صفحة جزء
( وما لا ) يجوز بيعه ( كمجهول ومغصوب ) لمن لا يقدر على انتزاعه ( وضال ) وآبق ( فلا ) يجوز هبته بجامع أن [ ص: 412 ] كلا منهما تمليك في الحياة ولا ينافيه خبر { زن وأرجح } لأن الرجحان المجهول وقع تابعا لمعلوم ، على أن الأوجه كون المراد " بأرجح " تحقق الحق حذرا من التساهل فيه ، ولا { قوله صلى الله عليه وسلم للعباس رضي الله عنه في المال الذي جاء من البحرين خذ منه } الحديث ، لأن الظاهر أن ما ذكر في المجهول إنما هو بالمعنى الأخص ، بخلاف هديته وصدقته فيصحان فيما يظهر ، وإعطاء العباس الظاهر أنه صدقة لا هبة لكونه من جملة المستحقين ( إلا حبتي الحنطة ونحوها ) من المحقرات فإنه يمتنع بيعها لا هبتها اتفاقا كما في الدقائق ، فبحث الرافعي عدم صحة هبتها مردود وإن سبقه إليه الإمام لانتفاء المحذور في تصدق الإنسان بالمحقر كما ورد في الخبر ، وإلا في مال وقف بين جمع للجهل بمستحقه فيجوز الصلح بينهم على تساو أو تفاوت للضرورة : قال الإمام : ولا بد أن يجري بينهم تواهب ، ولبعضهم إخراج نفسه من البين ، لكن إن وهب لهم حصته جاز على ما قاله الإمام أيضا ، بخلاف إعراض الغانم : أي لأنه لم يملك ، ولا على احتمال بخلاف هذا ولولي محجور عليه الصلح له بشرط أن لا ينقص عما بيده كما يعلم مما يأتي قبيل خيار النكاح ، وإلا فيما لو خلط متاعه بمتاع غيره فوهب أحدهما نصيبه لصاحبه فيصح مع جهل قدره وصفته للضرورة ، وإلا فيما لو قال لغيره : أنت في حل مما تأخذ أو تعطي أو تأكل من مالي فله الأكل فقط لأنه إباحة [ ص: 413 ] وهي صحيحة بالمجهول بخلاف الأخذ والإعطاء .

قاله العبادي .

قال : وفي خذ من عنب كرمي ما شئت لا يزيد على عنقود لأنه أقل ما يقع عليه الاسم ، وما استشكل به يرد بأن الاحتياط المبني عليه حق الغير أوجب ذلك التقدير ، وأفتى القفال في أبحت لك من ثمار بستاني ما شئت بأنه إباحة ، وظاهره أن له أخذ ما شاء ، وما قاله العبادي أحوط .

وفي الأنوار لو قال : أبحت لك ما في داري أو ما في كرمي من العنب فله أكله دون بيعه وحمله وإطعامه لغيره ، وتقتصر الإباحة على الموجود : أي عندها في الدار أو الكرم ، ولو قال : أبحت لك جميع ما في داري أكلا واستعمالا ولم يعلم المبيح الجميع لم تحصل الإباحة ا هـ .

وبعض ما ذكره في فتاوى البغوي وقوله ويقتصر إلى آخره موافق لكلام القفال لا العبادي ، وما ذكره آخرا غير مناف ما مر من صحة الإباحة بالمجهول لأن هذا في مجهول من كل وجه بخلاف ذاك ، والأوجه كما جزم به بعضهم عدم ارتداد الإباحة بالرد .


حاشية الشبراملسي

( قوله : ولا ينافيه ) أي عدم صحة هبة المجهول .

( قوله : إنما هو بالمعنى الأخص ) أي وهو الهبة المتوقفة على إيجاب وقبول ( قوله : الظاهر أنه صدقة ) قد يمنع كونه صدقة إذ هو مال لبيت المال وتصرفه صلى الله عليه وسلم فيه كتصرف الإمام في بيت المال ، ولو كان ملكا له صلى الله عليه وسلم وكان إعطاؤه تصدقا منه نافاه التعليل بقوله لكونه من جملة المستحقين ، وعبارة حج بعد قوله " لا هبة " نصها : وإلا فهو لكونه من جملة المستحقين إلخ وحاصله أنا إذا قلنا : إن ما يأتي له من الأموال ملكه صلى الله عليه وسلم فدفعه للعباس صدقة ، وإن قلنا : لا يملكه فما يأتي من الأموال حق بيت المال والعباس من جملة المستحقين له وللإمام أن يفاضل بينهم في الإعطاء بحسب ما يراه ( قوله : ونحوها ) بالجر عطف على الحنطة .

