صفحة جزء
فصل في تفويض الطلاق إليها ، ومثله تفويض العتق للقن

( له تفويض طلاقها ) أي المكلفة لا غيرها ( إليها ) بالإجماع واحتجوا له أيضا { بأنه صلى الله عليه وسلم خير نساءه بين المقام معه وبين مفارقته لما نزل قوله تعالى { يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا } } [ ص: 439 ] إلى آخره فلو لم يكن لاختيارهن الفرقة أثر لم يكن لتخييرهن معنى ، والأوجه أنه لو قال لها طلقيني فقالت أنت طالق ثلاثا كان كناية إن نوى التفويض إليها وهي تطليق نفسها طلقت وإلا فلا ، ثم إن نوى مع التفويض إليها عددا وقع وإلا فواحدة وإن ثلثت كما يأتي ، ولو فوض طلاق امرأته إلى رجلين فطلق أحدهما واحدة والآخر ثلاثا فالأوجه كما قال البندنيجي في المعتمد الذي يقتضيه المذهب أنه يقع واحدة لاتفاقهما عليها واختلافهما فيما زاد فيثبت ما اتفقا عليه ويسقط ما اختلفا فيه ( وهو تمليك ) للطلاق ( في الجديد ) لأن تطليقها نفسها متضمن للقبول ( فيشترط لوقوعه تطليقها على فور ) لأن التمليك يقتضيه ، فلو أخرت بقدر ما ينقطع به القبول عن الإيجاب ثم طلقت لم يقع .

نعم لو قال طلقي نفسك فقالت كيف يكون تطليقي لنفسي ثم قالت طلقت وقع لأنه فصل يسير قاله القفال ، وظاهره اغتفار الفصل اليسير إذا كان غير أجنبي كما مثل به ، وأن الفصل بالأجنبي يضر مطلقا كسائر العقود وجرى عليه الأذرعي ، والأوجه اغتفار اليسير ولو أجنبيا كالخلع ، وفي الكفاية ما يؤيده ، ومحل ما مر ما لم يعلق بمتى شئت ، فإن علق بها لم يشترط فور وإن اقتضى التمليك اشتراطه كما جزم به في التنبيه وجرى عليه ابن المقري والأصفوني والحجازي وصاحب الأنوار ونقله في التدريب عن النص وهو المعتمد .


حاشية الشبراملسي

( فصل ) في تفويض الطلاق إليها

( قوله : في تفويض الطلاق ) أي وما يتبعه من وقوع واحدة أو أكثر ( قوله : واحتجوا له ) إنما عبر به لما قيل ليس في الآية دليل على تفويض الطلاق بل مجرد التخيير بين المقام والفراق ، فمن اختارت الفراق أنشأ طلاقها [ ص: 439 ] ومن ثم قال تعالى فتعالين الآية ( قوله : إلى آخره ) إنما قال إلخ ولم يقل الآية لكون الدليل أكثر من آية ( قوله : فقالت أنت طالق ) خرج به ما لو قالت طلقت نفسي فإنه صريح لأنها أتت بما تضمنه قوله طلقيني .

[ فرع ] في سم على حج : وكتب لها طلقي نفسك كان كناية تقويض كما هو ظاهر انتهى ( قوله : كان كناية ) أي منهما ، وقوله وهي : أي نوت ( قوله : ثم إن نوى مع التفويض إليها عددا وقع ) ظاهره أن ما نواه يقع بقولها ذلك وإن لم تنو أو ذكرت دون ما نواه فليحرر ( قوله فطلق أحدهما واحدة ) وينبغي أن صورة المسألة أنه فوض إليهما في الطلاق على أن يوقعاه معا ففعلا ذلك في زمان واحد ، أما لو أذن لكل منهما في الطلاق على انفراده فينبغي أن يقع ثنتان لأن كلا أتى بما أذن له فيه غايته أن ما زاد على الواحدة من الموقع للثلاث يلغو لعدم الإذن فيه ( قوله : في المعتمد ) اسم كتاب ( قوله : ويسقط ما اختلفا فيه ) ولا يشترط لوقوع الطلاق فور منهما لما يأتي من أن التفويض للأجنبي توكيل لا تمليك ( قوله : ثم طلقت لم يقع ) ظاهره وإن جهلت الفورية وهو ظاهر لما علل به من أن التمليك لا يؤخر ( قوله : كما جزم به ) أي عدم اشتراط الفورية في متى ( قوله : وهو المعتمد ) خلافا لحج .

حاشية المغربي

( فصل ) في تفويض الطلاق [ ص: 439 ] قوله : كان كناية ) أي منه ومنها ( قوله : ولو فوض طلاق امرأته إلى رجلين ) أي مع تفويض العدد كما هو ظاهر ، إذ لو لم تفوض لهما العدد فلا تردد في أنه لا تقع إلا واحدة بكل حال ولا يحتاج إلى بحث ( قوله : ; لأن تطليقها نفسها متضمن للقبول ) هذا مقدم من تأخير إذ هو تعليل لقوله فيشترط لوقوعه تطليقها على فور كما في التحفة وغيرها ، [ ص: 440 ] ومعنى هذا التعليل كما قاله في التحفة أن تطليقها وقع جواب التمليك فكان كقبوله وقبوله فوري

التالي السابق


الخدمات العلمية