صفحة جزء
( أو ) أوصى ( لشخص ) واحد أو متعدد ( فالشرط أن ) يكون معينا كما في المحرر : أي ولو بوجه لما يأتي في إن كان ببطنها ذكر . واكتفى عنه بما بعده ; لأن الملك الذي الكلام فيه لا يتصور للمبهم كأحد الرجلين ما دام على إبهامه وهو ما يحصل بعقد مالي . وإنما صح أعطوا هذا أحدهما ; لأنه تفويض لغيره وهو إنما يعطي معينا ، ومن ثم صح قوله لوكيله بعه لأحدهما وأن يكون ممن يمكن أن ( يتصور له الملك ) وقت الوصية كما صرح به في الحمل ولهذا لو أوصى لحمل سيحدث لم تصح ، وإن حدث قبل موت الموصي ; لأنها تمليك ، وتمليك المعدوم ممتنع ، وأنه لا متعلق للعقد في الحال فأشبه الوقف على من سيولد له ، وقد صرحوا بذلك في المسجد فقالوا : لو أوصى لمسجد سيبنى بطل : أي وإن بني قبل موته فقول جمع حال موت الموصي فيه إبهام فخرج المعدوم والميت والبهيمة في غير ما يأتي .

نعم قياس ما مر في الوقف أنه لو جعل المعدوم تبعا للموجود كأن أوصى لأولاد زيد الموجودين ومن سيحدث له من الأولاد صحت تبعا لهم ، ويؤيده قول الروضة : الأولاد والذرية والنسل والعقب والعترة على ما ذكرنا في الوقف ، واعتمد جمع الفرق بأن من شأن الوصية أن يقصد معها معين موجود ، ولا كذلك الوقف ; لأنه للدوام المقتضي لشموله للمعدوم ابتداء ، وقال إنها للتمليك وتمليك المعدوم ممتنع كما صرح به الرافعي تعليلا للمذهب من بطلان الوصية لما ستحمله هذه المرأة . ولا يرد على المصنف صحتها مع عدم ذكر جهة ولا شخص كأوصيت بثلث مالي ويصرف للفقراء والمساكين ، أو بثلثه [ ص: 44 ] لله ويصرف في وجوه البر ; لأن من شأن الوصية أن يقصد بها أولئك مكان إطلاقها بمنزلة ذكرهم ففيه ذكر جهة ضمنا وبهذا فارقت الوقف فإنه لا بد فيه من ذكر المصرف ، وسيأتي صحتها بغير المملوك .

ولو أشار لمملوك غيره بقوله أوصيت بهذا ثم ملكه لم تصح كما جزم به الرافعي واعتمده جمع منهم ابن الرفعة والبلقيني ، لكن قال المصنف : إن قياس الباب الصحة أن يصير موصى به إذا ملكه قبل موته وهو المعتمد ( فتصح لحمل ) حرا كان أو رقيقا من زوج أو شبهة أو زنا ( وتنفذ ) بالمعجمة ( إن انفصل حيا ) حياة مستقرة ، وإلا لم يستحق شيئا كالإرث ( وعلم ) أو ظن ( وجوده عندها ) أي الوصية ( بأن انفصل لدون ستة أشهر ) منها ( فإن انفصل لستة أشهر فأكثر ) منها ( والمرأة فراش زوج أو سيد ) وأمكن كون الولد من ذلك الفراش ( لم يستحق ) الموصى به لاحتمال حدوثه من ذلك الفراش بعد الوصية فلا يستحق بالشك ، وكذا لو كان بين أوله والوضع دون ستة أشهر أو كان ممسوحا فهو كالمعدوم ، ويؤخذ مما تقرر ظهور قول الإمام لا بد أن يمكن غشيان ذي الفراش لها : أي عادة فإن أحالته العادة فلا استحقاق .

( فإن لم تكن فراشا ) لزوج أو سيد أو كانت ( وانفصل ) لدون ستة أشهر منه و ( لأكثر من أربع سنين ) من الوصية ( فكذلك ) لا يستحق للعلم بحدوثه بعد الوصية ( أو لدونه ) أي دون الأكثر ( استحق في الأظهر ) ; لأن الظاهر وجوده عند الوصية . والثاني لا يستحق لاحتمال حدوثه بعدها واعتبار هذا الاحتمال فيما تقدم ; لموافقته للأصل وما ذكره من إلحاق الأربع بما دونها والستة بما فوقها هو الذي في الروضة وغيرها وهو المعتمد ، وإن صوب الإسنوي وغيره إلحاقها بما دونها إذ لا بد من تقدير زمن يسع الوطء والوضع كما ذكروه في العدد في محال أخر . ورده الشيخ بأن لحظة الوطء إنما اعتبرت جريا على الغالب من أن العلوق لا يقارن أول المدة ، وإلا فالعبرة بالمقارنة ، فالستة على هذا ملحقة بما فوقها كما قالوه هنا ، وعلى الأول بما دونها كما قالوه في المحال الأخر ، وبذلك علم أن كلا صحيح وأن التصويب سهو .

