنا نقول : المنافع أمر موهوم الآن والظرفية تقتضي خلاف ذلك ، فكان تقدير ما ذكر أولى أو متعينا ( بكذا ) وإن لم يقل من الآن . وتختص إجارة الذمة بنحو ألزمت ذمتك أو سلمت إليك هذه الدراهم في خياطة هذا أو في دابة صفتها كذا أو في حملي إلى مكة ( فيقول ) المخاطب متصلا ( قبلت أو استأجرت أو اكتريت ) أو استكريت ، ومن الكناية جعلت لك منفعته سنة بكذا أو اسكن داري شهرا بكذا . ومنها الكتابة ، وتنعقد باستيجاب وإيجاب وبإشارة أخرس أفهمت ، وأفهم كلامه اعتبار التوقيت وذكر الأجرة لانتفاء الجهالة حينئذ ، وموردها إجارة العين والذمة المنافع لأنها المقصودة لا العين عند الجمهور ( والأصح انعقادها ) أي الإجارة ( بقوله أجرتك ) أو أكريتك ( منفعتها ) أي الدار سنة بكذا ، إذ المقصود منها المنفعة فذكرها تأكيد . والثاني المنع لأن لفظ الإجارة وضع مضافا للعين لأن المنفعة لا منفعة لها فكيف يضاف العقد عليها ( و ) الأصح ( منعها ) أي منع انعقادها ( بقوله ) ( بعتك ) أو اشتريت ( منفعتها ) لأن [ ص: 264 ] لفظ البيع موضوع لتمليك العين فلا يستعمل في المنفعة كما لا ينعقد بلفظ الإجارة ، وعلم مما تقرر أنه لا يكون كناية والقول بذلك مردود باختلال الصيغة حينئذ ، إذ لفظ البيع يقتضي التأبيد فينافي ذكر المدة ، ولو قال في إجارة الذمة ألزمت ذمتك كذا كفاه عن لفظ الإجارة ونحوها .


حاشية الشبراملسي

[ ص: 263 ] قوله : وألبثه مائة عام ) عبارة البيضاوي : فألبثه ميتا مائة عام أو أماته الله فلبث ميتا مائة عام ، وعبارة حج : ونظيره في التقدير على القول به في الآية قوله تعالى { فأماته الله مائة عام } أي وألبثه مائة عام ا هـ . وقضية قوله على القول به في الآية أن ثم من لا يقدر في الآية محذوفا فلا يكون مما نحن فيه ( قوله : والظرفية تقتضي إلخ ) ينظر وجه هذا الاقتضاء . وعليه فيرد ما قدره لأن الانتفاع أمر موهوم الآن مع أن معنى انتفع استوف منافعه . وبالجملة فدعوى هذا الاقتضاء مما لا سند لها إلا مجرد التخيل ، وما يقول في نحو لله علي أن أصوم هذه السنة أو أن أعتكف هذا اليوم ، فإن كلا من الصوم والاعتكاف أمر موهوم الآن مع ظرفية السنة واليوم لهما بالإجماع ظرفية لا شبهة في صحتها لأحد ا هـ سم على حج . وقد يقال : يمكن الفرق بأن الاعتكاف والصوم معناهما فعل مخصوص من المعتكف والصائم يمكن أن يتصور على وجه مخصوص يصيره عنده كالمحسوس ، ولا كذلك المنافع فإن تصورها يكون بأمر إجمالي يختلف متعلقه باختلاف المنافع قلة وكثرة ( قوله : خلاف ذلك ) أي المحقق : أي خلاف الموهوم بأن يكون المظروف محققا ( قوله : فكان تقدير ما ذكر ) أي إن جعل ظرفا لمنافع ومتعينا إن جعل ظرفا لأجر ( قوله وإن لم يقل من الآن ) عبارة حج : لا يشترط عندهما وإن نوزعا فيه أن يقول من الآن ( قوله وتختص ) أي زيادة على ما مر من الصيغ

( قوله : بنحو ألزمت ذمتك ) أي كذا ، وكان الأولى أن يذكره وخرج به ما لو قال ألزمتك فإنه إجارة عين كما نقل سم على منهج عن الدميري أنه أقرب احتمالين ، وعبارته : ولو قال للأجير ألزمتك عمل كذا فهل هو إجارة عين أو ذمة ؟ ذكر فيه الدميري احتمالين ، وقال : الأقرب أنه إجارة عين ا هـ ( قوله : أو في دابة ) أي لحمل كذا أو نحوه وإلا فهذه الصيغة إنما هي في الدابة نفسها ( قوله : وتنعقد باستيجاب ) كآجرني وإيجاب واستقبال وقبول كما هو ظاهر . ( قوله : وأفهم كلامه ) أي زيادة على ما مر من الصيغ ( قوله : لانتقاء الجهالة ) أي وهو كذلك لانتفاء الجهالة فليس علة للإفهام ( قوله : مضافا إلى العين ) أي مرتبطا بها وإن كان المقصد به المنفعة [ ص: 264 ] قوله : كما لا ينعقد ) أي البيع ( قوله : وعلم مما تقرر أنه ) أي بعتك منفعتها ( قوله : والقول بذلك ) مشى عليه حج ( قوله : ولو قال في إجارة الذمة إلخ ) هذه الصورة علمت من قوله أولا ، وتختص بنحو : ألزمت ذمتك . وأما لو اقتصر على عمل كذا ولم يذكر لفظ الذمة فإجارة عين كما تقدم عن الدميري .

التالي السابق


الخدمات العلمية