صفحة جزء
( فصل )

في أنواع من التعليق بالحمل والولادة والحيض وغيرها

إذا ( علق ) الطلاق ( بحمل ) كأن قال إن كنت حاملا فأنت طالق ( فإن كان بها حمل ظاهر ) بأن ادعته وصدقها أو شهد به رجلان فلا تكفي شهادة النسوة به ، كما لو علق بولادتها فشهدن بها لم تطلق وإن ثبت النسب والإرث لأنه من ضروريات الولادة بخلاف الطلاق ، نعم قياس ما مر أن أول الصوم أنهن لو شهدن بذلك وحكم به ثم علق به وقع الطلاق ، ثم الأصح عندهما أنه إذا وجد ذلك ( وقع ) في الحال بوجود الشرط إذ الحمل يعامل معاملة المعلوم ، وما اعترض به من أن الأكثرين على انتظار الوضع لأن الحمل وإن علم غير متيقن رد بأن للظن المؤكد حكم اليقين في أكثر الأبواب ، وكون العصمة ثابتة بيقين غير مؤثر في ذلك لأنهم كثيرا ما يزيلونها بالظن الذي أقامه الشارع مقام اليقين ، ألا ترى أنه لو علق بالحيض وقع بمجرد رؤية الدم كما يأتي حتى لو ماتت قبل مضي يوم وليلة أجريت عليها أحكام الطلاق كما اقتضاه كلامهم وإن احتمل كونه دم فساد .

( وإلا ) بأن [ ص: 26 ] لم يظهر حمل حل له الوطء لأن الأصل عدم الحمل ، نعم يسن تركه إلى استبرائها بقرء احتياطا ( فإن ولدت لدون ستة أشهر من التعليق ) أي من آخره أخذا مما مر في أنت طالق قبل قدوم زيد بشهر ( بأن وقوعه ) لتحقق وجود الحمل حين التعليق لاستحالة حدوثه لما مر أن أقله ستة أشهر ، ومنازعة ابن الرفعة بأن الستة معتبرة لحياته لا لكماله لأن الروح تنفخ فيه بعد الأربعة كما في الخبر مردودة بأن لفظ الخبر { ثم يأمر الله الملك فينفخ فيه الروح } وثم تقتضي تراخي النفخ عن الأربعة من غير تعيين مدة له ، فأنيط بما استنبطه الفقهاء من القرآن أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ( أو ) ولدته ( لأكثر من أربع سنين ) من التعليق وطئت أولا ( أو بينهما ) يعني الستة والأربع سنين ( ووطئت ) بعد التعليق أو معه من زوج أو غيره ( وأمكن حدوثه به ) أي بذلك الوطء بأن كان بينه وبين وضعه ستة أشهر ( فلا ) طلاق فيهما للعلم بعدمه عند التعليق في الأولى ولجواز حدوثه في الثانية من الوطء مع بقاء أصل العصمة .

( وإلا ) بأن لم توطأ بعد التعليق أو وطئت وولدت لدون ستة أشهر من الوطء ( فالأصح وقوعه ) لتبين الحمل ظاهرا ولهذا ثبت نسبه منه ، وقول ابن الرفعة ينبغي الجزم بالوقوع باطنا إذا عرف أنه لم يطأها بعد الحلف مردود بأنه ظن أن التعليق على أن الحمل منه ، وليس كذلك بل على مطلقه منه أو من غيره ، وعلم مما قررناه أن الستة ملحقة بما فوقها والأربع بما دونها كما مر في الوصايا . والثاني لا يقع لاحتمال حدوث الحمل بعد التعليق باستدخال منيه ولأن الأصل بقاء النكاح ، ولو وطئها وبانت حاملا فهو شبهة يجب به المهر لا الحد وإن كان بعد استبرائها وهو قبل التعليق كاف ، فإن قال إن كنت حاملا فأنت طالق أو إن لم تكوني حاملا فأنت طالق وهي [ ص: 27 ] ممن تحمل حرم وطؤها قبل الاستبراء ، وهو موجب للطلاق ظاهرا فتحسب الحيضة أو الشهر من العدة لا أن استبرائها قبل التعليق ، فإن ولدت ولو بعد الاستبراء فالحكم في تبين الطلاق وعدمه بعكس ما سبق ، فلو وطئها وبانت مطلقة منه لزمه المهر لا الحد ، فإن كانت صغيرة أو آيسة طلقت حالا ، ولو قال إن أحبلتك فأنت طالق فالتعليق بما يحدث من الحمل فكلما وطئها وجب استبراؤها ، وقول الإسنوي بعدم وجوبه مردود بأن الوطء هنا سبب ظاهر في حصول الصفة المعلق عليها الطلاق ، أو قال إن لم تحبلي فأنت طالق لم تطلق حتى تيأس كما قاله الروياني .