وحاصله أن وجود الفراش ثم وعدمه هنا غلب على الظن التفرقة بينهما بما ذكر ، والكلام كله حيث عرف لها فراش سابق ثم انقطع ، أما من لم يعرف لها فراش أصلا [ ص: 45 ] فلا استحقاق قطعا ، وإن انفصل لأربع فأقل لانحصار الأمر حينئذ في وطء الشبهة أو الزنا كما أفاده السبكي تفقها ، ونقله غيره عن الأستاذ أبي منصور ، وفي كلام الشيخين ما يدل له ، وسيعلم من كلامه قبيل العدد أن التوأمين حمل واحد فاندفع ما أورده عليه جمع ، وهو ما لو انفصل أحد توأمين لستة أشهر ثم انفصل توأم آخر بينه وبين الأول دون ستة أشهر فإنه يستحق ، وإن انفصل لفوق ستة أشهر من الوصية ، وتقبل الوصية له ولو قبل انفصاله على المعتمد خلافا لابن المقري ، ويؤيده ما لو باع مال أبيه ظانا حياته فبان ميتا ; لأن العبرة في العقود بما في نفس الأمر بل في كلام الشيخين في الإقرار ما يقتضي ترجيح ما ذكرناه .


حاشية الشبراملسي

( قوله : واكتفى عنه ) أي عن قوله أن يكون معينا ( قوله : صحت تبعا لهم ) معتمد وقوله : على ما ذكرنا في الوقف خبر عن قوله الأولاد إلخ ، وقوله : واعتمد جمع إلخ ضعيف ( قوله : كأوصيت بثلث مالي ) أي فإنه [ ص: 44 ] يصح مع عدم ذكر مصرف ويصرف للفقراء إلخ ( قوله : ويصرف في وجوه البر ) أي ولا يختص بالفقراء والمساكين ( قوله : إن قصد بها أولئك ) أي من الفقراء والمساكين ووجوه البر فحمل عليهم على ما مر . ( قوله : وسيأتي صحتها ) ذكره توطئة لقوله ولو أشار فإنه موصى به مع كونه غير مملوك ، ومع ذلك فكان الأولى تأخير الكلام عليه إلى الموصى به ( قوله : وهو المعتمد ) أي ; لأن العبرة في الوصية بوقت الموت قبولا وردا ( قوله : وكذا لو كان بين أوله ) أي الفراش ( قوله : فهو ) أي الفراش كالمعلوم .

( قوله : ويؤخذ مما تقرر ) أي في قوله أو كان ممسوحا ( قوله : لموافقته للأصل ) أي بلا معارض ، وعبارة ع يريد الأصل الذي لم يعارضه ظاهر ( قوله : حيث عرف لها ) أي لمن أوصى [ ص: 45 ] لحملها ( قوله : وإن انفصل لأربع فأقل ) أي وينبغي أن يقال ولستة أشهر فأكثر ، أما لو انفصل لدون ستة أشهر من الوصية استحق كما هو ظاهر للقطع بأنه كان موجودا عند وقتها ، وغايته أنه من شبهة أو زنا وقد تقدم صحة الوصية للحمل منهما ( قوله : وتقبل الوصية له ) أي للحمل والقابل لها الولي عليه بتقدير انفصاله حيا ، ويحتمل أن الذي يقبل له الحاكم مطلقا لعدم تحققه والظاهر الأول ، ثم رأيت في حج الجزم بما استظهرناه ، ثم رأيت في نسخة أيضا : ويقبل الوصية له وليه ولو إلخ .

حاشية المغربي

[ ص: 42 - 43 ] قوله : وهو ما يحصل بعقد مالي ) أي الملك ( قوله : فيه إيهام ) أي إيهام أنه لا يشترط وجوده وقت الوصية ( قوله : وقد صرحوا بذلك في المسجد ) هذا كالصريح في أنهم لم يصرحوا به في غير المسجد مع أنه مصرح به في الشامل الصغير [ ص: 44 ] على الإطلاق ، وعبارة : لا لأحد العبدين : أي فلا تصح الوصية له ومن سيوجد ( قوله : وستأتي صحتها بغير المملوك ) كأنه دفع ما يتوهم من قول المصنف يتصور له الملك من عدم صحتها بغير المملوك ، ولعل هذا أولى مما في حاشية الشيخ ( قوله : وكذا لو كان بين أوله والوضع ) صوابه أما لو كان إلخ ، إذ هو مفهوم ما زاده بقوله وأمكن كون الولد من ذلك الفراش كما يعلم من التحفة ( قوله : أو كانت وانفصل لدون ستة أشهر ) كذا في التحفة ، ونازع فيه الشهاب سم ثم أجاب عنه بأنه إنما ذكره توطئة للصورة الثانية وهي الانفصال لأقل ( قوله : على هذا ) يعني ما بعد وإلا وقوله وعلى الأول : يعني ما قبلها ( قوله : وحاصله أن وجود الفراش إلخ ) هذا وما بعده لا يوافق [ ص: 45 ] ما حل به المتن ( قوله : وإن انفصل لأربع فأقل ) أي وفوق ستة أشهر لعدم فراش حينئذ يحال عليه كما هو ظاهر ، وإلا فقد مر أن الحمل يستحق وإن كان من زنا أو شبهة فليراجع ( قوله : وتقبل الوصية له ) يعني مطلق الحمل

التالي السابق


الخدمات العلمية