صفحة جزء
( إلا السكران ) وهو من زال عقله بمسكر تعديا ، وهو المراد به حيث أطلق ، وسيذكر أن مثله كل من زال عقله بما أثم به من نحو شراب أو دواء فإنه يقع طلاقه مع انتفاء تكليفه على الأصح : أي مخاطبته حال السكر لعدم فهمه الذي هو شرط التكليف ونفوذ تصرفاته له وعليه الدال عليه إجماع الصحابة رضي الله عنهم على مؤاخذته بالقذف من خطاب الوضع ، وهو ربط الأحكام بالأسباب تغليظا عليه لتعديه وألحق ماله بما عليه طردا للباب فلا يرد النائم والمجنون ، على أن خطاب الوضع قد لا يعمهما ككون القتل سببا للقصاص . والنهي في { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } لمن في أوائل النشوة لبقاء عقله فليس من محل الخلاف ، بخلاف من زال عقله سواء أصار زقا مطروحا أم لا ، ومن أطلق عليه التكليف أراد أنه بعد صحوه مكلف بقضاء ما فاته أو أنه يجري عليه أحكام المكلفين وإلا لزم صحة نحو صلاته وصومه .


حاشية الشبراملسي

( قوله : بما أثم به ) يؤخذ منه أنه لا فرق فيما ذكر بين المسلم والكافر في نفوذ تصرفه لأن الكافر مخاطب بفروع الشريعة ولا عبرة باعتقاده الحل . وإقرارنا إياه على شربه ليس لحل ذلك بل لكون الجزية مأخوذة في مقابلة كف الأذى عنهم ( قوله : الدال عليه ) أي النفوذ ( قوله : على مؤاخذته ) متعلق بإجماع ( قوله وهو ربط الأحكام ) أي وقوع الطلاق فيها بالأسباب أي التلفظ بالطلاق ( قوله : ككون القتل سببا للقصاص ) أي فالصبي والمجنون إذا قتلا لا قصاص عليهما مع أن وجوب القصاص بالقتل من خطاب الوضع : أي فحيث دخل التخصيص في شأنهما بعدم وجوب ذلك القصاص أمكن التخصيص بغيره لمعنى يقتضيه كما هنا ( قوله : النشوة ) هو بتثليث النون وبالواو بخلاف النشأة بالهمز فإنه يقال نشأ نشأة إذا حيي وربا وشب ا هـ كذا في القاموس ( قوله : أطلق عليه ) أي السكران ( قوله : نحو صلاته وصومه ) ويعلم مما مر أوائل الصلاة أنه لو اتصل جنون لم يتولد عن السكر به وقع عليه المدة التي ينتهي إليها السكران غالبا ا هـ حج

حاشية المغربي

( قوله : وهو المراد به حيث أطلق ) أي فليس المراد به من شرب المسكر مطلقا وإن لم يزل عقله ( قوله : فلا يرد النائم والمجنون إلخ ) أي فإنهما وإن تعلق بهما خطاب للوضع فيما عليهما كالإتلاف لكن لم يلحق ما لهما بما عليهما ، على أن خطاب الوضع لم يتعلق بهما في جميع ما عليهما في نحو الإتلاف خاصة كما أشار إليه بالعلاوة في كلامه ( قوله : والنهي في { لا تقربوا الصلاة } إلخ ) جواب عن سؤال مقدر تقديره كيف يقال إن السكران لا يتعلق به التكليف منه مع أنه خوطب بالنهي في الآية .

فأجاب عنه بما ذكره الذي حاصله أن المخاطب فيها ليس من محل الخلاف بل هو مكلف اتفاقا ( قوله : ومن أطلق عليه التكليف إلخ ) يشير به إلى أنه لا خلاف في الحقيقة بين الأئمة في كونه غير مكلف ، لكن هذا لا يناسب تعبيره بالأصح فيما مر الصريح في ثبوت الخلاف

التالي السابق


الخدمات العلمية