حاشية الشبراملسي

( فصل ) في أنواع من التعليق بالحمل والولادة ( قوله : وغيرها ) كالتعليق بالمشيئة وبفعله أو فعل غيره ( قوله : كأن قال إن كنت حاملا ) .

[ فرع ] لو علق بالحمل وكانت حاملا بغير آدمي ففيه نظر ، والوجه الوقوع لأن الحمل عند الإطلاق يشمل غير الآدمي ا هـ سم . وينبغي أن يرجع لأهل الخبرة في معرفة أصل الحمل ومقداره ، فإن ولدت لأقل ما هو معتاد عندهم طلقت وإلا فلا ( قوله : فلا تكفي شهادة النسوة ) أي ولو أربعا ( قوله : لأنه ) أي ثبوت النسب والإرث ( قوله : لو شهدن بذلك ) أي الحمل ( قوله : وقع في الحال ) أي ظاهرا ، فلو تحققت انتفاء الحمل بأن مضى أربع سنين من التعليق ولم تلد تبين عدم وقوعه كما لو علق بالحيض فرأت الدم فإنه يحكم بوقوع الطلاق ، وإذا انقطع قبل يوم وليلة تبين عدم وقوعه ، وعلى هذا فلو ادعت الإجهاض قبل مضي الأربع هل تقبل ويحكم استمرار وقوع الطلاق لأنه وقع ظاهرا مع احتمال ما ادعته أو لا لأن الأصل عدم إجهاضها والعصمة محققة ، وإنما كنا أوقعنا الطلاق نظرا للظاهر . فيه نظر ، والأقرب الثاني لما سبق من التعليل ( قوله : بأن للظن المؤكد ) أي بأن استند [ ص: 26 ] إلى شيء ( قوله : فإن ولدت لدون ستة أشهر إلخ ) .

( فرع ) هل تشمل الولادة خروج الولد من غير الطريق المعتاد لخروجه كما لو شق فخرج الولد من الشق أو خرج الولد من فمها ؟ فيه نظر ، ويتجه الشمول عند الإطلاق لأن المقصود من الولادة انفصال الولد فليتأمل ا هـ سم . ولو قيل بعدم الوقوع لانصراف الولادة لغة وعرفا لخروج الولد من طريقه المعتاد لم يبعد ( قوله : أي من آخره ) وإنما لم يعتبر هنا آخر أوقات إمكان اجتماعه بها لأن التعليق ليس على الحمل منه بل عليه مطلقا فلم يعتبر ما قبل الآخر لاحتمال أنها وطئت بشبهة أو استدخلت ماءه فيما قبل فراغ التعليق ( قوله وعلم مما قررناه ) أي في قوله أي الستة والأربع سنين ( قوله : يجب به المهر لا الحد ) وكذا الحكم في كل موضع قيل فيه بعدم وقوع الطلاق ظاهرا من أنه يجوز له الوطء وإذا تبين وقوع الطلاق بعد فهو وطء شبهة يجب له المهر لا الحد ، وكذا لو حرم الوطء [ ص: 27 ] للتردد في الوقوع كما لو قال إن كنت حاملا فأنت طالق إذا وطئ ثم تبين الوقوع يجب المهر لا الحد للشبهة ، وقوله وهو : أي الاستبراء ( قوله حرم وطؤها ) أي لأن الأصل عدم الحمل ( قوله : قبل التعليق ) أي فلا يجب الاستبراء بقرء ( قوله : بعكس ما سبق ) أي في قول المصنف فإن ولدت لدون إلخ ( قوله : لزمه المهر لا الحد ) أي ولكنه يعزر إن وطئ قبل الاستبراء عالما بتحريمه ( قوله : بعدم وجوبه ) أي الاستبراء ( قوله : كما قاله الروياني ) أي ما لم يرد الفور كسنة أو تقم قرينة على إرادته وإلا فيقع عند فوات ما أراده أو دلت القرينة عليه .

