صفحة جزء
[ ص: 57 ] كتاب الرجعة هي بفتح الراء أفصح من كسرها عند الجوهري ، والكسر أكثر عند الأزهري . لغة : المرة من الرجوع ، وشرعا : رد المرأة إلى النكاح من طلاق غير بائن في العدة على وجه مخصوص . والأصل فيها الكتاب والسنة وإجماع الأمة . وأركانها : محل وصيغة ومرتجع ( شرط المرتجع أهلية النكاح ) لأنها كإنشائه فلا تصح من مكره للخبر المار ومرتد لأن مقصودها الحل والردة تنافيه ( بنفسه ) فلا تصح من صبي ومجنون لنقصهما ، وتصح من سفيه ومفلس وسكران وعبد وإن لم يأذن ولي وسيد تغليبا لكونها استدامة وذكر الصبي وقع في الدقائق ، واستشكل بأنه لا يتصور وقوع طلاق عليه . ويجاب بحمله على فسخ صدر عليه وقلنا إنه طلاق أو على ما لو حكم حنبلي بصحة طلاقه على أنه لا يلزم من نفي الشيء إمكانه فالاستشكال غفلة عن ذلك ، وإنما صحت رجعة محرم ومطلق أمة معه حرة لأن كلا أهل للنكاح بنفسه في الجملة وإنما منع مانع عرض له ، ولم يصح كما يأتي رجعة مطلق إحدى زوجتيه مبهما ، ومثله كما هو واضح ما لو كانت معينة ثم نسيها مع أهليته للنكاح لوجود مانع لذلك هو الإبهام ، ولو شك في طلاق فراجع احتياطا ثم بان وقوعه أجزأته تلك الرجعة اعتبارا بما في نفس الأمر كما يأتي [ ص: 58 ] قال الزركشي : ولو عتقت الرجعية تحت عبد كان له الرجعة قبل اختيارها .


حاشية الشبراملسي

[ ص: 57 ] كتاب الرجعة ( قوله : والكسر أكثر ) أي في الاستعمال وإلا فالقياس الفتح لأنها اسم للمرة ، وهي بالفتح . وأما التي بالكسر فاسم للهيئة ( قوله : وعلى وجه مخصوص ) أي ومنه أن لا يستوفي عدد طلاقها وأن تكون معينة محلا لحل ، بخلاف المبهمة والمرتدة ( قوله : فلا تصح من مكره للخبر المار ) أي في كتاب الطلاق ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام { لا طلاق في إغلاق } أي إكراه رواه أبو داود والحاكم وصحح إسناده على شرط مسلم ( قوله : ومرتد ) أي وإن أسلم بعد ( قوله : وسكران ) أي معتد . وأما غيره فأقواله كلها لاغية ( قوله : وإن لم يأذن ولي ) أي في السفيه ، وقوله وسيد أي في العبد ( قوله : وقلنا إنه طلاق ) على المرجوح ( قوله : بصحة طلاقه ) قال سم على منهج : وانظر إذا طلق الصبي وحكم الحنبلي بصحة طلاقه ، هل لوليه الرجعة حيث يزوجه كما هو قياس المجنون ا هـ ؟ أقول : الظاهر أن له الرجعة قياسا على ابتداء النكاح وإن كان بائنا عند الحنبلي ، لأن الحكم بالصحة لا يستلزم التعدي إلى ما يترتب عليها ، فإن كان حكم بصحته وبموجبه ، وكان من موجبه عنده امتناع الرجعة وأن حكمه بالموجب يتناولها احتاج في ردها إلى عقد جديد .

( قوله : إمكانه ) أي فإنه قد يكون مستحيلا كقولك هذا الميت لا يتكلم مثلا ( قوله : وإنما منع مانع ) وهو الإحرام ووجود الحرة تحته ( قوله : اعتبارا بما في نفس الأمر ) وإنما لم يكتف بالوضوء فيمن شك ثم بان حدثه لأنه لم يكن ثم جازما بالنية والعبادات يعتبر لصحتها ما في نفس الأمر مع ظن المكلف لئلا [ ص: 58 ] يكون مترددا في النية ( قوله : كان له الرجعة ) أي ولا يسقط خيارها بتأخير الفسخ لعذرها في أنها إنما أخرت رجاء البينونة بانقضاء العدة ( قوله : قبل اختيارها ) أي الفسخ

حاشية المغربي

[ ص: 57 ] كتاب الرجعة ( قوله ; لأن كلا أهل للنكاح بنفسه في الجملة ) يعكر عليه ما قدمه في المكره ، فلو علل بتغليب الاستدامة كما [ ص: 58 ] في شرح الروض لكان واضحا

التالي السابق


الخدمات العلمية