صفحة جزء
( ويكره ) الأذان ( للمحدث ) حدثا [ ص: 415 ] أصغر لخبر { كرهت أن أذكر الله إلا على طهر } أو قال " على طهارة " رواه أبو داود ، وقال في المجموع : إنه صحيح فيستحب كونه متطهرا لذلك ، ولأنه يدعو إلى الصلاة فليكن بصفة من يمكنه فعلها وإلا فهو واعظ غير متعظ قاله الرافعي ، وقضيته أنه يسن له التطهر من الخبث أيضا وهو كذلك ( و ) الكراهة ( للجنب أشد ) منها للمحدث لكون الجنابة أغلظ وما يحتاج إليه الجنب ليتمكن من الصلاة فوق ما يحتاج إليه المحدث ، والمراد بالمحدث من لا تباح له الصلاة . وعبارة العباب دالة على ما ذكرناه حيث قال : يكره أذان محدث غير متيمم ( والإقامة ) من كل منهما ( أغلظ ) من الأذان لقربها من الصلاة ، فإن انتظره القوم ليتطهر شق عليهم وإلا ساءت به الظنون ، وقضية كلامه كأصله أن كراهة إقامة المحدث أشد من كراهة أذان الجنب وهو الأوجه لما تقدم من قربها من الصلاة لكن قال الإسنوي يتجه مساواتهما ، وقياس ما ذكروه أن يكون أذان المحدث الجنب أشد من الجنب ، وتقدم أن الحيض والنفاس أغلظ من الجنابة فتكون الكراهة معهما أشد منها معها ، وعلم مما ذكر صحة أذان الجنب وإقامته وإن كان في المسجد ، ومثله مكشوف العورة لأن الحرمة لأمر خارج عن الأذان والإقامة ، فإن أحدث ولو حدثا أكبر في أذانه استحب إتمامه ، ولا يسن قطعه ليتطهر لئلا يوهم التلاعب ، فإن تطهر ولم يطل زمنه بنى على أذانه والاستئناف أولى


حاشية الشبراملسي

( قوله : ويكره الأذان للمحدث إلخ ) أي بخلاف غيرهما من الأذكار لا يكره للمحدث لأن القرآن الذي هو أفضل الأذكار لا يكره له فبقية الأذكار بالأولى . قال في التبيان : فصل ويستحب أن يقرأ وهو على طهارة فإن قرأ محدثا جاز بإجماع المسلمين قاله الإمام الحسين . ولا يقال ارتكب مكروها بل هو تارك للأفضل انتهى . وفي العباب : ولا تكره : أي التلاوة لمحدث ، قال في شرحه : لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ مع الحدث كما صح عنه ، ولا ينافي ذلك كونها في حق المحدث خلاف الأفضل انتهى . وبين قول ذلك أن ما ذكره العباب نقله في المجموع عن الإمام والغزالي ، فعلم أنه ليس علة كراهة الأذان والإقامة للمحدث مجرد كونهما ذكرا كما توهم ، والله تعالى أعلم . وفي فتاوى السيوطي في باب الأذان : ولا يكره الذكر للمحدث بل ولا للجنب انتهى . وسيأتي أنه لا يكره [ ص: 415 ] إجابة الحائض والنفساء للمؤذن انتهى سم على حج ( قوله : وقضيته ) أي قضية قوله ولأنه يدعو إلى الصلاة ( قوله : والمراد بالمحدث من لا تباح له الصلاة ) أي فالمتيمم ليس محدثا لأنه تباح له الصلاة . وقضية التعبير بمن لا تباح له الصلاة أن فاقد الطهورين كالمتيمم وبه صرح شيخنا الزيادي ( قوله : فإن انتظره ) أي انتظروا من أقام وذهب ليتطهر شق إلخ ( قوله : وإلا ساءت به الظنون ) أي وإن لم ينتظروه بأن أقام لهم وهو محدث أو جنب ولم يصل ساءت به الظنون ( قوله : وقضية كلامه إلخ ) في كون ما ذكر قضية كلام المصنف خفاء فليتأمل . وقد يقال وجهه أن حذف المعمول في قوله والإقامة أغلظ يفيد أنها أغلظ من كل من أذان المحدث والجنب ( قوله : لكن قال الإسنوي يتجه إلخ ) ضعيف ( قوله : أشد من الجنب ) أي المتوضئ ( قوله : ولو حدثا أكبر في أذانه استحب إتمامه ) أي فلو كان الأذان في مسجد حرم المكث ووجب قطع الأذان انتهى سم على حج بالمعنى . أقول : وينبغي أن محل وجوب القطع حيث لم يتأت له فعله بلا مكث بأن لم يتأت سماع الجماعة له إلا إذا أكمله بمحله مثلا وإلا [ ص: 416 ] فيجب خروجه من المسجد ويكمل الأذان في مروره أو بباب المسجد إن أراد إكماله

حاشية المغربي

( قوله : لخبر { كرهت أن أذكر الله إلا على طهر } ) قضية الاستدلال به أن الكراهة مع الحدث من حيث كون الأذان ذكرا ، وليس كذلك ; لأن القرآن الذي هو أفضل الأذكار لا يكره مع الحدث كما بينه الشهاب سم ، ومن ثم حكم الشهاب المذكور بوهم من ادعى ذلك ، والشهاب حج استدل بخبر { لا يؤذن إلا متوضئ } ( قوله : من لا تباح له الصلاة ) فلا كراهة في أذان فاقد الطهورين كما بحثه الشهاب سم وصرح به الدميري وإن أخرجته عبارة العباب المذكورة ، لكن بحث الشهاب المذكور في محل آخر الكراهة . وينبغي أن يقال : إن كان يؤذن لنفسه فلا يكره بدليل طلب نحو السورة منه ، وإن كان أذانه لتأدية الشعار كره إلا أن يكون لمثله فتدبر ( قوله : وقضية كلامه ) أي بالنظر لما قرره هو به حيث أطلق في الأذان من قوله من الأذان وأما غيره فأضافه للضمير فقال من أذانه ، لكن يبقى النظر في المتن في حد ذاته أي المعنيين أظهر ( قوله : فتكون الكراهة معهما أشد إلخ ) مراده أذانهما بغير رفع صوت وإلا فقد مر أن أذان المرأة ، والخنثى برفعه حرام كذا حمل عليه الشهاب سم عبارة شرح الروض ، وفيه نظر إذ لا يسمى أذانا وإنما هو مجرد ذكر ، فالأولى الجواب بأنه بالنسبة للإقامة

التالي السابق


الخدمات العلمية