حاشية المغربي

[ ص: 25 ] فصل ) في أنواع من التعليق بالحمل والولادة والحيض

( قوله : ; لأنه من ضروريات الولادة ) أي لأن ذلك المذكور ( قوله : ثم الأصح عندهما إلخ . ) يلزم من الدخول بهذا على المتن ضياع جواب الشرط في كلام المصنف ( قوله : أنه إذا وجد ذلك ) أي التصديق أو شهادة الرجلين ( قوله : وإن علم ) أي غلب على الظن بدليل ما يأتي بعده [ ص: 26 ] قوله : ومنازعة ابن الرفعة إلخ . ) عبارة شرح الروض : ونازع ابن الرفعة فيما إذا ولدته لدون ستة أشهر مع قيام الوطء وقال : إن كمال الولد ونفخ الروح فيه يكون بعد أربعة أشهر كما شهد به الخبر فإذا أتت لخمسة أشهر مثلا احتمل العلوق به بعد التعليق .

قال : والستة أشهر معتبرة لحياة الولد غالبا ( قوله : مردودة بأن لفظ الخبر إلخ . ) وأجاب في شرح الروض أيضا بأن المراد بالولد في قولهم أو ولدته الولد التام ( قوله : أي : الستة والأربع سنين ) المناسب لطريقته الآتية من إلحاق الأربع سنين بما دونها أن يبقى المتن على ظاهره من مرجع الضمير بأن يقول : أي الستة والأكثر من الأربع وقد تبع في هذا الحل الشهاب حج لكن ذاك إنما عدل إليه عن ظاهر المتن ليتمشى على طريقته من إلحاق الأربع بما فوقها كما نبه هو عليه ( قوله : وعلم مما قررناه إلخ . ) قد علمت أن الذي علم من تقريره إنما هو إلحاق الأربع بما فوقها لا بما دونها ( قوله : منيه ) يعني : الزوج أو غيره كما علم مما ذكره قريبا وكان الأوضح تنكير المني ( قوله : وإن كان بعد استبرائها ) المناسب في الغاية وإن كان قبل استبرائها إن كان غاية لكون الوطء شبهة لا توجب الحد ، فإن كان غاية للمهر فقط فالمناسب ما ذكره الشارح ( قوله : وهو قبل التعليق كاف ) كان عليه أن يمهد قبله بذكر ندب [ ص: 27 ] الاستبراء وقد تقدم في كلامه ( قوله : وهو موجب إلخ . ) الضمير فيه للاستبراء ( قوله : فلو وطئها وبانت مطلقة منه لزمه المهر لا الحد ) شمل كلامه ما لو كان الوطء قبل الاستبراء مع الحكم أو بعده ، وبه صرح في شرح الروض والحكم بعدم الحد فيما إذا كان الوطء بعد الاستبراء مع الحكم بوقوع الطلاق حينئذ لا يخلو عن إشكال ( قوله : حتى تيأس ) انظر هل المراد تبلغ سن اليأس أو المراد يحصل اليأس بنحو الموت

التالي السابق


الخدمات العلمية