صفحة جزء
[ ص: 224 ] فصل فيمن يعقد النكاح وما يتبعه ( لا تزوج امرأة نفسها ) ولو ( بإذن ) من وليها ( ولا غيرها ) ولو ( بوكالة ) من الولي بخلاف إذنها لقنها أو محجورها وذلك لآية { فلا تعضلوهن } إذ لو جاز لها تزويج نفسها لم يكن للعضل تأثير وللخبرين الصحيحين كما قاله الأئمة كأحمد وغيره { لا نكاح إلا بولي } الحديث المار { وأيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل } وكرره ثلاث مرات ، وصح أيضا { لا تزوج المرأة المرأة ولا المرأة نفسها } نعم لو لم يكن لها ولي قال بعضهم أصلا ، وقال بعضهم يمكن التوجه له ، جاز لها أن تفوض مع خاطبها أمرها إلى مجتهد عدل فيزوجها منه لأنه محكم وهو كالحاكم ، وكذا لو ولت معه عدلا صح على المختار وإن لم يكن مجتهدا لشدة الحاجة إلى ذلك كما جرى عليه ابن المقري تبعا لأصله .

قال في المهمات : ولا يختص ذلك بفقد الحاكم ، بل يجوز مع وجوده سفرا ، أو حضرا بناء على الصحيح في جواز التحكيم كما ذكره في كتاب القضاء .

قال العراقي : ومراد الإسنوي ما إذا كان المحكم صالحا للقضاء ، وأما الذي اختاره النووي أنه تكفي العدالة ولا يشترط كونه صالحا للقضاء فشرطه السفر وفقد القاضي أي ولو قاضي ضرورة ، وأيدهالأذرعي وحاصله أن المدار على وجود القاضي وفقده لا على السفر والحضر .

نعم لو كان الحاكم لا يزوج إلا بدراهم لها وقع لا تحتمل في مثله عادة كما في كثير من البلاد [ ص: 225 ] في زمننا اتجه جواز تولية أمرها لعدل مع وجوده ، وإن سلمنا أنه لا ينعزل بذلك بأن علم موليه بذلك حال التولية وخرج بتزوج ما لو وكل امرأة لتوكل من يزوج موليته ، أو وكل موليته لتوكل من يزوجها ولم يقل لها عن نفسك سواء أقال عني أم أطلق فوكلت وعقد الوكيل فإنه يصح لأنها سفيرة محضة ، ولو ابتلينا بولاية امرأة الإمامة نفذ حكمها للضرورة كما قاله ابن عبد السلام وغيره ، وقياسه تصحيح تزويجها ، وكذا لو زوجت كافرة كافرة بدار الحرب فيقر الزوجان عليه بعد إسلامهما ، ويجوز إذنها لوليها بلفظ الوكالة كما يأتي ( ولا تقبل نكاحا لأحد ) بولاية ولا بوكالة ، لأن محاسن الشريعة تقتضي فطمها عن ذلك بالكلية لما قصد منها من الحياء وعدم ذكره أصلا ، والخنثى فيما ذكر مثله كما جزم به ابن المسلم في كتاب الخناثى وبحثه المصنف في المجموع في نواقض الوضوء وقال : لم أر فيه نقلا ، فإن اتضحت ذكورته ولو بعد العقد صح كما مر ، وقد جزم بذلك السبكي في كتاب الخناثى كما قاله الزركشي .


حاشية الشبراملسي

[ ص: 224 ] فصل ) فيمن يعقد النكاح

( قوله : وما يتبعه ) أي كالتوقف على الإذن وكيفية الإذن من نطق ، أو غيره ( قوله : ولو بوكالة من الولي ) أي أو من المرأة كما شملته الغاية ، بل ذلك أولى لعدم الصحة منه فيما لو أذن به الولي ( قوله : لقنها ، أو محجورها ) أي في أن يتزوجها ، وقال سم على حج : ولا يخفى أن المرأة لا تكون ولية على المحجور إلا بطريق الوصاية ، وسيأتي في قول المصنف بل ينكح : أي السفيه بإذن وليه أو يقبل له النكاح قول الشارح ووليه في الأول : أي فيما إذا بلغ سفيها الأب فالجد فوصي أذن له في التزويج على ما مر في العزيز لكنه ضعيف إلخ ، فلعل ما ذكره هنا مبني على كلام العزيز فليحرر ، وكتب أيضا لطف الله به قوله لقنها ، أو محجورها : أي من سفيه ، أو مجنون هي وصية عليهما ( قوله : إلا بولي الحديث ) أي أقرا الحديث إلخ ( قوله : بغير إذن ) أفهم أنها إذا أنكحت نفسها بإذن وليها صح ، وهو مخالف لما مر من قوله ولو بإذن من وليها فيحتاج إلى وكيل ، على أن المفهوم هنا غير مراد لا يقال : قوله بعد في الحديث الآتي ولا المرأة نفسها يدل على أنه لا فرق بين الإذن وعدمه .

لأنا نقول : الأول خاص فيقدم على هذا العام ( قوله : وكرره ثلاث مرات ) أي كرر قوله فنكاحها باطل كما يأتي التصريح به عند قول المصنف وإذا اجتمع أولياء إلخ نقلا عن تخريج أحاديث الرافعي ( قوله : وكذا لو ولت معه ) أي الخاطب ( قوله : وحاصله أن المدار إلخ ) معتمد ( قوله : إلا بدراهم لها وقع ) أي بالنسبة للزوجين ( قوله : لا يحتمل مثله ) أي ذلك العقد ( قوله : مع وجوده ) أي القاضي ( قوله : وقياسه تصحيح تزويجها ) أي لغيرها لا لنفسها ا هـ .

حج [ ص: 225 ] وقضية إطلاق الشارح عدم الفرق ، والأقرب ما قاله لأنها متمكنة من تفويض أمرها لمن يزوجها فيكون قاضيا ( قوله بدار الحرب ) ليس بقيد فيما يظهر ونقل مثله عن شيخنا الزيادي ( قوله : تقتضي فطمها ) أي تطلبه على وجه اللياقة والكمال لا أنها يحرم عليها ذلك بنهي الشارع وإن حرم عليها من حيث تعاطي العقد الفاسد إن علمت بفساده ( قوله : والخنثى فيما ذكر مثلها ) أي ومع ذلك لو خالف وزوج فينبغي أنه لا حد على الواطئ لأنا لم نتحقق أنوثته ، وبتقديرها فالمرأة يصح عقدها في الجملة عند من قال به .

حاشية المغربي

[ ص: 224 ] فصل ) فيمن يعقد النكاح ( قوله : أو محجورها ) أشار سم إلى ضعفه ; لأن ولايتها على المحجور لا تكون إلا بطريق الوصاية ، والوصي لا يعتبر إذنه خلافا لما في العزيز ( قوله : وكذا لو ولت معه ) أي الخاطب [ ص: 225 ] قوله : بدار الحرب ) ليس بقيد كما نقل عن الزيادي

التالي السابق


الخدمات العلمية