( قوله : عدم صحة هبتها ) أي نحو الحبتين ، وأفرد الضمير نظرا لما صدق عليه النحو من جميع جزئياته .

( قوله : جاز ) الأولى إسقاطها كما في حج لأن هذا شرط لصحة إخراجه من البين .

( قوله : ولولي محجور عليه الصلح ) عن المال الموقوف بينه وبين غيره ، وقوله عما بيده يتأمل معناه فإن المال قد لا يكون في يده منه شيء ( قوله : وإلا فيما لو قال إلخ ) كان الأولى ذكره بغير صورة الاستثناء كأن يقول ولو قال أنت في حل مما إلخ ، إلا أن يقال : هو بالنظر لما يأكله هبة صورة ( قوله : فله الأكل ) قال سم على حج : ما قدره .

أقول : ينبغي أن يأكل قدر كفايته وإن جاوز العادة حيث علم المالك بحاله ، وإلا امتنع [ ص: 413 ] أكل ما زاد على ما يعتاد مثله غالبا لمثله .

( قوله : لا يزيد على عنقود ) أي إلا بقرينة ا هـ سم على حج .

وكتب أيضا قوله على عنقود : أي للأكل بدليل ما قبله وما يأتي عن الأنوار وهل نظير العنقود فيما لو قال خذ من ثمن نخلي ما شئت العرجون ا هـ .

أقول : الظاهر الفرق ، ويفرق بينه وبين العرجون بكثرة ما يحمله العرجون ، وحينئذ فيقتصر على ما يغلب على الظن مسامحة مالكه به .

( قوله : وما قاله العبادي ) أي من أنه لا يزيد على عنقود .

( قوله : لم تحصل الإباحة ) أي فيمتنع عليه أخذ شيء مما لم يعلمه المبيح ( قوله : لا العبادي ) قد يقال ما هنا لا يخالف كلام العبادي أيضا لأن من في مسألة العبادي تمنع من الاستيعاب فعمل معها بالاحتياط ، بخلاف مسألتنا فإن ما المعبر بها فيها من صيغ العموم فتصدق بالجميع .

حاشية المغربي

[ ص: 412 ] قوله : وإعطاء العباس الظاهر أنه صدقة إلخ ) عبارة التحفة : وإعطاء العباس الظاهر أنه صدقة لا هبة وإلا فهو لكونه من جملة المستحقين وللمعطي أن يفاوت بينهم انتهت .

فقوله : وإلا : أي وإن لا يكن صدقة ، وحاصل كلامه أنه إما صدقة إن كان المال له صلى الله عليه وسلم وإما بطريق استحقاقه من بيت المال إن كان المال لبيت المال ، وأما قول الشارح لكونه إلخ فلا يصح تعليلا لكونه صدقة ; لمنافاته إياه ( قوله : ولولي محجور الصلح ) أن فيما هو موقوف بينه وبين غيره للجهل بحصته منه . ( قوله : بشرط أن لا ينقص عما بيده ) حاصل هذا الشرط أن المحجور تارة يكون بيده شيء من ذلك الموقوف ، وتارة لا ، فإن كان بيده شيء منه فشرط الصلح أن لا ينقصه عنه ; لأن اليد دليل الملك ، ولا يجوز للولي التبرع بملك المحجور ، وإن لم يكن في يده منه شيء جاز الصلح بلا شرط ; لانتفاء ذلك المحذور فلا توقف فيه خلافا لما في حاشية الشيخ ( قوله : لأنه إباحة ) تعليل لأصل حل الأكل لا لامتناع غيره [ ص: 413 ] قوله : لا يزيد على عنقود ) أي : للأكل ، قاله الشهاب سم

التالي السابق


الخدمات العلمية