صفحة جزء
وأركانها : موصي وموصى له وبه وصيغة ، وذكرها على هذا الترتيب مبتدئا بأولها ; لأنه الأصل فقال ( تصح وصية كل مكلف حر ) كله أو بعضه مختار عند الوصية ( وإن كان كافرا ) ولو حربيا كما قاله الماوردي ، وإن استرق بعدها ، وماله عندنا بالأمان كما بحثه الزركشي : أي وعتق قبل موته كما يصح سائر عقوده وما نظر به من أن القصد منها زيادة الأعمال بعد الموت وهو لا عمل له بعده مردود بأن المنظور إليه فيها بطريق الذات كونها عقدا ماليا لا خصوص ذلك ، ومن ثم صحت صدقته وعتقه ويأتي في الردة أن وصية المرتد موقوفة ، وشمل الحد المحجور عليه بسفه أيضا لكنه صرح به لبيان ما فيه من الخلاف الذي لا يأتي في غير المحجور ، وإن أتى فيه خلاف آخر مخرج من الخلاف في أنه هل يعود الحجر بطرو السفه من غير حجر حاكم أو لا ؟ . فقال ( وكذا محجور عليه بسفه على المذهب ) لصحة عبارته ، ومن ثم كان إقراره بالعقوبة والطلاق نافذا ولاحتياجه للثواب .

والطريق الثاني قولان : أحدهما لا تصح للحجر عليه ، فالسفيه بلا حجر تصح وصيته جزما ، والمحجور عليه بفلس تصح وصيته كما ذكره في بابه في الروضة كأصلهما ( لا ) ( مجنون ومغمى عليه وصبي ) أي لا تصح وصية كل [ ص: 42 ] واحد منهم ، إذ لا عبارة لهم بخلاف السكران ، وإن لم يكن له تمييز كما يعلم مما يأتي في الطلاق ( وفي قول تصح من صبي مميز ) ; لأنها لا تزيل الملك حالا ، ورد بأنه لا نظر لذلك مع فساد عبارته حتى في غير المال ( ولا رقيق ) كله عندها ولو مكاتبا لم يأذن له سيده لعدم ملكه أو أهليته .

أما إذا أذن السيد للمكاتب فيها فتصح كما سيأتي في باب الكتابة . والمبعض تصح منه بما ملكه ببعضه الحر ولو عتقا خلافا لبعضهم لوجود أهليته والقول بعدمها ; لأنه يستعقب الولاء ، وهو من غير أهله ممنوع ; لأنه إن عتق قبل موته فذاك ، وإلا فقد زال رقه بموته ، وسيأتي في نفوذ إيلاده ما يؤيده ( وقيل إن عتق ) بعدها ( ثم مات صحت ) منه ، ويرد بنظير ما مر في المميز .


حاشية الشبراملسي

( قوله : مختار عند الوصية ) قيد لكل من قوله مكلف إلخ ( قوله : وماله ) أي والحال ، وقوله : عندنا بالأمان مفهومه أنه إن لم يكن له مال عندنا وقت الوصية لم تصح ، وإن صار ماله عندنا وقت الموت أو أسلم ، ولعله غير مراد ; لأنهم إنما احترزوا به لو كان ماله بدار الحرب وبقي فيها ( قوله : من أن القصد منها ) أي الوصية ( قوله : وهو لا عمل له ) أي الكافر ( قوله : ومن ثم صحت ) على أنه قد يقال : إنه يجازى عليها في الدنيا ، وإن كان الموصى به لا يستحقه الموصى له إلا بالقبول بعد الموت ( قوله : هل يعود الحجر بطرو السفه إلخ ) الراجح أنه لا يعود بدون حجر الحاكم ( قوله : تصح وصيته جزما ) دعوى الجزم ينافي ما تقدم من قوله وإن أتى فيه خلاف إلخ ، إلا أن يقال قوله : فالسفيه إلخ تفريع على قوله في تعليل الطريق الثاني للحجر عليه ، فلا ينافي [ ص: 42 ] أن فيه خلافا مفرعا على ما ذكر ( قوله : بخلاف السكران ) أي المتعدي فتصح وصيته ( قوله : ولا رقيق كله ) أما المبعض فسيأتي في قوله ولو عتق بعضه إلخ ( قوله : أما إذا أذن السيد للمكاتب ) أي كتابة صحيحة ، وقوله : فيها أي الوصية ( قوله : ولو عتقا ) أي ولو كان ما أوصى به المبعض عتقا ( قوله : خلافا لبعضهم ) منهم ابن حجر ( قوله : وهو ) أي المبعض ، وقوله : من غير أهله أي الولاء ( قوله : وقيل إن عتق ) أي الرقيق ( قوله : ويرد بنظير ما مر ) أي وهو أنه لا نظر لرقه ; لأن لصحة عبارته مع أهليته للولاء حال العتق عند صاحب هذا الوجه ، ويرد بأنه لا نظر لذلك مع فساد عبارته حتى إلخ .

حاشية المغربي

( قوله : وشمل الحد المحجور عليه إلخ ) عبارة الدميري : واحترز عن السفيه الذي لم يحجر عليه الحاكم فإنها تصح منه على الأصح كسائر تصرفاته ، إلا على قولنا إن الحجر يعود بنفس التبذير إذا بلغ رشيدا من غير توقف على حكم فيكون كالمحجور عليه

التالي السابق


الخدمات العلمية